عبد الهادي خلف: احتكار الحكم للموارد يبقي النخب رهينة لديه

2012-07-12 - 1:00 م



مرآة البحرين:
قال الباحث البحريني عبد الهادي خلف في مقال نشرته صحيفة "السفير" إن السلطة في البحرين تعد البلاد غنيمة الفتح، مشيرا إلى أن "احتكار العائلة الحاكمة توزيع موارد البلاد المالية يبقي أغلب النخب رهائن لديها فتهمِّش من تشاء بل تصنع نخباً جديدة".

وقال خلف إن "السلطة في البحرين لا تتعب من تكرار مقولة ان البلاد غنيمة الفتح، وإن شرعية حكمها تستند إلى قيادتها قبائل قدمت من الجزيرة العربية في العام 1783"، معتبرا أن "سرديات الغنيمة حاضرة في تسميات الأماكن العامة وفي النصُبِ والمجسمات المقامة بهدف تذكير الناس بمن هو الغالب عام 1783، ومن هو المغلوب حتى الآن".

وأضاف: "المسألة بالنسبة إلى العائلة الحاكمة لا تنحصر في استحضار فتح البحرين كحادثة تاريخية، بل بالتذكير بدورها في شرعنة اعتبار البلاد غنيمة لزعيمة القبائل الفاتحة"، فـ"بجانب الاستحواذ على المراكز القيادية في إدارات الدولة وأجهزتها، وفرت الموارد المالية الضخمة للعوائل الحاكمة قدرات إضافية مكنتها من التحكم في المجتمع، بل إعادة تنظيمه بما يتوافق مع رؤية كل عائلة حاكمة لمصالحها".

وأشار إلى أن "ازدياد الريع النفطي عزز قدرات كل عائلة حاكمة على "تدوير" النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بلدها، بمن في ذلك الوجهاء التقليديون والتكنوقراط"، موضحا إن "التدوير يشمل جميع الفئات، بغض النظر عن انتماءاتها القبلية أو الطائفية". وتابع خلف: "باحتكار سلطة توزيع موارد البلاد المالية، بما فيها مردود الإنتاج النفطي، تُبقي تلك العوائل الحاكمة أغلب النخب رهائن لديها، وتهمِّش من تشاء بل تصنع نخباً جديدة"، مؤكدا أن "رضا العائلة الحاكمة في بلده هو ضمانة استقرار مركزه المالي وتطوره، وهو مفتاح الدور المتاح له ممارسته في المجال العام، وهو أساس مكانته الاجتماعية".

وتابع: "عن طريق احتكار سلطة توزيع الريع النفطي تمتلك العوائل الحاكمة قدرة غير محدودة على تعظيم أرباح المشاريع التي يتم التعاقد على تنفيذها"، موضحاً "يستعرض تقرير الرقابة المالية في كل سنة أمثلة كثيرة على الهدر الناجم عن الأساليب المعتمدة في تلزيم المشاريع الحكومية، وفي حين تتم محاسبة بعض صغار المسؤولين، لا تتضمن التقارير ما يقوم به أفراد العائلة الحاكمة نفسها".
 
وذكر خلف أن "رئيس الوزراء في البحرين وهو عم الملك اشترى مجمع المرفأ المالي في قلب العاصمة بدينار واحد"، مشيرا إلى أن "كشف هذه العملية بين المحتشدين في دوار اللؤلؤة اشترى في تنظيم مسيرات باتجاه المرفأ المالي بهدف الاعتصام فيه، ما سبب مواجهات مع القوى الأمنية وسقوط ضحايا".

وعدد خلف ثلاث طرق تمكنت من خلالها كل عائلة حاكمة من إعادة رسـم الخريطة الســياســية/الاجتماعية، وهي: التحكم في توزيع مناطق تشييد المشاريع الإسكانية والمدن الجديدة، والتحكم في توزيع المواطنين والوافدين عليها والتحكم في استيراد العمالة الأجنبية وأعدادها ومصادرها، وأبرز نتائج هذا هو "أجْنبة الطبقة العاملة في الخليج" والمتمثل في تقليص المكون العربي". وشدد على
"المكرمات" تلعب دوراً هاماً في تعزيز قدرات العوائل الحاكمة في الخليج على إعادة رسم الخريطة السياسية / الاجتماعية"، لافتا إلى أن "هذا المفهوم توسع في العقود الأخيرة ليشمل حصول المواطن على مسـكن أو عمـل أو تعويض بطـالة أو علاج صـحي أو حتى جواز سـفر".

ورأى أن فاعلية هذه الترتيبات السياسية / الاجتماعية استندت إلى ثلاثة مرتكزات إضافية: الأول هو ما وفرته عائدات النفط من إمكانات لبناء أجهزة أمنية وعسكرية حديثة وقادرة على مواجهة كل تحرك داخلي، والثاني هو دور الحماية المتبادلة الذي توفره كل من العوائل الحاكمة لمثيلاتها، أما الثالث فيتمثل في مظلة الحماية العامة التي تتمتع بها العوائل الحاكمة في الخليج بفضل علاقاتها الاستراتيجية، سياسياً وعسكرياً ونفطياً، مع الولايات المتحدة الأميركية التي تنتشر قواعدها ومنشآتها الأمنية والعسكرية في جميع أراضي بلدان المنطقة ومياهها الإقليمية".

وختم خلف مقاله بالقول: "لقد كان المحتجون في دوار الؤلؤة يعلنون أن المنطقة برمتها وليس البحرين وحدها على مشارف تغيير تاريخي لتجاوز الترتيبات الأجتماعية/ السياسية التي تكرست طوال العقود الماضية".



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus