هل الانتفاضة في البحرين برعاية إيرانية؟

2012-05-30 - 7:17 ص


 مايكل روبن، تعليق
ترجمة: مرآة البحرين

البحرين هو بلد مهم استراتيجيا وبلد متنوع بشكل لا يصدق، ليس فقط عرقيا ( بوجود العرب وأولئك الذين هم من أصل فارسي، ناهيك عن الآسيويين والفلبينيين إذا شملنا العاملين المغتربين)، ولكن أيضا دينيا: فالغالبية هم من المسلمين الشيعة، وأغلبية الطبقة الحاكمة والنخبة هم من المسلمين السنة، وهناك أيضا عدد من العوائل المسيحية واليهودية، والأخيرة في معظمها من أصل عراقي منذ قرون. فالسفيرة البحرينية لدى الولايات المتحدة يهودي.

ولأن معظم المعارضة شيعية، فهناك قلق في الدوائر السياسية الأمريكية وبين العديد من الصحفيين أن تكون هناك يد إيرانية خفية تسيطر على المعارضة البحرينية. وهذا يترجم القلق من أن أي إصلاح حقيقي سيكون فاتحة لفترة من الهيمنة الإيرانية.

ولكن هذه القضية ليست دقيقة. فعندما أخلى البريطانييون المنطقة، توسطت الأمم المتحدة لإجراء استفتاء  لمستقبل البحرين، وكان خيار الأغلبية الساحقة من السنة والشيعة، الاستقلال بدل الدمج مع إيران. وبالتأكيد الإيرانيين - الذين يرون أكثر الخليج العربي إلى جانب أفغانستان والعراق والقوقاز كبلاد قريبة منها- لم يتخلوا أبدا عن ادعائهم. ففي عام 2007،  كتب حسين شريعتمداري، الذي عينه المرشد الأعلى لإيران لتحرير صحيفة كيهان والتي بالتالي يتم قراءتها من قبل الكثير من المحللين الإيرانيين كصوت وكيل المرشد الأعلى، كتب افتتاحية تأكد مزاعم إيران للسيطرة على البحرين.

أن معظم الشيعة في البحرين هم عرب وليسوا فرساً، والاختلافات العرقية لها دورها. فالقليل من العرب من يحب أن يعيش تحت السيطرة الفارسية بغض النظر عن الطائفة. ومن هنا جاءت المقولة في جنوب العراق: "اكسر عظام الفارسي يطلع منها ... (غائط)". ولذلك كان صدام حسين في بعض الأحيان نعمة بالنسبة للإيرانيين. لان قمع صدام للشيعة العراقيين ورقابته المشددة على مدينة النجف الأشرف، حول دراسة العديد من الطلبة الدينيين في البحرين منذ بدايات 1970 من النجف الأشرف إلى مدينة قم وما زالوا حتى اليوم، حيث يمكن للإيرانيين الدعوة إلى فكرة آية الله الخميني في ولاية الفقيه. ولكن ليس لمجرد أن يدرس المرء شيئا ما يعني أنه يؤمن به. وقد تعرض العديد من الشيعة البحرينيين للنفوذ الإيراني أثناء زيارة الأماكن المقدسة، ومعظمها كانت إلى مشهد وأيضا لمدينة قم.

ولكن هذه العلاقات ليست كافية لاستنتاج التأثير السياسي. فالمشهد الشيعي في البحرين معقد.  تقليديا، فالعديد من الشيعة في البحرين يتطلعون إلى آية الله علي السيستاني في توجهاتهم الدينية، والبعض الآخر ينظر وبشكل متزايد إلى آية الله خامنئي. ولعل لمحمد حسين فضل الله، الزعيم الروحي الأقرب لحزب الله اللبناني أيضا أتباع في البحرين. ولما توفي في عام 2010، وجب،نظريا، على الشيعة أن يتبعوا مصدرا حيا في التقليد، وما زال مكتب فضل الله يحتفظ بالوكيل الذي يجمع الضرائب الدينية. وهناك مجموعات أخرى تتطلع أكثر نحو آية الله الشيرازي والمدرسي.

الحكومة الإيرانية تكتسب ميزة كبيرة من خلال وسائل إعلامها. فأغلب الذين تحدثت إليهم كسائقي التكاسي، ورجال الأعمال، والناشطين، يقولون إنهم يستمعون إلى قناة العالم الإيرانية الناطقة باللغة العربية للحصول على الأخبار، وعندما يتم التشويش عليها تكون قناتا برس تي في وسحر ذات مشاهدة قوية أيضا. المسؤولون في الحكومة يعرفون أيضا شعبية  هذه القنوات. وهنا أيضا مثال آخر على فشل إذاعة صوت أمريكا (ولنفس المسألة أيضا قناة بي بي سي ) والتي لم تغط أغلب أحداث البحرين أو جميعها تقريبا. البحرينيون، رغم ذلك، محنكون، فعلى الرغم من أنهم قد يستمعون إلى القنوات الإيرانية للحصول على الأخبار، فلا يتم غسل أدمغتهم بسهولة. فهم يعرفون بأن القنوات الإيرانية منحازة (غير محايدة) وبشكل كبير بالنسبة لأخبار سوريا، وكما أخبرني أحد سائقي التاكسي "كانحياز إذاعة صوت أمريكا ضد البحرين". وما زالت، إذاعة صوت أمريكا تخسر الولايات المتحدة معركة موجات الأثير.

خلال فترة وجودي في العراق، كان النفوذ الإيراني واضحا حتى وإن لم يصدق ذلك مبدئيا الكثير في سلطة التحالف المؤقتة، ووزارة الخارجية، بل ووسائل الإعلام أيضا. البحرين لا تشعر بذلك بشكل مواز. فليس هناك إعلام لحزب الله، ولا صور للخامنئي أو الخميني. وهذا يعني أني لم أر علامات مثيرة للقلق. وبينما كنت أتجول في متجر للكتب الدينية قرب المنامة القديمة، وجدت ملصقات للبيع ليس فقط لعيسى قاسم، الرجل الدين القائد في البحرين، ولكن أيضا للخامنئي، وحسن نصر الله، والأكثر إثارة للقلق، عماد مغنية، العقل المدبر لهجوم 2003 على ثكنات المارينز في بيروت. ووجد زميلي واحدا من الأقراص المضغوطة التي تحتوي على الخطب مع زعيم في الوفاق علي عبد الصمد والتي تنتجها محطة المنار التابعة لحزب الله [هذه الجملة غير مفهومة]. وفي حين أن العديد من البحرينيين يرفضون اتباع عيسى قاسم في مفهوم الخامنئي في ولاية الفقيه، فان الأميركيين والبحرينيين لا يستطيعون أن ينسوا أن الخميني أقسم قبيل الثورة الاسلامية في إيران أن ليس لديه مصلحة شخصية في الحكم، ولقد قبل الكثير من البلهاء النافعين في كل من إيران و الولايات المتحدة تصريحاته في ظاهرها.

وأشار ناشطون شيعة بأني قد زرت متجرا استثنائيا خارجا عن القاعدة[المتجر الذي زاره في المنامة]، وأني لم استطلع المتاجر الأخرى في القرى، ليس لدي وسيلة للمعرفة. على أمل ان تقوم السفارة الأمريكية بمثل هكذا مسح ولكن، مرة أخرى، أن لا يكون هناك  اتصال مع الدبلوماسيين الأميركيين، فأنا ببساطة لا أعرف.

والأهم من ذلك، فان التحقيق الذي أجرته الحكومة البحرينية في انتفاضة العام الماضي يبين عدم تورط إيراني فيها بخلاف انتفاضة 1981 على سبيل المثال. ولكن لمجرد أن الإيرانيين لم يثيروا التمرد فهذا لا يعني أنهم لا يحاولون سرقته. ويتوقع أن يلقى خامنئي بنفسه خطبة صلاة الجمعة في طهران (غدا)، وهذا نادر تقريبا، وأن يتحدث عن البحرين. ويشير الكثير من الشيعة بأنهم يعتقدون أن أمريكا تدعم الحكومة ويشير البعض الآخر بأنهم يتقبلون المساعدة من حيث يمكنهم الحصول عليها. ولكن التصور أن عدوانية السعودية في البحرين تجعل الشيعة المحليين عرضة للنفوذ الإيراني.

فالمسيرات التي أحاطت بالذكرى السنوية لاحتجاجات اللؤلؤة ستخبرنا، وبصرف النظر عن القنابل الحارقة- التي هي فتاكة إلى حد كبير – ان أكثر الشيعة في البحرين لم يكونوا مسلحين، أو على الأقل، لم تكن لديهم بنادق. البحرين عبارة عن جزيرة، وبالتالي فإن لدى الحكومة  قدرة أكبر على وقف تدفق الأسلحة غير المشروعة. وسعى الكثير من الشيعة أيضا إلى تبني اللاعنف، وبدرجات متفاوتة من النجاح. ومع ذلك، اذا كان هناك الكثير من العنف في 14 شباط \  فبراير، فان الكثير من الشيعة قد يكونون أكثر استعدادا لتسليح أنفسهم بطريقة من شأنها أن تضر بالجميع ما عدا، ربما، إيران.

وهذا يدل على أن المال يمكن أن يقود التمرد ويوقد الثورات. فقادة فيلق الحرس الثوري الإسلامي لم يجعلوا منها سرا، فهم يرون بأن يكون تصدير الثورة ظاهرة عسكرية وليس مسألة قوة ناعمة، كما يدعى  بعض من يسمون بالإصلاحيين في الجمهورية الإسلامية. ليس من الممكن للمراقب الخارجي معرفة التمويل السري، وهذا المجهول هو ببساطة كبير جدا لاستخلاص استنتاجات قاطعة من دون مزيد من المعلومات. ومع ذلك، فان اضطرابات من هذا الحجم لا يمكن أن توجد من دون مظالم حقيقية، ولذا فإن السؤال المطروح بالنسبة لواضعي السياسات الأمريكية هو ما إذا كان يمكن معالجة هذه المظالم قبل أن يتم دفع  المجتمع الشيعي البحريني إلى المعسكر الإيراني، أو قبل تدخل سعودي أكبر و/ أو اتحاد، الذي يجلب معه مجموعة كاملة من المشاكل الأخرى.

2 شباط/فبراير 2012
رابط النص الأصلي

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus