حقوقيون برخصة.. خليفة الفاضل وتاريخ حقوق البشر في البحرين والزبارة
2018-12-20 - 1:42 ص
مرآة البحرين (خاص): لم يعد أتباع النظام يخشون شيئا، حتى العلم والحقائق الجغرافية والتاريخية، فما دام السلاح والمال بعهدة النظام فلنقل ما نشاء، وهكذا خرج أمين عام المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين خليفة الفاضل، عن الحد الفاصل بين العقل والوعي وبين الجنون والهلوسة في تصريح أخير له على شاشة تلفزيون البحرين.
فكما تعطي بعض الدول ترخيصاً للدعارة، يبدو أن سلطات المنامة باتت تعطي تراخيص للتزوير والكذب عبر الشاشة الرسمية، وبات هناك مزوّرون مرّخصون، وكذابون برخصة، ومنافقون برخصة، طبّالون برخصة، وحقوقيون برخصة.
خليفة الفاضل من القليلين الذين استوعبوا الدرس وإلى أي حد يريد النظام أن تتم منافقته، فبات هو المنتج الوطني الذي ينافس مرتزقة الإعلام والمثقفين العرب العاملين داخل البحرين.
يقول أمين عام المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في يوم 16 ديسمبر وهو الذكرى السنوية لعيد الجلوس كما يُسمّى، إن« تاريخ حقوق الإنسان في البحرين مرتبط مع حكم آل خليفة، وأن أول تأسيس لحقوق الإنسان في البحرين كان عام 1762م مع تأسيس الزبارة، كدولة يحكمها محمد بن خليفة عززت من الحقوق الثقافية والاقتصادية فصارت منارة لرجال الفكر والعلماء والخطباء في المنطقة، ومنها إلى 1783 مع فتح البحرين الذي عزز من حقوق الإنسان ليس في البحرين فقط وإنما في المنطقة، حيث تشير الكثير من المصادر التاريخية أنه تم تعزيز حقوق وحريات الأفراد منذ ذلك التاريخ، ومن ثم في العام 1920 عندما وقّع سلمان بن أحمد الفاتح اتفاقية السلام البحري..» الخ من النظرية المجنونة التي ربطت وجود حقوق الإنسان بوجود آل خليفة في البحرين والزبارة.
إن استشهاد خليفة الفاضل باتفاقية السلام البحري بين آل خليفة وبريطانيا، يمكن اعتباره فضيحة تُنبيء عن جهله الكامل، فهذه الاتفاقية أوقفت استفادة آل خليفة من أعمال القرصنة والنهب وتجارة الرقيق، وهنا نورد البند الأول من الاتفاقية الموقعة بين الحكومة البريطانية في 5 شباط/ فبراير 1820، مع عبد الجليل بن السيد ياسين الطباطبائي، وكيل شيخي البحرين سلمان بن أحمد، وعبدالله بن أحمد، وينص البند الأول على أنه «لن يسمح الشيوخ من الآن فصاعدًا، في البحرين والمناطق التابعة لها، ببيع أي سلع تمّ الحصول عليها عن طريق النهب والقرصنة، وكذلك لن يسمحوا لشعبهم ببيع أي شيء من أي نوع كان للأشخاص المرتبطين بأعمال النهب؛ وفي حال تصرّف أي من شعبهم خلافًا لما ورد، فسيعتبر الأمر مماثل لعمل النهب».
إن التزام رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (معيّنة بالكامل من الملك)، بمرويات قد يتبناها مجانين العائلة الحاكمة في مجالسهم الخاصة من نوع أن البحرين أصبحت عربية منذ بدء حكمهم وكثير من النظريات التي تتداول همساً وأحاديث مجالس وبسطات بالتعبير الشائع، هو التزام يبين ما هو واضح من حجم تبعية هذه المؤسسة للجهات الرسمية في كل تفاصيلها.
لم يربط الفاضل التزام السلطات بحقوق الإنسان مع استقلال البلاد في العام 1971 مثلاً، بل ربطها بهجوم حربي وغزو تعرضت له البلاد في العام 1783 سمّته العائلة الحاكمة «فتحاً» وهو تعبير يستخدم حينما يغزو مسلمون بلادًا كافرة (إن صح التعبير)، لذلك هو تعبير مستفز ووقح، وأن يقوله شخص يتبوأ منصبًا يفترض فيه الالتزام بمعايير السلم العالمي وحقوق الانسان فهو سقوط علميّ وأخلاقي مريع.
وهنا نستذكر كيف أن الراحل المرحوم عبدالرحمن النعيمي في تقديمه لكتاب «البحرين في الوثائق البريطانية لسعيد الشهابي»، كتب متسائلاً «كيف اعتبر آل خليفة أنفسهم فاتحين للبحرين ولم يعتبروا أنفسهم فاتحين لقطر وقد استولوا على الأخيرة في القرن الثامن عشر عندما تركوا الكويت في منتصف القرن الثامن عشر ليستقروا في الزبارة ، ويشنوا الهجمات العسكرية المتكررة على البحرين حتى استطاعوا السيطرة عليها عام 1783».
مثل هذا التصريح الذي أدلى به أمين عام المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان خليفة الفاضل، يمكن اعتباره مسك ختام لعام آخر من القمع تعيشه البحرين تحت سلطة نظام قاس لا يعرف الرحمة، تمتلىء سجونه بالرجال والنساء، وتمتلئ أرفف منظمات العالم وأولها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بتقارير وملفات عن انتهاكات لا تنتهي أو تختصر.