المعارضة البحرينية والموقف المطلوب

فيصل المالكي - 2012-07-18 - 4:34 م


فيصل المالكي*

كل الثورات تحدد مجموعةُ فصول مقاطعَ خطها الزمني، بحيث يستبين الفصل اللاحق عن السابق بجلاء، إلا الثورة في البحرين إذْ بدأ فصل ما بعد الغزو السعودي في مارس2011م واستمر إلى هذه اللحظة، وكل تحرك المعارضة طوال هذه المدة هو ضمن دائرة محددة لم تتجاوزها بعد. هذا الوضع أصاب الساحة بجمود أصبح مدار حديث وجدل مستمرين بين الثوَّار عموماً والناشطين على وجه الخصوص.

مباشرة ودون مقدمات فإنني أعزو سبب ذلك الجمود الميداني إلى جمود في الموقف الذي لم يتجاوز سقف المطالب المحدد بمملكة دستورية، والذي أبقى حدود النقد الأدبي في شخص رئيس الحكومة ووزرائه، ولم ينتقل بعد إلى حمد بن عيسى وولي عهده. وأعبر عن ذلك بالجمود لأن النظام لم يبقِ حرمة لم ينتهكها وظل الموقف المعارض هو ذاته.

ولعل قائلاً يقول: إنك لا تتابع تصريحات المعارضين ممن ينضوون تحت سقف الجمعيات، لأن خطابهم شديد على الترويكا البحرينية عموماً (الملك-ولي العهد-رئيس الوزراء). وأقول: إنني وصلت إلى هذه النتيجة بناء على فرط متابعتي لتصريحاتهم، ولكنني أفرق بين اللغة والموقف، فالأولى قد تُصَعَّد لكن الموقف لا يبارح مكانه، وهذا هو واقع الحال بالضبط، فأنا لا يهمني تصريح معارض شديد ضد حمد بن عيسى، وفي ذات الوقت يتمسك به ملكاً، ويرفض أن يرفع الناس في فعالياته التي يقيمها شعار (يسقط حمد)، برغم كونه رأس السلطات جميعاً، وبرغم خروجه علناً من حين لآخر ببزة عسكرية يبارك كل الانتهاكات التي صبت على هذا الشعب المظلوم.. تلك اللغة الشديدة لا تنفع مع الموقف الراكن عند نقطة الإيمان به وبزمرته ممثلين للشرعية.. وهنا المشكلة. والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: ما هو الموقف المطلوب إذن؟

برأيي إن الموقف المطلوب هو أن ترفع المعارضة ممثلة في الجمعيات السياسية موقفها لتعتبر النظام نظاماً غير شرعي بعد أن قتل ونكل بشعبه، وأنه لا بد من نظام بديل يقوم على اختيار الشعب. على أن يكون هذا الموقف استراتيجياً وليس تكتيكياً، وهنا يمكن القول إن هذه الرؤية ستكون محل التقاء كل التيارات في البحرين، ويصبح ما يفرق بينها أن بعضها وعى إلى هذه النتيجة قبل الآخر كالذين دعوا إلى الاتحاد من أجل الجمهورية (حق-وفاء-أحرار البحرين).

ما لم ينتقل الخطاب من الكلام المكرر الذي يحوم حول اللغة بتغيير مفردة هنا أو جملة هناك إلى موقف جديد بَنتْه التجربة والممارسة والاختبار جرّاء التعامل مع النظام، فإنه سيبقى الجمود يخيم على الساحة، وستكون هناك أكثر من فرصة لدى النظام لتطويق عمل المعارضة كان آخرها حشرها في زاوية منع المسيرات والاعتصامات ليكون أقصى ما تذكره المعارضة أن النظام المتبجح بالديمقراطية والحرية قد منع خمسا وثلاثينا مسيرة.

*كاتب من البحرين.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus