على خطى عادل فليفل في التسعينيات: ادفعوا لنا وسنخرج أبناءكم قبل انتهاء العقوبة

يطلب ضباط في وزارة الداخلية أموالا من أجل الإفراج عن ابنائهم المحكومين في قضايا سياسية وحتى جنائية أحيانا
يطلب ضباط في وزارة الداخلية أموالا من أجل الإفراج عن ابنائهم المحكومين في قضايا سياسية وحتى جنائية أحيانا

2018-09-17 - 1:20 ص

مرآة البحرين (خاص): حالة 1: قبل أسبوعين من عيد الأضحى الفائت، تلقت عائلة أحد السجناء السياسيين اتصالاً هاتفياً من طرف يعمل في وزارة الداخلية، كان ابنهم قد قضى ثلاثة أرباع المدّة المستحقّة عليه ولم يتبقَ سوى عدّة أشهر، قال المتّصل: إذا أردتم أن تعيّدوا مع ابنكم، فادفعوا ستة آلاف دينار!

حالة 2: نشرت صحيفة الأيام 4 سبتمبر 2018 القضية التالية على لسان أحد قرائها: لي أخ محكوم 11 عاما بقضية جنائية أنهى منها 9 سنوات، وقد أعلمتنا إدارة السجن أنه مرشح للعفو لأنه حاصل على شهادة حسن سيرة وسلوك وأنهى ثلاثة أرباع مدة حكمه، وطلب منا دفع غرامة تقدر بخمسة آلاف دينار لكي يتم العفو عنه بعد ذلك. وبناء على ذلك أُعطينا مهلة ستة أيام قبل عيد الأضحى المبارك لكي ندفع الغرامة في المحكمة فدفعناها كاملة بعد أن اضطررنا لبيع أثمن ما نملك؛ من أجل استعادة حرية أخي الذي استوفى جميع شروط الإعفاء حسب المحكمة وإدارة السجن. بعد أن انتهت المدة المقررة لإطلاق سراحه راجعنا الجهة المعنية فقيل لنا أن الشهادة التي أعطيت له قديمة وبناء على ذلك قد يتوقف موضوعه!

ليس هذا جديداً، استغلال الوظيفة وابتزاز أموال الناس، هذه وقائع حدثت منذ التسعينات وتحدث الآن. العقيد السابق الجلاد المعروف عادل فليفل أحد أبطال هذا النوع من استغلال المنصب وابتزاز الأهالي للإفراج عن أبنائهم. مثلها الآن قصص كثيرة يصمت الأهالي عن البوح بها أو فضحها خشية تعرضهم للانتقام أو المساءلة القانونية بتهمة تقديم رشاوى.

تبدأ الحكاية هكذا، قبل حلول الأعياد والمناسبات الرسمية والوطنية ينشط مجموعة من الضباط المتصلين بجهاز الأمن تحديدا وبعض الموظفين العاملين بالقرب من السجون ووزارة الداخلية والمطلعين على أحوال المساجين في سجون البحرين المختلفة (مدني/ سياسي/ جنائي)، يقومون بالاتصال بأهالي السجناء وإيهامهم بقرب الإفراج عن أبنائهم أو التوسط لدى الجهات الرسمية لإضافة أسمائهم ضمن المفرج عنهم في قوائم العفو الرسمية المقبلة، يتمنّى الأهالي ويستبشرون خيرًا، وقبل أن تكتمل فرحتهم يشترط المتصل مقابلا ماليا نظير هذه الخدمة.

عندها تبدأ عملية المفاوضات حول المبلغ المطلوب. تستمر المفاوضات لأيام. المبالغ المطلوبة تكون بحسب مستوى العائلة، الميسورة يطلب منها دفع مبلغ أكبر، الفقيرة يقترح عليها الاستدانة من البنك أو الإخوة والأقارب، ويظل المتصل يساوم الأهالي على ما يستطيعون دفعه، ثم يتم الاتفاق على تسليم الأموال نقدًا في سرية تامة، الشيكات مرفوضة.

يُحذّر الأهالي بإبقاء الأمر طي الكتمان التام، وعدم إفشاء السرّ حماية لأبنائهم وللعائلة نفسها أيضاً. بعد استلام المال، تختفي هذه الشخصيات ويتوقف رنين الهاتف تماما، وإذا حاول الأهالي الاتصال مجددا تبدأ المماطلة أو التذرّع بالحجج في أحسن الحالات، أو التجاهل وعدم الرد على المكالمات، وقد يجدون هذه الأرقام مقطوعة أو تنتمي لأشخاص مختلفين.

بعض السجناء الذين يفرج عنهم بالفعل بعد هذه المقايضة، تكون قد انقضت مدة محكوميتهم أو أمضى في السجن ثلاثة أرباع مدة العقوبة مع ما يثبت حسن سيره وسلوكه، وهو حقّ قانوني للسجين، وفي بعض الحالات يتم إيهام الأهالي بالحصول على مكارم العفو العام أو العفو الخاص لأسباب مختلفة. لكن الغريب أن أحدًا لم يلامس هذا الموضوع بسبب السرية المحاطة به.

منذ أيام فوجئ المواطنون بتصريح على لسان فيصل فولاذ وهو عضو شورى سابق، عن "قرب إطلاق مرسوم عفو عام عن عدد "مهم" من المحكومين بينهم "حقوقي بارز". جرى تداول الخبر على نطاق كبير بين المواطنين وفي وسائل التواصل الاجتماعي، ثمة من رأى أنه مجرد خبر لإشغال الرأي العام، وقيل أنها وسيلة لترطيب الجو وتهيئة الساحة للانتخابات المقبلة، ووصفه البعض بأنه مجرد إطلاق بالون اختبار.  

في الحقيقة ما زلنا ننتظر ماذا وراء هذا البالون، لكن في الخفاء، ثمّة نشاط محموم يستغل ما يترجاه الأهالي المساكين من وراء مثل ذلك التصريح. اتصالات سرية يجريها محتالون (ضباط في الداخلية وغيرهم) لأهالي السجناء: يمكننا أن نخرج أبناءكم ضمن العفو القادم بمبلغ وقدره.....!