عيادات سرية لمعالجة جرحى الثورة البحرينية

2012-05-26 - 9:31 ص


كريم فيهم، نيويورك تايمز

ترجمة: مرآة البحرين


من المنامة: ثلاثة شبان ممدين على بساط غرفة في أحد البيوت يئنون ألما بسبب إصابتهم بقطع طلق صيد الطيور (الشوزن) الغائرة في جباههم وخدودهم وتحت جفن إحدى العينين.
الاحتجاجات الليلية في البحرين فرضت ضريبتها التي لا يستهان بها.

بعض الأصدقاء يسحبون رجالاً من أحد مواقع الاشتباكات مع شرطة الشغب إلى منزل قريب آمن - لكن ليس إلى المستشفى بالطبع - يروون لنا قصة المعاناة التي يتعرضون لها. قال متظاهر :"لا أحد سيذهب للمستشفى".

وعوضا عن ذلك توجه الرجال إلى أحد المنازل من بين العشرات المنتشرة في البلد الجزيرة، حيث تنمو شبكة سرية من مزودي الرعاية الصحية: أطباء ومسعفين أو أشخاص عاديين من عامة الناس من غير خبرة طبية تماماً، ينتظرون كل يوم ضحايا الاحتجاجات. المنازل ليست مستشفيات ميدانية، ولكنها غرف جلوس، مزودة غالباً ليس بأكثر من الضمادات والشاش الطبي.

بالنسبة للمحتجين المصابين حلت المنازل مكان أكبر مستشفى عام في البلاد، مجمع السلمانية الطبي، والذى كان موقعا أساسيا في الصراع بين الملكية الحاكمة في البحرين ومناوئيها منذ بدء الانتفاضة الشعبية في شباط/فبراير 2011. يقول بعض النشطاء إن ذلك بسبب التواجد الأمني الكثيف في المستشفى، والمحتجون – أو الناس تخشى أن تتهم بانتمائها للمعارضة – يخشون الذهاب إلى هناك لمدة تزيد عن السنة حتى الآن. ذلك التردد، حسب ما يقول المسؤولون الرسميون والناشطون، ربما يكون السبب لعدة وفيات.

في الربيع الماضي، أصبح المستشفى رمزاً لقمع الدولة، حيث قامت الحكومة بإلقاء القبض على – وفي بعض الحالات تعذيب – المحتجين، والأطباء، والممرضين والممرضات لمشاركتهم في الانتفاضة. وحين تستمر مشاكل البحرين، أصبح مستشفى السلمانية يمثل الركود السياسي الخطر في البلاد، والذي يتسم بالانشقاق المتزايد بين الأغلبية الشيعية في البلاد، والتي تشكو لفترة طويلة من التمييز، وبين النخبة السنية الحاكمة.

تواصل السلطات محاكمة الأطباء الشيعة الذين كانوا يعملون في المستشفى بتهم من بينها محاولة قلب نظام الحكم، ويقول الأطباء بأن توقيفهم تطهير للشيعة، وإحلال للسنة الموالين للسلطة محلهم.

في تقرير حديث لمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان قالت فيه إن إحدى المشاكل الحالية في مجمع السلمانية الطبي هو سلوك قوات الأمن في المستشفى وعند بواباته. الناس، الذين أجرت المنظمة مقابلات معهم، قالوا إن الحراس يوقفون السيارات ويحققون مع ركابها. يسألونهم من أي قرية؟ كطريقة لمعرفة ما إذا كانوا شيعة أم سنة.

المصابون، بما فيهم أولئك الذين من المحتمل أن تكون إصاباتهم ناتجة عن عبوات الغاز المسيل للدموع، يتم إحضارهم للداخل لمزيد من التحقيق. التقرير يقول المدير التنفيذي للمستشفى د.وليد المانع، إنه قد حث وزارة الداخلية، والتي تشرف على الأمن في السلمانية، بالكف عن تلك الممارسة

امرأة تبلغ من العمر 27عاما قالت إنه الخوف من دخول المستشفى، والذي تقول إنه تمت عسكرته، هو الذي دفعها إلى الانخراط في دورة للإسعافات الأولية لمساعدة المحتجين في قريتها وفي القرى الأخرى.  المرأة التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها خوفاً من الانتقام، قالت إن الدورة أقيمت في مركز شيعي على مدى أربعة أيام، وتولى تقديمها طبيب تم اعتقاله من مستشفى السلمانية في الربيع. 37 مشاركاً آخرين حضروا الدورة، بمن فيهم عدة جدات، وأضافت، المئات من الناس قد أخذوا تلك الدورة.

حالياً، تنتقل تلك المرأة بالمستلزمات الطبية في حقيبتها اليدوية إلى مسيرات المعارضة الرئيسة والمرخصة من قبل الحكومة، وكذلك إلى المسيرات الأكثر انتظاما، وغير المرخصة، والتي يتواجه فيها الشباب المحتجون مع الشرطة. المسعفون يعالجون الحروق الناتجة عن الأجهزة الحارقة والتي يلقيها بعض المحتجين ويضمدون الجروح التي تسببها عبوات الغاز المسيل للدموع وطلق صيد الطيور (الشوزن) والتي تطلقها عليهم الشرطة.

تقول: "إنه عمل مخيف"، وتضيف: "لكنني تعودت عليه". "لقد أصبح مألوفاً"، قالت ذلك المرأة في مقابلة في منزل خاص. "لا يمر يوم أو يومان بدون أن نرى إصابات".

امرأة عمرها 23 عاما، اسمها زينب، جاءت لعلاج جرح في ساعدها، أصيبت به، حسب ما تقول، عندما أطلق عليها رجل شرطة عبوة غاز مسيل للدموع من مسافة عدة أقدام عندما كانت تقوم بتصوير تظاهرة.

ذهبت إلى السلمانية وكذبت عليهم وقالت إنها سقطت من السلم. تقول إن عملية أجربت لساعدها قد فشلت. والآن يقوم المسعفون سراً برعايتها حتى يمكن لها أن تجري عملية أخرى.

في كانون الثاني/يناير أرسلت الحكومة توجيهاً إلى المستشفيات والعيادات الخاصة والذي لا يتطلب منهم فقط الإبلاغ عن الأنشطة المشتبه في كونها إجرامية، بل أيضاً عن "الحوادث بقطع النظر عن أسبابها"، حسب تقرير أطباء من أجل حقوق الإنسان. أحد الأطباء أخبر المنظمة بأن بعض المستشفيات الخاصة قد كفت عن علاج المتظاهرين، وهو قد كف عن كتابة أسباب الإصابات في تقارير المرضى الطبية.

القانون، حسب ما يكتب التقرير، لا يخضع احتياجات المرضى لأهداف الدولة فحسب، بل إنه يبث الخوف بين السكان.الطبيب غسان ضيف، والذي يعمل الآن في مستشفى خاص، قام الأسبوع الماضي بعلاج رجل قد كسر فكه أثناء مواجهات مع الشرطة. ذلك المساء، قامت قوات أمن الحكومة باستجواب المريض، وفي اليوم التالي، الرجل المصاب، وخوفا من الاعتقال، قام بتسجيل خروجه من المستشفى.

يقول ( ضيف) الذي كان ضمن عشرات من الأطباء الذين اعتقلوا من السلمانية: بسبب الإقالات يتلقى بعض المرضى عناية أقل من المستوى المطلوب. "لقد رأيت جروحا مروعة، تمت خياطتها بشكل رديء"، وأضاف: "لقد دمروا الخدمات الطبية في البلاد كلها".

يقول زميله السابق، الطبيب جاسم المهزع، والذي لا زال يرأس قسم الطوارئ في السلمانية: إن المستشفى في الماضي كان يعاني من نقص الموظفين في بعض التخصصات، ولكنه قام بتوظيف أطباء جدد. وقد قال في مقابلة، بأن عددا كبيراً من المتظاهرين تم علاجهم في المستشفى وغادروا بدون أن يتم استجوابهم. ضباط الأمن، حسب قوله: "لم يمنعوا قط المرضى من دخول غرفة الطوارئ". "وجود قوات الأمن، نشعر، أنه ضروري"، قال ذلك، "إنه رد فعل لما حدث السنة الماضية".

21 أيار/مايو 2012
رابط المقال الأصلي




 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus