المستشفيات في البحرين تدخل عصر الخصخصة: انظر كيف سينهش «التأمين الصحي» لحوم المواطنين

2018-11-10 - 10:54 م

مرآة البحرين (خاص): تتملّص الحكومة من مسؤولياتها سريعا، وتلقي بمزيدٍ من الأعباء على ظهر المسحوقين من المواطنين. بعد فرض ضريبة القيمة المضافة يأتي دور خصخصة القطاع الطبي.

لا يمكن للبحريني أن يستوعب ضربة حتى تعاجله الحكومة بأخرى. الحكومة التي لا تأتي من بطن صناديق الاقتراع هكذا تفعل بظهور المواطنين. باسم التطوير تارة أو التوازن المالي تارة أخرى يجد البحريني نفسه مجبرا على فتح جيبه للسرقة.

هكذا وبكل وقاحة يعلن المجلس الأعلى للصحة في تقرير عن خصخصة القطاع مطلع العام المقبل مع بدء العمل بنظام التأمين الصحي، ويقول بملء الفم «لن تكون (الحكومة) مسؤولة عن تقديم الخدمات الصحية الأولية والثانوية كما هو الوضع الراهن».

وفي تصريح منفصل، يقول رئيس المجلس محمد بن عبدالله آل خليفة إن قرارًا سيصدر قريبًا بفصل مجمع السلمانية الطبي والمراكز الصحية عن وزارة الصحة. ويضيف «ستكون تحت إشراف مجلس أمناء ومجلس إدارة مُساءَل عن أداء هذه المؤسسات».

لم تعط الحكومة فرصة لنفسها وللمرضى لاختبار النظام في مراكز صحية صغيرة، بل على عجل ترفع يدها عن المستشفى الوحيدة التي تخدم مئات الآلاف من المواطنين، ولتبقى كامل الرعاية والاهتمام لمستشفى الملك حمد ومستشفى قوة دفاع البحرين المفتوح أمام العسكريين وأغلبهم أجانب من كل أصقاع العالم!

ضرائب جديدة

ويبرر المجلس قراره بالقول إن نظام الإنفاق المالي الحالي تنقصه وسائل المراقبة والكفاءة. يقترب كثيرا تقرير المجلس من التأشير على مكامن الخلل لكنه لا يقول الحقيقة كاملة. المشكلة هي في الفساد والبيروقراطية، وكان بالإمكان إصلاحها من خلال تحسين الأنظمة واعتماد الكفاءة في التوظيف ومكافحة الفساد.

لم تفعل الحكومة شيئا لمكافحة الفساد، ولما وصلت لمرحلة العجز المالي، فعلت ما يحلو لها أن تفعل دائما: مالت على حقوق المواطنين ومّدت يدها إلى جيوبهم. فإلى جانب التخلي أخلاقيا عن ضمان الرعاية، لن تغطي الحكومة كلفة علاج المواطنين بالكامل.

وفقا لقانون التأمين الصحي الذي مرره البرلمان، صممت الحكومة الخدمات الطبية في رزمتين، رزمة أساسية تقدمها المستشفيات الحكومية، ورزمة أسمتها اختيارية يمكن للمريض أن يحصل عليها في المستشفيات الحكومية أو الخاصة.

للحصول على الرزمة الاختيارية سيدفع المواطن مبلغا من المال مقابل كل فرد في أفراد عائلته، وسيجد المواطن نفسه محتاجا لشراء هذه الرزمة حين يجد أن الرزمة الأساسية (المجانية) التي تقدمها المستشفيات الحكومية لن تغطي كامل الخدمات التي يحتاجها.

ولم تقدم الحكومة لحد الآن تفصيلا بشأن الرزمتين، لكن أحد المسؤولين في مستشفى السلمانية أبلغ «مرآة البحرين» أن الرزمة الأساسية لن تغطي احتياجات رئيسية بينها لحد الآن أنواع من اختبارات الدم  والأشعة المكلفة.

مستقبل الأطباء والمستشفيات

يقول تقرير المجلس الأعلى للصحة إن المستشفيات العامة ستقدم الخدمات الصحية على أسس تنافسية، بعد إعطائها صلاحيات أكبر من خلال تطبيق نظام التسيير الذاتي، عبر مجلس أمناء لكل مستشفى. ولكن أسئلة كبيرة يجب طرحها بشأن الجهة التي ستقوم باختيار مجلس الأمناء ومعاييره؟

وبما أن القانون يسند لمجلس الأمناء مهام إدارة المستشفيات التي ستخوض منافسة كبيرة مع مستشفيات خاصة تعمل منذ سنوات، لابد من أن يضمن التعيين وصول الأكفأ، لا أن يعيد المجلس الأعلى للصحة إنتاج التعيينات لاعتبارات طائفية أو قبلية، فذلك سيهدد بقاء المستشفيات الحكومية والعاملين فيها.

وقال أحد الأطباء لـ «مرآة البحرين» تعليقا على النظام الجديد «لكي تضمن المستشفيات الحكومية المنافسة لابد أن يكون للأطباء دور في إدارة المستشفيات، وإلا سندفع من جديد ضريبة الفاشلين كالعادة».

ويقول إن النظام الجديد يهدد مداخيل الأطباء «إذا تم تعديل نظام العمل المسائي كما هو مخطط له سيخسر الأطباء والممرضون أكثر من ربع مدخولهم (...) فيما لا يسمح المجلس للأطباء بالعمل في مستشفيات خاصة».

بينما يدخل القانون حيّز التنفيذ بعد أقل من شهرين، لا أحد يجيب على التساؤلات المعلّقة، ليبقى الثابت الوحيد في كل الموضوعات في البحرين إنه كل ما جاعت الحكومة فإنها تنهش من لحم المواطنين، ولن يكن التأمين الصحي آخر وجباتها.