» تقارير
شرعية الملك الدستورية تحت مجهر 14 فبراير ( 1 - 4)
2012-07-17 - 6:47 ص
مرآة البحرين (خاص): النتيجة الأوضح التي أظهرها حراك 14 فبراير، هي أن ثمة ملك اسمه حمد بن عيسى فرّط في نص القسم الدستوري "أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأن أذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأن أصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه" لقد أظهر مجهر 14 فبراير2011 تفريط الملك بهذا القسم، كما أظهر 14 فبراير2002 إلغاء الملك للدستور العقدي، وجاء تقرير بسيوني محاولة لمداواة الشرعية التي أعطبها الملك بتفريطه بوظيفته الدستورية.
منحته المعارضة فرصة كي يداوي شرعيته، لكنه لم يفعل طوال الأشهر الثمانية الأخيرة التي أعقبت صدور تقرير بسيوني، ما الخيارات التي أمامه الآن؟ هذا ما نحاول أن نجيب عليه بتقصي سيرة أداء الملك المناقضة لنص القسم الدستوي.
جاء في دستور مملكة البحرين، في باب الملك:
الملك رأس الدولة، والممثل الأسمى لها، ذاته مصونة لا تمس، وهو الحامي الأمين للدين والوطن، ورمز الوحدة الوطنية.
أسئلة الملك
هل الملك فوق القسم الدستوري؟ هل هناك فرق بين مسؤوليات الملك في دستور 73 ومسؤولياته في دستور2002؟
هل أخلّ الملك بموجبات القسم الدستوي؟
هل أعفى الملك نفسه من يمين الدستور حين لم يجد وقت توليه السلطة في 1998م مجلساً برلمانيا يقسم فيه؟
ما الذي يبقى للذات الملكية من حقوق دستورية مصانة حين تخلّ بواجباتها تجاه الدين والوطن والوحدة الوطنية؟
هل يفقد الملك وذاته المصونة، شرعيته حين يخل بواجبه تجاه شرعية الحكم وسيادة الدستور والقانون؟
هل يجب التفكير سياسيا ودستوريا عن مخرج بديل على غرار مخرج عزل عيسى بن علي، الجد الأكبر للمك؟
هل حان وقت البحث عن ملك بديل على قاعدة الفصل بين فكرة إسقاط النظام وإسقاط الملك؟
تلك أسئلة يثيرها بشكل ملحّ وضروري، أداء ملك البحرين خلال العام والنصف الأخيرين، أي منذ اندلاع احتجاجات 14 فبراير، لا لأن أداءه كان مختلفاً قبلها، بل لأن العورة انكشفت. إنها عورة ما سُمي بالمشروع الإصلاحي، وعورة الملك التي خبأها تحت هذا المشروع. تلك التي بقت مواربة طوال الـ12 سنة الماضية، بعد أن تحول المشروع الذي افترض فيه أن يكون انتقالة في العلاقة بين الحكم والشعب، إلى حجاب يفصل بينهما أكثر، وصار مظلة يُخبئ النظام تحتها كل ما يأتي به من انتهاكات، لكن ليس بعد 14 فبراير 2011، فقد تمزقت المظلة بالكامل.
قسَم الملك
لا يختلف دستور 2002 عن دستور 73 كثيرا فيما يخص مسئوليات الملك الدستورية تجاه الوطن والشعب. الملك كما يبدو، لم يؤد القسم الدستوري، الذي ينص على الذود عن حريات الشعب: "أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأن أذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأن أصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه"، وذلك لعدم وجود مجلس وطني منعقد حينها، أي أثناء توليه الحكم خلفاً لأبيه.
لكن عدم تأدية الملك للقسم الدستوري، لا يخليه من مسؤوليته الواجبة في الذوذ عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وصون استقلاله وسلامة أراضيه، وإلا فإن مباشرته لسلطته تعتبر لاغية لحين تأدية هذا القسم. ما يهمنا هنا، هو ما تنعقد عليه مسؤوليات الملك بعد توليه الحكم.
نفوذ الملك
في دستور 2002 اهتم الملك بشكل أساس، بإضافة نصوص دستورية خاصة تزيد من صلاحياته: "وهو الحامي الأمين للدين والوطن، ورمز الوحدة الوطنية"، أو الموجودة أصلا في الدستور العقدي "يحمي الملك شرعية الحكم وسيادة الدستور والقانون، ويرعى حقوق الأفراد والهيئات وحرياتهم".
ولعل الملك لم ينظر من النصوص الدستورية، الا تلك التي تعطيه الصلاحيات مثل: "الملك رأس الدولة، والممثل الأسمى لها، ذاته مصونة لا تمس"، أو تلك التي تعطيه هيمنة أكثر على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والأمنية. لكن في الحقيقة، فإن تلك النصوص التي تعمل على تعزيز نفوذ الملك وهيمنته، هي من جانب آخر، تضعه أمام مسئوليات، لا صلاحيات مطلقة فقط.
حلم الملك
في العام 2005 كتب الملك مقالاً طويلاً تحت عنوان "حلمت بوطن يحتضن جميع أبنائه"، يقول فيه: هكذا، منذ وقت مبكر، كنت على موعد مع تطلعات الوعي الوطني في استكمال الاستقلال والشروع في حياة المشاركة والشورى، واستطعت ان أتلمس الكثير من دروس تجاربنا السياسية قريبها وبعيدها. ولا بد من الإشارة هنا إلى أني أعدت التأكيد مرارا في الأحاديث الموجهة الى المواطنين، وفي أكثر من مناسبة، إلى أنه «لا عودة للماضي» و«لن تعود عقارب الساعة إلى الوراء». قصدت بذلك إلى أنه لا بد من وضع الضمانات، واتخاذ ما يلزم من احتياط، لعدم عودة الوطن إلى تلك التجارب المرة والطرق المسدودة التي أعاقت المسيرة، وأبعدت البحرين عن ريادتها ومسارها التطوري والتقدمي الذي تميزت به بين دول المنطقة منذ مطلع النهضة". انتهى الاقتباس
في أوقات الهدوء يبدو الكلام حالماً وسهلاً ومثالياً. المحك هو الأداء وقت التجربة السياسية الحقيقية، وقت الأزمة تحديداً. حدث 14 فبراير 2011 كان اختباراً حقيقياً لحلم الملك الذي بشر شعبه من ناحية، وكشفاً لوعيه الوطني الفعلي من جهة أخرى، وقدرته على إدارة الأزمات السياسية الحقيقية التي تعترض الحراك الوطني، وتحمله مسؤوليته التاريخية في التعامل معها، ومنع عقارب الساعة من العودة إلى الوراء بأي شكل من الأشكال، وحدها الأزمة من سيكشف ذلك.
كيف تعاطى الملك حمد مع هذه التجربة الأكثر مرارة، وهل عمل الملك على فتح الطرق المسدودة التي تعيق المسيرة؟ وما كان أداؤه خلالها وحتى الآن؟ تلك هي الأسئلة التي نطرحها هنا على الملك بصراحة تامة. نكمل غداً..