إشراك الاسلاميين دون خوف

2012-07-22 - 6:59 ص


إيميل نخلة،
ترجمة: مرآة البحرين

إن اجتماع هيلاري كلينتون مؤخرا مع الرئيس المصري محمد مرسي هو تطور تاريخي في العلاقات بين واشنطن والمسلمين العرب.

الاجتماع كان الأول من نوعه حيث يلتقى زعيم سياسي أمريكي رفيع المستوى برئيس مصري تابع للاخوان المسلمين ومنتخب ديمقراطيا. إنه يتوج 10 سنوات من البحث عن الذات من قبل واشنطن حول كيفية التعامل مع التيارات العربية الإسلامية عندما تدخل الى الحكومة من خلال الوسائل المشروعة.

رفض فوز حماس في انتخابات عام 2006، والتي يرى البعض أنها كانت سبب الحرب على غزة في 2008- 2009، قد تم تبريره على أن حماس كانت تعتبر منظمة إرهابية بموجب قانون الولايات المتحدة. وهذا لا ينطبق على جماعة الإخوان المسلمين وتشعبات منظماتها داخل وخارج مصر.
وفي حين أن هذا الاجتماع  خطوة مهمة جدا لكل من الولايات المتحدة ومصر، فإن موقف الادارة الأمريكية غير المشوق تجاه الاستيلاء المستمر على لسلطة من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة يترك المصريين وغيرهم من العرب يتساءلون عن التزام أميركا الحقيقي بالتحول الديمقراطي في العالم العربي.

البعض ينسب موقف واشنطن المتردد تجاه المجلس الأعلى للقوات المسلحة وغيرها من الأنظمة العربية غير الديمقراطية إلى أحد أو جميع العوامل الثلاثة التالية: اعتبارات سياسية حقيقية،  أو مرض إدمان الاستبداد، أو تناقص النفوذ الأميركي في مرحلة ما بعد الحكومات الاستبدادية.

هذه العوامل قد تفسر التفاهة، ولكن لا تبررها. والأكثر إزعاجا هو أن تزايد معاداة الولايات المتحدة والتهديدات الإرهابية المحتملة لشعبنا يمكن أن يكون نتيجة غير مقصودة  لتسامحنا المتصور للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، ولحكم غير ديمقراطي مماثل في الدول العربية الباقية.

إن تركيبة واشنطن مع الوقائع الجديدة مع مرور الربيع العربي عبر المواسم يجب أن ينبني على افتراضات مختلفة في علاقاتنا الخارجية.

أولا: ينبغي إعادة تعريف السياسة الحقيقية لتشمل تحولا حقيقيا بعيدا عن الحكام المستبدين المتحجرين.

ثانيا: يتعين علينا أن نطهر أنفسنا من إدمان الاستبداد في التعامل مع المستبدين المذعنين، وإعادة تأكيد إيماننا بجدوى الأنظمة الديمقراطية.

 الادعاءات المتكررة من قبل الديكتاتوريين العرب بأن مجتمعاتهم هي استثنائية وأن العرب غير مهتمين  أو غير قادرين على التعامل مع الديمقراطية قد أصبحت هباءً. فمن المقدر ان تؤدي سلطة الشعب التي انبثقت من الاحتجاجات العربية إلى عالم عربي أكثر تحررا - اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.

ثالثا: الحجة بأن أمريكا تحتاج للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والأنظمة الاستبدادية الأخرى في المنطقة بسبب نفوذنا المتضائل المتصور هو اعتقاد خاطئ. إن قيم أميركا في الحرية والديمقراطية وسيادة القانون دعم نفوذنا الإقليمي، والتي ينبغي على واشنطن استخدامها لتعزيز موقفها ضد الطغيان. وإذا أغضب هذا الموقف الأخلاقي الحكام العرب المستبدين المتبقين  - سواء في البحرين، والسعودية وسوريا وأماكن أخرى - فلا مانع من ذلك.

عندما أنشأت ووجهت برنامج التحليل الاستراتيجي للاسلام السياسي في وكالة الاستخبارات المركزية منذ عقد من الزمن تقريبا، كان الموضوع الرئيسي للإحاطات الاعلامية الذي قدمته  مع زملائي لكبار صناع القرار أن إشراك الأحزاب السياسية الإسلامية، السنية والشيعية على حد سواء، يخدم على المدى البعيد مصلحتنا الوطنية. الاستياء الذي أبدته بعض الأنظمة تجاه هذه المشاركة ينبغي أن لا تردعنا من الوصول الى مؤسسات المجتمع المدني الأصيلة والموثوقة، بما في ذلك الأحزاب السياسية الإسلامية.

واستنادا الى لقاءات مع محاورين مسلمين واستطلاعات الرأي العام، اطلعنا ايضا أن إشراك الاخوان المسلمين والأحزاب الإسلامية الأخرى من شأنها أن تظهر للجماهيرالعربية والمسلمة بأن الولايات المتحدة كانت تبتعد عن رسم العالم الإسلامي كله بفرشاة الإرهاب العريضة. كان الشرط الأساسي للانخراط أن على هذه الأحزاب أن تكون ملتزمة بالتسامح، والشمولية واحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة والأقليات الدينية. ولهذا السبب كان اجتماع الوزيرة مع مرسي تاريخيا للغاية.

عندما تصل هذه الأطراف إلى البرلمان، فإن عليها أن تظهر بأن البراغماتية التشريعية هي فوق عقيدتها الإسلامية. وإذا لم تفِ بتوفير الوظائف، والاستقرار، وتنظيم المشاريع، وتحسين التعليم والنمو الاقتصادي والإصلاح السياسي، فإنها لن تفوز بالأغلبية أو التعدديات الكبيرة في الانتخابات المقبلة.

ولذلك ينبغي على واشنطن إشراك هذه الأحزاب مع الحذر ولكن من دون خوف. وبمجرد أن يسقط نظام الأسد، يتعين على صناع القرار لدينا اتخاذ نهج مماثل لأي من الأحزاب الإسلامية التي سيتم انتخابها للبرلمان السوري.


*إيميل نخلة هو المديرالسابق لبرنامج التحليل الاستراتيجي الاسلامي السياسي لوكالة المخابرات المركزية . وهو مؤلف كتاب " المشاركة الضرورية: إعادة تحديد دورعلاقات أميركا مع العالم المسلم"

19 يوليو \ تموز 2012
المقال الأصلي على الرابط


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus