الفائزة بجائزة منظمة التعليم الدولية جليلة السلمان: سياسات التربية منذ 2011 هي السبب الأكبر وراء تقاعد المعلمين!

جليلة السلمان
جليلة السلمان

2018-11-21 - 11:39 ص

مرآة البحرين (خاص): جليلة السلمان الفائزة بجائزة ماري هاتورد فوتر التي تمنحها منظمة التعليم الدولية (EI) للمدافعين عن حقوق الإنسان. بحرينية مثابرة تبوأت منصب نائب أمين عام جمعية المعلمين البحرينية، قبل أن تقوم السلطات بحلّها، لكن هذا الحلّ، لم يؤثر على السلمان التي تواصل كفاحها لأجل التعليم وقضاياه.

تم تكريمها دولياً عدة مرات. وفي البحرين، هي مفصولة من عملها لأنها من نشطاء 2011. تقول جليلة عن الجهة التي منحتها الجائزة "منظمة التعليم الدولية (EI) هي أكبر اتحاد لنقابات المعلمين في العالم، تمثل ثلاثة ملايين عامل وعاملة في قطاع التعليم، تتضمن 400 مؤسسة موجودة في 170 دولة حول العالم". أما عن الجائزة فتقول "هي جائزة نقابية حقوقية تمنح كل عامين، لمن تنطبق عليهم مواصفات محددة في مجال دعم موضوع التعليم للجميع وتعليم المرأة وحرياتها المختلفة وحقوقها، اضافة لأي عمل حقوقي له انعكاس مباشر على التعليم والمنتفعين منه والقائمين عليه". وتعتقد أنها جائزة لجميع البحرينيين العاملين في سلك التعليم.

التقاعد الاختياري

يؤلم جليلة كثرة عدد المتقدمين لبرنامج التقاعد الاختياري في قطاع التعليم. ورغم معرفتها بمجمل الأسباب التى دعت المعلمين للتوجه الاختياري للتقاعد، إلا أنها ترى أنه "ما كان يجب أن تكون الأعداد بهذا الكم ويتم افراغ الميدان من كفاءات هامة عملت بجد وتم تدريبها فارتقت انجازاتها"، واستغربت "دفع وزارة التربية معلميها للتقاعد وهم لا يستطيعون حل مشكلة غياب معلم هنا أو معلمة هناك ويشتكون من ساعات الأمومة القانونية وتأثيرها ويرفضون كثير من طلبات الإجازات المسبّبة بحجة عدم القدرة على تغطية الشاغر، كما تستغرب من وزارة لا ترى في كفاءة موظفيها طوق نجاة وعبور نحو الافضل ولا تتمسك بهم أو حتى تحاول بناء عروض مغرية لثني عدد منهم عن التقاعد مثلا!".

ترى جليلة أن "كل سياسات التربية بعد أحداث فبراير 2011 حتى اليوم هي السبب الأكبر والأهم في ترك المعلمين للمهنة التي يحبونها"، وتضيف "الواضح أنه تقاعد اختياري، لكن إذا أردنا الإنصاف يجب أن نوضح أن نسبة كبيرة جدا ممن تقدموا للتقاعد الاختياري أجبرهم وضع المهنة وما يعيشونه على ذلك".

لكنها ترى بشكل واقعي أن المعلمين وبسبب مشقّة المهنة كانوا "يطمحون لنظام تقاعدي مرضي بالنسبة لهم أسوة بزملائهم الخليجيين"، لهذا فهم "فضلوا اللجوء لبرنامج غير واضح المعالم وعرض على عجالة وحصر في فترة زمنية قصيرة فقط لشراء ماتبقى من صحتهم وراحتهم".

المعلمون الوافدون

تعاني المدارس في البحرين من استمرار الاعتماد على معلمين وافدين من جنسيات عربية مختلفة، مقابل تزايد أعداد التربويين الجامعيين البحرينيين الذين لا يتم توظيفهم، تعتقد جليلة أن "الاستمرار في سياسة الاعتماد على الوافد الأجنبي هي في الوجه الآخر استغناء عن العنصر المحلي، وبالتالي زيادة قائمة العاطلين التربويين التي تزداد سنويا مع كل خريج جديد، ما يولد سخطًا عامًا على هذا السياسة التي وبطريق غير مباشر تؤدي إلى إفقار وتجويع الكثيرين". تستنكر "ما يثير التساؤل حقا هو وصف وزير التربية للمعلم البحريني بعدم الكفاءة مع أنه يرأس الجامعة التي خرّجتهم وقبوله الوافدين رغم عدم علمه بمستواهم بل ويلبسهم صفة الكفاءة !؟"

ورغم أن جليلة ترى أن هناك معلمين وافدين "ممتازين في خُلقهم ودُروسهم ويشهد لهم بذلك"، إلا أن هناك حالات تعتمد سلوكيات غير تربوية مرفوضة وممنوعة في نظامنا التعليمي كأساس لتعاملها مع طلابنا كالضرب في التعليم وتستخدم عبارات نابية وكلمات تحقيرية، وهي أمور بحسب جليلة "أخطر ما يمكن على النشء الجديد وانعكاساته سلبية جدا، فنحن كتربويين نعرف خطورة ما يسمى بالمنهاج الخفي الذي ينقله المعلم لطلابه بشكل مباشر وعملي دون شرح وتحضير، فالطلاب يتعلمون العنف وقد يميلون اليه طالما كان هذا هو سلوك معلمهم القدوة"

كادر المعلمين

ترى جليلة أن إعطاء المعلّم حقّه هو واحد من أهم أسباب تطور التعليم في البلد، "كنا في جمعية المعلمين المُحلّة (وليست المنحلة ) نرى كغيرنا من نقابات المعلمين في العالم، أن من أهم أسباب تطور التعليم هو أن ينال المعلم حقه كاملا بمعادلة أعطه حقه وطالبه بواجبه، ولذلك سعينا حثيثا من أجل أقرار وتعديل كادر المعلمين وكان لوجود رئيس الجمعية أ.مهدي أبوديب دور مهم جدا في رفع ظلم كثير عن كاهل المعلمين.. فأين هو الكادر اليوم؟"

تضيف "عندما بدأ مشروع اصلاح التعليم قبل سنوات على سبيل المثال استبشر الجميع رغم الصعوبة في البدايات وكثرة المتطلبات، لكن بدلا من أن تتحسن حالات المدارس، تحوّل التعليم إلى جمع أوراق وعرض ملفّات".

استنساخ التجارب

تعتقد جليلة أن التطوير الحقيقي في التعليم "يجب أن ينبع هذا من داخل البلد ومن أبناء هذا البلد، فالخبرة المحلية ضرورية لمعرفة الحاجة الفعلية للتطوير ومكانها وكيفيتها". وتضرب مثالاً التجربة السنغافورية التي تم إرسال أعداد كبيرة من المعلمين لها وتم صرف ميزانيات للتدريب وقد "عاد عدد منهم بروح منفتحة للتغير لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق ما رأوه في سنغافورة فقد حدتهم عراقيل حاولوا التغلب عليها لكن النتيجة لم تكن مرضية".

تضيف جليلة "وبدلا من الاستفادة من نتائج الاستنساخ السلبية التي مررنا بها، يطالعنا الإعلام بتعيين وزيرة تعليم نيوزلندية يجمع أهل بلدها على فشلها في إصلاح التعليم هناك رغم توفر كل متطلبات النجاح في المسعى"،  وتتساءل "هل يريدون استنساخ تجربة أخرى تفتح لها أبواب الإنفاق وبعدها ينتقلون إلى بلد آخرمع الأخذ بالاعتبار حالة التقشف التي تعيشها البلاد؟ هذا لا ينفي حاجتنا إلى استشارات من دولة رائدة في التعليم مثل نيوزلندا ولكن يؤكد عدم نجاح تجارب الاستنساخ الحرفي".

اكتظاظ التجنيس

وحول اكتظاظ الصفوف بأعداد الطلاب الذي يؤثر سلباً على حصولهم على تعليم جيد تقول جليلة " تزايد عدد الطلاب في فصول الحلقة الأولى له أسباب كثيرة أبرزها كثرة أعداد المتجنسين في سن المدرسة، وعدم وجود ميزانيات كافية لفتح مدارس جديدة تستوعب الطفرة في عدد طلاب هذه المرحلة، إضافة إلى تحول التعليم الخاص إلى تجارة باستمرارية رفع الرسوم الدراسية لدرجة تجبر عدد كبير من الأهالي على سحب أبناءهم وتحويلهم إلى المدارس الحكومية". تكمل " أيضاً عدم وجود عدد كاف من المعلمين يمكنهم تغطية فتح أي صف جديد للتخفيف من الاكتظاظ. وهذه الحجة  التي تسوقها الوزارة دوما عند طلب فتح صف دراسي جديد لتخفيف الاكتظاظ في أي مرحلة دراسية فالموضوع ليس خاصا بتوفير الموقع بل بمن سيقوم بعملية التدريس والمتابعة أيضا".

جليلة السلمان