هل يمكن لجزيرة الصراعات أن تقود الإصلاحات في الشرق الأوسط؟

2012-06-16 - 9:12 ص


بلومبرغ
ترجمة: مرآة البحرين


البحرين جزيرة صغيرة تقع قبالة الساحل السعودي وتضم نصف مليون نسمة، كما أن فيها عددا يماثل ذلك من العمالة الوافدة.

وهي أيضا بقعة استراتيجية حيث إنها تستضيف الأسطول الأمريكي الخامس. والاضطراب هناك يخبرنا الكثير عن القوى الطائفية الفاعلة في الشرق الأوسط، وكيف يمكن للقيادة الحكيمة تفادي اندلاع الحرائق.
   
هذا الأسبوع، أعلنت الحكومة البحرينية عن إجراءات لحظر حزب معارضة شيعي لعب دورا رئيسيا في الاحتجاجات المناهضة للملكية، وعلى ما يبدو بسبب انتهاكات تقنية بسيطة. هذه الخطوة كانت مثالا واضحا على الخطيئة المزدوجة التي تربك كثيرا حكومة الشرق الأوسط: النخب التي تحتفظ بالحقوق والسلطة والتي تظلم الطوائف الأخرى التي تختلف عنها. في هذه الحالة، العائلة الملكية السنية التي تحكم جميع أنحاء البلاد تظلم الشيعة على وجه الخصوص، والذين يشكلون حوالي 70 في المئة من المواطنين.

مستلهمة من التمرد الذي أطاح بالرئيس المصري حسني مبارك في شباط/فبراير 2011، نمت وبشكل متزايد الاضطرابات الشعبية في البحرين لتصبح طائفية. والخطر هو أن الانقسام السني الشيعي سوف يصبح غير قابل للإصلاح وسينتشر وبشكل خاص إلى الجارة السعودية.

لقد أعطت الحكومة وعودا مبهمة حول معالجة الشكاوى الشيعية ولكنها اقتصرت على الجزئيات. لو ترك  الملك حمد يتصرف وحده وهو التقدمي حسب معايير الخليج، لفعل الكثير. فالبحرين تعيش في ظل السعودية المحافظة جدا، والتي تدين لها بالفضل بسبب العائدات النفطية.

العائلة الملكية السعودية ترفض التغيير الديمقراطي الجدي في البحرين خوفا من أن تؤسس لسابقة. حكمهم أكثر استبدادية  من الأسرة الملكية البحرينية، وهم قلقون من تغذية قلق الأقلية الشيعة في المنطقة الشرقية في السعودية، مركز المنشآت النفطية في البلاد. وكانت قوة بقيادة سعودية قد سحقت، عن طريق دعوتها، المظاهرات في البحرين في آذار/ مارس 2011.

من جانبها، لم تقم إدارة أوباما سوى باحتجاج خفيف بينما كان حلم البحرينيين بالديمقراطية يسحق. وهذا يتناقض بشكل صارخ مع الدبلوماسية القوية للولايات المتحدة لصالح حركات التمرد في مصر وسوريا، وحتى التدخل العسكري في ليبيا. والسبب مفهوم وهو : أن الولايات المتحدة تكره استعداء السعودية، الدولة الوحيدة القادرة على السيطرة على أسعار النفط.

ولكن هذه السياسة تعزز الشعور بأن الولايات المتحدة، مع عزمها حشر إيران الشيعية وحليفتها سوريا ( التي يديرها النظام العلوي) في الزاوية، فقد أصبحت الراعي للقضية السنية في الشرق الأوسط. وبالنسبة للولايات المتحدة فإن البحرين هي فرصة ثانية، بعد العراق، لتظهر دعمها لحقوق الشيعة. ولتقدم أيضا إمكانية حقيقية لانتقال سلمي. البحرين لديها ملك ذو عقلية إصلاحية ومعارضة منفتحة على تقديم تنازلات أقل من تغيير النظام.

فكيف تبدو هذه التغييرات؟ حسنا، سيكون من الجميل أن نتخيل وجود شيعة أكثر في الحكومة المؤلفة من 23 عضوا (أربعة وزراء شيعة استقالوا عندما بدأت الاحتجاجات) وفي المراتب العليا لقوات الأمن، لا يوجد سوى عدد ضئيل مِن مَن تولى مناصب مهمة.ويمكن أيضا إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية  لتصحيح التقسيمات الانتخابية الطائفية التي قلصت من حصة الشيعة من المقاعد (حاليا ثمانية [عشر] من أصل 40) في المجلس المنتخب في الجمعية الوطنية.

والإصلاحات الملكية ليست خارج الطرح. حاليا يختار الملك جميع الأعضاء الـ 40 من المجلس المعين للجمعية الوطنية.  ويختار رئيس الوزراء، الذي يعين بدوره جميع أعضاء الحكومة، والذين أكثر من نصفهم من أفراد العائلة الملكية. وبالاعتماد على التعهدات التي سبق لملوك المغرب والأردن أن قاموا بها، فقد تتحرك البحرين باتجاه  نظام ملكي دستوري، بحيث تقوم الجمعية الوطنية بتعيين رئيس الوزراء الذي يعين بدوره  مجلس الوزراء.

وأي من هذا  لن يحدث دون موافقة السعودية، وحتى يتزحزح السعوديون، فإن الولايات المتحدة ستضطر إلى ممارسة بعض النفوذ. فردا على الحملة القمعية ضد المتظاهرين في البحرين، اقتطعت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية للبحرين المقدرة بـ 15 مليون دولار إلى 5 ملايين دولار. وكان ذلك بمثابة عقوبة طبقت على المملكة الخطاْ. الولايات المتحدة لا تقدم مساعدات كبيرة للسعوديين، ولكنها تأذن بإجراء صفقات مبيعات معدات عسكرية بالمليارات، والتي بموجب القانون تهدف فقط للدفاع عن النفس. لا نعتقد أن قمع الاحتجاجات المدنية في بلد مجاور هو دفاع عن النفس.

ينبغي على المسؤولين الأمريكيين السعي لإقناع الأسرة الملكية السعودية بأن إنصاف شيعة البحرين أكثر، ناهيك عن شيعة السعودية، من شأنه أن يعزز موقفهم ويقلل من احتمالات التدخل من قبل إيران ذات الغالبية الشيعية. صحيح أن الحكام السعوديين، على عكس نظرائهم البحرينيين الذين يعانون من النقص نسبيا، يمكنهم تفادي التمرد من خلال تقديم المستحقات الجديدة وقروض السكن وغيرها من المنافع للسكان. ولكن عليهم ان يتعلموا بالنظرغربا إلى مصر، وجنوبا إلى اليمن، وشرقا إلى سوريا، أن ترك الاستبداد لوحده لم يبرهن على أنه استراتيجية ناجحة.


8 حزيران/يونيو2012









التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus