التعليق السياسي: ميري كريسماس.. ترنيمة عيد الميلاد لملك البلاد
2018-12-26 - 3:23 م
مرآة البحرين (خاص): في 26 نوفمبر 1998 عاد أمير البحرين عيسى بن سلمان آل خليفة من رحلة علاجية ناجحة، لكن بعد أشهر قليلة تحديداً في 6 مارس من العام 1999 توفي الأمير ليتسلم نجله حمد بن عيسى الحكم، تم إعلان الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أشهر وظلّ التلفزيون الرسمي يبث تلاوات قرآنية، ريثما يتم ترتيب الوضع للعهد الجديد.
مات عيسى بن سلمان عن عمر ناهز 65 عاماً، وكان في السجون حين وفاته أكثر من ألف سجين سياسي، ومئات المبعدين، وأزمة سياسية مستعصية مستمرة منذ العام 1994، يقول أحد المواطنين إن أحد زملائه في العمل من الموالين للحكم، جاء بعد فترة قصيرة من وفاة الأمير ليهمس له «رأيت مناماً أفزعني كثيراً، وأنا خائف من أن أبوح به لمن هم مثلي يعلنون الولاء، رأيت في المنام الأمير السابق عيسى بن سلمان في حال يرثى له، ممزق الملابس، وحافياً، كان يطرق الأبواب ليسألهم شيئا لكنّ أبواب البيوت كانت تغلق في وجهه».
لا شماتة في الموت فإنه من أعظم الأشياء التي تستحق الشعور بالمهابة والتأمل والرحمة، لكن الحقيقة تقول إن عيسى بن سلمان مات دون أن يسامح أحداً، مات وفي سجنه عظيم كالشيخ عبدالأمير الجمري، ومواطنون صالحون إصلاحيون كعبدالوهاب حسين وحسن مشيمع وربما أكثر من ألف من خيرة أبناء البلاد المطالبين بالإصلاح، لم يسامحهم الأمير عند المقدرة، مات وعاد ليطلب السماح في حلم مواطن بسيط كان يدين له بالولاء.
ووفق السنين والأعمار فإن الابن حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك البحرين فاق أباه عمراً، فاليوم الملك يناهز الثامنة والستين من العمر، وفي سجونه أكثر من أربعة آلاف سجين سياسي، فيها مواطنون صالحون وإصلاحيون لم يغير الزمن مبادئهم كالشيخ علي سلمان، والشيخ عبدالجليل المقداد، وعبدالوهاب حسين، وحسن مشيمع، وآلاف من خيرة شباب البلاد ونسائها وأطفالها.
لقد مرّت على الأزمة السياسية المستفحلة سبع سنين وسوف تدخل الأزمة المستعصية سنتها الثامنة في فبراير القريب المقبل، لماذا لا يريد هذا الملك قبل أن يغمض عينيه ويرحل عن هذه الدنيا، أخذ خطوة نحو فتح الحوار السياسي، لتعود أجواء التفاهم والتسامح في البلاد.
لقرون مديدة ألهمت أجواء عيد الكريسماس أدباء العالم للكتابة، وجسّدت تلك الكلاسيكيات معاني وقيما نبيلة مثل، التسامح، والغفران، والحب، والفرص الثانية للبدء من جديد وإصلاح أخطاء الماضى، هذه الثيمات عكست تقليدا طويلا في الكتابة عن عيد الميلاد.
و من أبرز تلك الأعمال رواية «ترنيمة عيد الميلاد» التي صدرت في 1843، للبريطاني تشارلز ديكنز وتحولت لأكثر من عمل سينمائي ومسرحي، والرواية عن العجوز سكروج البخيل الذي يهتم بعمله وكنز المال فقط، ولا تعنيه مشاعر الآخرين، لكنه يتغير حين يزوره شبح شريكه المتوفى مارلي مكبلا بالحديد، ونادم على تصرفاته، ويحذره من الطريق الذي يسلكه، كاشفا له أن ثلاثة أشباح سيزورونه ليلة عيد الميلاد يمثلون الماضى والحاضر والمستقبل من أجل منحه الفرصة لتغيير نفسه، وبالفعل يتحول العجوز البخيل بعد زيارة الأشباح إلى شخص لطيف وكريم نتيجة لموعظة تعلمها منهم.
يوم 31 من هذا الشهر ستنظر محكمة الاستئناف الحكم على الناشط الحقوقي نبيل رجب، وقد أعربت 57 من المنظمات الحقوقية في بيان، عن قلقها من نوايا لدى السلطات البحرينية في «زيادة عقوبة السجن بحق رجب، من خلال تحديد موعد جلسة الاستئناف، وربما إصدار حكم بتاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر»، وقالت المنظمات إنها تتخوف من صدور حكم ضد رجب بينما ينشغل معظم البحرينيين والناس حول العالم باحتفالات نهاية العام».
وقالت المنظمات «إن هذا ليس مصدر قلقها الوحيد، فالشيخ علي سلمان كان قد اعتقل في 28 ديسمبر / كانون الأول 2014، وأدين بعدها وحُكِم عليه بالسجن أربعة أعوام. وفي الشهر الماضي، وفي قضية أخرى، ألغت محكمة الاستئناف حكم البراءة الصادر بحقه وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة».
يا حمد بن عيسى، لا تجعل ذكرى عيد الميلاد لنبي المحبة عيسي بن مريم، مناسبة للقسوة والظلم، ولا تدع عاماً جديداً يقبل مع آلام ودموع جديدة، كن كبقية الأنفس البشرية التي تحاول أن ترتشف وتمتلئ في هذه المناسبات بالخير والمحبة والتسامح والغفران ليكون عوناً لها لعام جديد.
إنها ليست رسالة لطلب سماح وعفو منك، بل للفت انتباهك لتقرر اليوم قبل الغد كيف تريد أن تغادر العالم، هل ستمارس سلطتك وفق معايير عيد ميلاد المحبة والتسامح والغفران، أم تخسر تلك الفرصة كمن سبقك؟
للمحتفلين بعيد الميلاد من الإخوة المسيحيين حول العالم، وللمحتفلين بالعام الجديد، لقد أرسل لكم السجينان الشيخ علي سلمان، ونبيل رجب رسالتي تهنئة، الأول عبر حساب زوجته علياء رضي، والثاني عبر حساب نجله آدم نبيل رجب، فذكروا ملك هذه الجزيرة أن الغفران بيده اليوم وغدا بيد ضحاياه. كل عام وأنتم بخير، و merry christmas.