يعقوب آل ناصر: الشيخ علي سلمان والملك تاجر الشنطة *
يعقوب آل ناصر - 2018-11-05 - 7:55 ص
على وقع أوضاع سياسية داخلية محجوزة فقط على انتخابات تشريعية لا تحظى بقبول شعبي، وأجواء إقليمية لا تبرد، أصدرت محكمة بحرينية حكما بالسجن مدى الحياة على زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان والقياديين الشيخ حسن سلطان وعلي الأسود بدعوى «التخابر مع قطر».
في الدلالات، وإن كان الحكم جديدا في ذاته إلا أنه لم يحمل معه الجديد. تمضي العائلة الحاكمة في البحرين قدما، لكنها لا تعلم إذا ما كان النفق يقود لنافذة ضوء أم أنه يقود لنافذة جحيم. وعلى العكس من ذلك تطالب المعارضة العائلة بالتوقف قبل فوات الأوان.
لقد أغلقت البحرين أبواب التفاوض منذ سنوات وأبقت أبواب الحلول الأمنية مفتوحة رغم التعقيد السياسي والاقتصادي الذي تشهده البلاد. ولعلّ المعونات والمساندة الخليجية، التي تلقتها البحرين الشهر الماضي، أعطت العائلة الحاكمة دفعة للمضي في خياراتها المدمّرة.
وفي ظل تجدد الاشتباك الخليجي-القطري على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، كان لابد للبحرين التي تلقت 10 مليارات دولار مشروطة اقتصاديا، أن ترد الجميل للإمارات والسعودية وأن تسدد ما تعتقد أنه ضربة قوية لقطر، التي لعبت في موقع رأس الحربة ضد (منشار العظم) محمد بن سلمان.
إذن، قضية التخابر التي تم توظيبها في أعقاب تفجّر الصراع مع قطر تتحرك على وقعه: يعطي الحكم القاسي بحق زعيم المعارضة البحرينية إشارة واضحة بأن الخلاف الخليجي ليس على وشك التسوية كما يظن البعض.
ألقى ذلك الخلاف بظلاله على المعارضة البحرينية، ولم يكن وحيدا، بل ألقت الصراعات الخارجية بظلال ثقيلة عليها. ويمكن التدليل على أن الصراع مع إيران، الحرب على اليمن والحرب في سوريا والعراق كلها أعطت أشكالا من الارتدادات الأمنية على المعارضة.
في مارس/ آذار الماضي، اُفرج عن أمين عام الوحدوي السابق فاضل عباس بعد أن قضى عقابا بالسجن 3 سنوات لإصداره بيانا يدين فيه الحرب على اليمن، بينما لا زال الناشط البارز نبيل رجب يقضي حكما بالسجن 5 سنوات لـ «نشره إشاعات في زمن الحرب».
في زمن «الحروب والصراعات مع الدول المعادية» تكون الحاجة ملحّة لشد العصب الوطني في مواجهة الأخطار، إلا أن العائلة الحاكمة في البحرين لا تواجه أخطارا خارجية، وإنما هي تقوم بشد عصبين اثتين بالحكم الذي أصدرته اليوم لأغراض داخلية: عصب خليجي وعصب طائفي.
تجد العائلة أن مصلحتها الاقتصادية والسياسية تقتضي أن يبقى الخلاف مع قطر في ذروته دائما، ويظهر ذلك من سلوك أشخاص مثل وزير خارجيتها. ولا يبدو أنه من قبيل المصادفة أن يكون ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في الدرعية السعودية قبل يوم واحد من إلغاء الحكم ببراءة زعيم المعارضة.
لقد كان الملك في زيارة سريعة لنظيره السعودي، أمس، ليتلمّس بشكل مباشر آفاق الصراع مع قطر، فلم يجد ما يشير إلى التهدئة، ووجد في حكم قاس بحق الشيخ علي سلمان فرصة لإظهار التأييد المطلق للسعودية السخية معه، كتاجر الشنطة، يتنقل لبيع المحلي في المزاد الإقليمي.
كذلك فعل ولي عهده مع نظيره السعودي، عندما ظهر معه على مسرح منتدى الاستثمار في السعودية الشهر الماضي، حيث كان يخاطبه بـ «طويل العمر». تظهر تلك اللغة في أعراف القبائل خضوعا للشيوخ، وهذا ما يفعل سلمان بن حمد مع أحد شيوخه.
في موازاة ذلك تعتقد العائلة الحاكمة أنها تربح التفاف مؤيديها حولها، في مرحلة اقتصادية حسّاسة، تطمح أن تشتري فيها دعمهم عبر صناديق الاقتراع 24 الشهر الجاري وصمتهم عن الإصلاحات الاقتصادية القاسية في مقابل «إجراءات أقسي بحق خصمهم الزعيم الشيعي الكبير علي سلمان»... أليس ذلك بالثمن البخس؟!
* بحريني مقيم في فنلندا