ثلاثة أيام بين تصريحين متناقضين: البحريني واعي... لكنه خطير على سوق العمل
2018-12-23 - 1:56 م
مرآة البحرين (خاص): يوم الأربعاء 19 ديسمبر، خرجت صحيفة أخبار الخليج بعنوان عريض يقول «رئيس الوزراء: نحمد الله على ما أنعم به على هذا الوطن من شعب واع».
بعد أيام، تحديداً يوم السبت 22 ديسمبر 2018، خرجت صحيفة الأيام بعنوان أعرض منه ينقل عن مذكرة حكومية رداً على اقتراح نيابي يخص قصر بعض المهن على المواطنين، يقول العنوان «أكدت تداعياته «الخطيرة.. الحكومة للنواب: رفض قصر بعض المهن على البحرينيين».
وفي الرد المنشور في صحيفة الأيام اعتبرت الحكومة «أن قصر بعض المهن والوظائف على البحرينيين في القطاع الخاص هو أمر ينطوي على تداعيات سلبية خطيرة على سوق العمل، ولا يتناسب مع توجهات الدولة والاستراتيجيات التي وضعتها نحو خلق بيئة مثالية لجذب المستثمرين والعمالة الأجنبية المحترفة».
كانت ثلاثة أيام كفيلة لتؤكد ما قيل ذات يوم من أن «الاستبداد جوهره الاستحمار». هو الاستبداد الذي يعطي من فوق هرم السلطة المطلقة، الحق الدائم في تكرار الأكاذيب علنًا. ويمكن القول ببساطة، إنه لا يمكن لصاحب سلطة أن يستمر في ذلك إلا إذا كان يشعر نحو شعبه ومواطنيه باحتقار واستصغار.
لن نستطيع هنا حصر كل مظاهر تكرار الأكاذيب والاحتقار للشعب طوال هذه السنين، فقد اعتادت السلطة الثناء على الشعب والطبطبة فوق ظهره من جهة بينما تسرق حقوقه وقوته وحريته وإنسانيته في الجهة الأخرى.
لم يمر وقت طويل لينسى البحرينيون رفع الوزير زايد الزياني شعار الغابة «البقاء للأقوى» في رده على الشكوى من مزاحمة الأجانب للبحرينيين بعد منحهم حرية التملك الكامل للسجلات، إذ قال «اقتصادنا أصبح مفتوحًا ولا مجال للتراجع (...) البقاء فيه للأقوى والأذكى».
كانت تلك العبارة تعبّر عن الاحتقار الدائم في نفوس عليّة القوم تجاه مواطنيهم، ولم يكتف بها بل زاد «الجيل البحريني الحالي يفتقر إلى الابتكار والإبداع كما كانت الأجيال الماضية على الرغم من توفر البنى التحتية التي لم تتوفر للأجيال السابقة».
حدثت ضجة وتلاشت بعد أن خرج من خرج من طبالة الحكومة وطبّالاتها ليدافعوا عن الوزير ويحذرون من منتقديه و«المحرضين الذين يستفيدون من هذه الخلافات».
كان تصريح الزياني فلتة، تبعتها تصريحات ترميمية من رئيس الحكومة خليفة بن سلمان الذي يحرص على اختيار تعبيرات تبيّن اختلافه مع مفردات وتعابير الوزراء المحسوبين على الرأس الآخر للحكومة (ولي العهد النائب الأول لرئيس الوزراء)، لكنها في النهاية رغم اختلاف التصريحات، هي في العمق ذات السياسة، وذات الاستبداد وذات الاحتقار.
لقد جاءت مذكرة الحكومة في الرد على النواب لتؤكد أن الاستراتيجية هي لإعطاء الأجنبي مساحته الكاملة للاستملاك والاستثمار والعمل بحجة أن ذلك «يخدم الاقتصاد»، ولا نعلم ما فائدة اقتصاد قوي لا يرجع على مواطني البلد بحقوقهم في التوظيف والعيش الكريم!.
المغرد أنس الشيخ كتب معترضاً «في مصر، الأردن، لبنان، سوريا، العراق، تونس، الجزائر، المغرب، وغيرها جميع المهن مقتصرة على أبناء بلدانها، في اليابان، الصين، تايلاند، الفلبين، ماليزيا، اندونيسيا، تركيا، وغيرها جميع المهن مقتصرة على أبناء بلدانها، ايش معنى (لماذا) في البحرين قصر المهن على البحرينيين لها تداعيات سلبية خطيرة؟».
بينما كتب المغرد غسان « طبعا يقولون أن التداعيات سلبية خطيرة لكن لم يشرحوها أو أرقام عنها، وعندما أستشهد المقترحون بتجارب حقيقية ناجحة قالوا إن اقتصاد البحرين مختلف، لماذا تخاف الحكومة من توظيف أبناء الوطن؟ ماهذه النيوليبرالية المتطرفة المتبعة؟ ماذا يستفيد المواطن من هكذا أستثمار إذا!؟».
هو غيض من فيض، يظهر جانب من تعامل الحكومة ذات الرأسين مع الشعب، مع إن نص الدستور المعمول به الآن ينص على أن «الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة. ولا يولّى الأجانب الوظائف العامة إلا في الأحوال التي يبينها القانون».
لكن ويا للسخرية، ربما يمكن اعتبار دستور 2002 هذا هو الخطوة الأولى في عهد تفضيل الأجنبي على المواطن، فالدستور بأكمله وضعه المصري الدكتور محمد رمزي الشاعر، أستاذ القانون الدستورى والإداري بكلية الحقوق جامعة عين شمس، رئيس جامعة الزقازيق، وقد منحه ملك البلاد وسام البحرين من الدرجة الأولى، مع الإشارة إلى أن الشاعر لا يزال يقدم العديد من الاستشارات لملك البحرين التي يزورها بشكل دوري حتى الآن دون انقطاع.
ماذا قالت الحكومة؟، قصر بعض المهن على البحرينيين ستكون له تداعيات خطيرة!. حقاً إنها مسخرة.