(أبوديب) من سجن جو المركزي في رسالة إلى ملك البحرين: إما تنتصر للشعب أو ينتصر عليك

2012-06-07 - 8:13 ص





مرآة البحرين (خاص): وجه نقيب المعلمين الأستاذ مهدي أبو ديب خطابا إلى ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة ناصحاً إيها  بين أن يكون الحاكم الذي "انتصر لشعبه" أو الحاكم الذي "انتصر على شعبه" قبل أن تكون "الحاكم الذي انتصر عليه شعبه"

ودعا أبوديب من داخل سجن (جو المركزي) العاهل إلى اتخاذ خطوات إصلاحية لحل الأزمة دون تأخير، محذرا إياه "لن يفيدك الاستقواء بالخارج ولا تأليب طائفة ضد طائفة ولا الاستعانة بالمرتزقة وشذاذ الآفاق".

ونبّه أبوديب الملك إلى أن محاولات الإصلاح غير الجادة لن تفيد، متابعا "أتيت بما أسميته "اللجنة الملكية لتقصي الحقائق" تجنباً لإرسال الأمم المتحدة لجان تقصٍ تفضح الممارسات الجائرة التي تعرض لها الشعب في ما أسميتموه بفترة السلامة الوطنية".

وقال أبوديب المحكوم بعشر سنوات للملك "نحن رهائن" موضحا "نحن هنا طالما تُريد أنت بقاءنا في الأسر تُساوم المعارضة والشعب على إطلاق سراحنا"... وهذا نص الرسالة التي تنفرد المرآة بنشرها:

 
إلى الملك حمد بن عيسى،

أكتب لك نصحاً فإن "الدين النصيحة" التي لا أريد منها سوى الإصلاح وهو إصلاح حقيقي لا وعود إصلاح التي وعدتم بها الشعب دون أن يرى منها الشعب شيئاً. الإصلاح الحقيقي الذي يجنب بلدنا العزيز الظلم والجور والتمييز ونهب الثروات (إنني أطالبك أولاً بالمملكة الدستورية التي طالبت بها فحصلت أنت على الملكية و لم يحصل الشعب على الدستورية)

لقد ضاقت صدورنا -نحن الشعب- بما عشناه من تردٍ في أوضاعنا المعيشية وحقوقنا الدستورية وحرياتنا السياسية، فخرجنا مطالبين بإصلاح صادقين مخلصين، بكل الرقي  السلمية والحضارية التي لم يشهد لها العالم مثيلاً حتى الساعة. فماذا فعلتم أنتم؟ بطشتم بمن يفترض بهم أن يكونوا شعبكم فهل ـ فعلاً- تعتبرنا شعبكم؟

أعلنتم (فترة السلامة الوطنية) وكانت فترة (للندامة) استبيحت فيها الحُرمات وهُتكت الأعراض وسُفكت فيها الدماء وهُدمت المساجد وكُسرت المآتم وهُدمت البيوت واسُتحلت المحارم تحت أعينكم وبمباركتكم، قُتل من قُتل وجُرح من جُرح وسُجن من سُجن، لم توقِروا طفلاً رضيعاً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة ولا شاباً. فإن قلتم إنكم لستم مسئوليين عن هذا كله فلن تستطيعوا إنكار معرفتكم بحدوثه، فماذا فعلتم لإيقاف نزف هذا الشعب المظلوم، وفي كل الأحوال فإنك أنت المسئول أمامنا وأمام الله عن كل ما حدث ويحدث في مملكتك، أليس كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته؟

 
مسرحيات الإصلاح

أردتم تبرئة ساحتكم بعد أن انتقدكم العالم بأسره فافتعلتم مسرحية "الحوار الوطني: وهو لغرابته وسذاجة إخراجه وفقر ما خرج به، أقل من أن أناقشه معك.

وأتيت بما أسميته في البداية "اللجنة الملكية لتقصي الحقائق" تجنباً لإرسال الأمم المتحدة لجان تقصٍ تفضح الممارسات الجائرة التي تعرض لها الشعب في ما أسميتموه بفترة السلامة الوطنية، أي أنكم أخذتم بمبدأ (بيدي لا بيد عمرو)، اخترتم شخصيات اللجنة، وبدأت عملها الذي رافقته الشكوك والانسحابات وشابته الشوائب، وخرجت -رُغم ذلك- نتائج اللجنة لتدين ممارساتكم وتبرز الكثير من المظالم التي تعرض لها الشعب، ولم تتمكن كل المجاملات التي احتوى عليها التقرير من تخفيف وطأة إدانة ما قامت به قوات جيشك وداخليتك، فماذا فعلت؟ شكلت لجنة لتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق. أجمع العالم على أنها لم تحقق من التوصيات شيئاً يذكر، وأعلنتم أنتم وأبواقكم أن اللجنة المنفذة نجحت في تنفيذ التوصيات.

 
لقد سبق لي مراراً و تكراراً القول "إننا رهائن" وهكذا نحن، فنحن لم نُسجن لأننا مجرمون ولن يُطلق سراحنا، لآن قضاتكم سيكتشفون فجأة أننا أبرياء!! سنبقى طالما تُريد أنت بقاءنا في الأسر، تُساوم المعارضة والشعب على إطلاق سراحنا، فإذا ما وصلت مع المعارضة إلى ما تعتقد بأنه يحل مشاكلك ويحفظ لك مكتسباتك أمرت بإطلاق سراحنا، ولكن فلتعلم" أن أبواب سجننا ستُفتح بأمر الله ومشيئته لا بمشيئة أحد من عباده مهما علا شأنه أو صغر، وأننا لا نسمح لأحد أن يساوم على مطالب شعبنا، وأن كل لحظة تمر علينا في سجننا تطيل من وقوفك بين يدي الله عز وجل ما شاء الله من السنين، فاختر لنفسك ما تختار.

هل نحن مذنبون؟

إن كان ذنبنا أننا طالبنا بحقوقنا في حياة كريمة حرة شريفة؟ نعم أنا أقولها عن نفسي وعن الجميع "نحن مذنبون"، إن كان ذنبنا أننا طالبنا أن نكون مواطنين في وطننا دون تمييز على أسسٍ عرقيةٍ أو دينيةٍ أو طائفيةٍ أو قبليةٍ أو عشائريةٍ أو أسريةٍ أو طبقيةً؟ "نحن مذنبون"، إن كان ذنبنا أننا طالبنا بالعدل والمساواة "نحن مذنبون"، إن كان ذنبنا أننا طالبنا بالإصلاح في وطننا وديننا ودنيانا ووقف هدر الثروات ومحاسبة سُرَّاق الوطن والقتلة والظلمة؟ "نحن مذنبون"، إن كان ذنبنا أننا طالبنا بالأمن لأنفسنا و أبنائنا وأهلينا وبيتونا ومساجدنا ومآتمنا  مدننا وقرانا؟ "نحن مذنبون" وإذا كانت قوانينكم تضيق "بحرية التعبير عن الرأي" فاجهروا بذلك ولا تستحوا كشف المفضوح للعالم أجمع، فلم يعد بوسعكم إخفاء ذلك عن أحد.

أما أن تتهمونا بالباطل وبما لم نقم به مما افتريتموه علينا من الجرائم المكذوبة التي تعلم أنت ويعلم المحيطون بك ألا صلة لها بالواقع من قريب أو بعيد، فإنه لن يحل المشكلة ولن يؤدي إلى انفراج الأزمة التي بيدك حلها وتجنيب البلد إطالة أمدها وإيقاف نزف الدم والعرض والمال الذي يتزايد يوماً بعد يوم.

أعلنت يوماً عن المصالحة الوطنية ولم نر مصالحة وأعلنت يوماً آخر عن التسامح ولم نر تسماحاً وأعلنت مراراً عن التزامك بالحوار والإصلاح وما زالت المدن والقرى تستباح والحُرُمات تُنتهك والمال يهرب والاستثمارات تتبخر وطبول الحرب تُدق على ألسنة أئمة السوء ونواب الغفلة ومستشاري التأزيم ووزراء الزمن الضائع، ولا زال القتل وسفك الدماء وسجن الأبرياء مستمراً بل و متزايداً، فأين الحوار وأين الإصلاح وأين التسامح والمصالحة؟ وإلى متى ستبقى الكراسي أعز من الوطن والجالسون عليها أعز من المواطن؟

الانفتاح على الشعب

أدعوك -مخلصاً- أن تُسارع من موقع المسئولية أمام الله والوطن والمواطن والتاريخ إلى حل هذه الأزمة دون تأخير، يكفي كل ما خسرناه وإن كل دقيقة تمر تصُعَّب من مهمة الجميع في حل هذه الأزمة التي عصفت بوطننا وحفرت في نفوس الجميع جروحاً يصعب اندمالها وأحدثت بين مكونات المجتمع أخاديد لا يمكن ردمها بيسر وسهولة. لن يفيدك الاستقواء بالخارج ولا تأليب طائفة ضد طائفة ولا الاستعانة بالمرتزقة وشذاذ الآفاق.

 جربوا الانفتاح على هذا الشعب العظيم المبدع الذي تتمنى أي سلطة منصفة في العالم أن يكون لها شعب مثله، جربوا أن تكونوا جزءاً منه ، جربوا الاستجابة لمطالبه العادلة، جربوا أن تفهموه و تتفهموه، جربوا أن تسيروا معه لا ضده. تأكدوا أن ذلك في مصلحتكم قبل مصلحة الشعب، فهذا زمن الشعوب لا زمن الحكام وزمن التغيير لا زمن الجمود، وما كان يصح في الثمانينات والتسعينات لم يعد له مكاناً اليوم في حركة المجتمعات وأرقام الساعة تسير دوماً في اتجاه واحد.

 
اختر بين أن تكون الحاكم الذي "انتصر لشعبه" أو الحاكم الذي "انتصر على شعبه" قبل أن تكون "الحاكم الذي انتصر عليه شعبه"

 
والله من وراء القصد، وفقكم المولى لم يحب ويرضى


مهدي أبوديب
سجن (جو المركزي)
3يونيو2012

 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus