ثورة البحرين: تموت في الشارع من أجل رأيك

2012-06-22 - 11:02 ص


تاين دانكيرز، هاف بوست ورلد
ترجمة : مرآة البحرين

في شباط/فبراير 2011، خرج عشرات الآلاف من البحرينيين إلى الشوارع للاحتجاج ضد عائلة آل خليفة التي تحكم هذا البلد الصغير. عسكر المحتجون في دوار اللؤلؤة في العاصمة لمدة شهر، حتى وضعت قوات الأمن بعنف حدا للاحتجاجات. فألقي القبض على المتظاهرين، واضطهد النشطاء، وأرهب الأطباء الذين ساعدوا الجرحى. سافرت الصحفية البلجيكية تاين دانكيرز إلى هذه الدولة الخليجية في تشرين الثاني/نوفمبر 2011. نشرت صحيفة الهاف بوست ورلد شهادات بعض البحرينيين الذين قابلتهم.

في 31 أغسطس/آب 2011، قتل علي جواد الشيخ  (14 عاما) عندما اخترقت قطعة طائشة من قنبلة غازية رقبته. قمنا بزيارة عائلة الشيخ في بلدة سترة.

  القرية الصغيرة المعروف بأنها من أشد القرى البحرينية فقرا والأكثر ثورية في البحرين، وكانت مسرحا للمواجهات الأسبوعية، إن لم تكن اليومية، بين المتظاهرين من الشباب العزل وقوات شرطة مكافحة الشغب. فقدت البلدة أكثر من خمسة من سكانها في الانتفاضة، والشيخ كان واحدا منهم. شهود عيان على وفاته يقولون بأن شرطة مكافحة الشغب البحرينية أطلقت النار عليه. وتنفي وزارة الداخلية البحرينية هذه المزاعم.

يقول جواد والد علي وهو يشير إلى مكيف الهواء المتضرر خارج منزله: "قبل يوم أمس أحدثت قنبلة غازية  فتحة هنا". وأضاف "لا اريد التفكير ما كان يمكن أن يحدث لو كان المكيف مشغلا". ويقول جواد إن قوات الأمن استهدفت عائلته من دون رحمة منذ وفاة ابنه – يبدو أن الشرطة تستهدف عائلات ما يسمى "الشهداء".
  جدران منزل عائلة الشيخ مغطاة بالشعارات والنشرات والصور الخاصة بعلي، بعضها طليت مجددا من قبل الشرطة.  عائلة علي بذلت كل جهد ممكن للحفاظ على ذكراه. الصور تغطي الجدران - هناك لوحة بحجم الجدار مع ملصقات من الصور التي تغطي حياة الصبي القصيرة. علي كطفل رضيع، علي وهو يلعب كرة القدم، علي عندما أنهى سنته الأولى من التعليم الابتدائي، علي يلتقط الصور بكاميرته المحبوبة.

يقول  والد علي: "في عيد الفطر المبارك، نهضنا من الفراش عند الساعة 6، أخذنا حماما، وذهبنا إلى المسجد، وتناولنا الإفطار،" وأضاف  "بعد ان زرنا المقبرة، ذهب علي للقاء الأصدقاء في مكان قريب، في قرية السهلة، للتظاهر وزيارة قبر أحد الشهداء. وعند العودة إلى البيت، سمعنا طلقات نارية ورائحة الغاز المسيل للدموع.

لقد كان أحمد، الشقيق الأصغر لعلي، أول من عرف بأن أمرا سيئا قد حدث. ركض وهو يصرخ بأن علي قد " أصيب بشيء من الأذى." ركضنا إلى الخارج للبحث عنه فقيل لنا بأن علي قد تم نقله إلى المركز الصحي  في القرية. في المركز، حاولت قوات الأمن في البداية ايقافي، وبعدها سمحوا لي بالدخول. هناك كان، علي، ملطخا بالدماء، وكان قد عض لسانه عندما سقط. بدأت أعانقه، وأتحدث إليه، لم أكن أدرك بأنه قد مات. حتى قال لي الطبيب: "دعنا نذهب، جواد. ابنك هو بطل الآن. في تلك اللحظة، اختفت الأرض من تحت قدمي".

إنكار الشرطة

قال شهود عيان إن علي وشركاءه المتظاهرين كانوا يطاردون من قبل الشرطة. ووفقا لشهاداتهم، الصبي سقط  وهو يركض  وأصيب بقطعة من الشظايا، التي أطلقت من داخل سيارة تابعة للشرطة من مسافة قريبة.

يقول والد علي: "أخبرني الناس أن الشرطة لم تبذل أي جهد للتوقف عندما كان ملقى على الأرض، ينزف حتى الموت. وكأنه لو كان ابني ليس أكثر من حيوان. أخذه أصدقاؤه وحملوه إلى المركز الصحي".

وعندما وصلت العائلة إلى المركز الصحي مباشرة بعد وفاة علي، ارتفعت حدة التوترات وصادرت الشرطة جثة الصبي.

تم إخبار والديه بأنه يمكنهم أخذ جثته من مستشفى السلمانيه المركزي لدفنها. ولكن حتى يتم تسليم الجثة عليهم التوقيع على ورقة تقول بأنه قد قتل خلال مشاجرة بين المتظاهرين. يقول جواد: "رفضنا، واضطررنا إلى ترك علي في المستشفى".

وفي وقت لاحق، تم استدعاء والد علي إلى جلسة استماع . " لم يتوقفوا عن السؤال عما إذا كنت أعرف الناس الذين كانوا يريدون إلحاق الضرر بعلي - كان من الواضح أنهم كانوا يبحثون عن وسيلة لتبرئة اسمهم. قلت بأن الناس الوحيدين الذين كنت أعرف بأنهم كانوا قادرين على قتل علي، هم الشرطة. قالوا لي إنه لا يحق لي التكلم بهذا الطريقة، طالما أني لم أكن حاضرا في مسرح الجريمة".

"ثم بدأوا  بالتحقيق معي حول مشاركتي في الثورة. ما إذا كنت أهدف إلى قلب نظام الحكم. كنت غاضبا،  ولم أشأ التحدث عن السياسة، كنت أريد أن أعرف سبب وفاة ابني".


اليأس

 "لم أكن أتوقع أن يحدث هذا، أبدا"، تقول والدة علي ،"كان حلمي أن يكبر علي إلى جانبي  وأن أكبر إلى جانبه. كان من المفترض أن يكون هكذا، ولكن تبين أن الأمور مختلفة كثيرا. افتقده كثيرا، البيت فارغ جدا من دون علي".

شقيق علي الأصغر وشقيقته يمرون بأوقات عصيبة، يقول والداهم. فاطمة، 8 سنوات، يصبح لديها ألم في المعدة عندما تسمع إطلاق نار. وأحمد، 10 سنوات، يفتقد شقيقه. "كان أحمد دائما برفقة علي، كان يتتبع أخاه الأكبر في كل مكان، كان يعشقه. والآن يحاول تعويض خسارته الرهيبة من خلال التشبه به. يأخذ كاميرة علي ويلتقط الصور في كل وقت، بالطريقة التي اعتاد علي القيام بها".

وقبل أن نغادر منزله، أصر جواد الشيخ أن يأخذنا إلى أعلى سطح المنزل.  يريد ان يرينا قفص الطيور الخاص بابنه. ولكن فراغ القفص، بعد أن افرج جواد عن الطيور التي اعتاد علي رعايتها، تقول لنا كل شيء.

16 حزيران/يونيو 2012
رابط النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus