نخيط جروح أطفالنا

2012-07-25 - 9:35 ص


شاهد البحرين
ترجمة: مرآة البحرين

نعتقد، على الرغم من أننا لسنا على يقين، إن عبوة الغاز المسيل للدموع التي رأيناها تطلق هي التي أصابت الصبي في أعلى رأسه.

كان الوقت ليلا، وكنا نشاهد ذلك على مسافة، ولكن نعتقد أننا رأينا الطلقة وقد أصابت أحدا في رأسه، الفتى الذي أصيب في الحي نفسه، وكان رأسه هو الوحيد الذي أصيب من هذا الحي بالذات في تلك الليلة بالذات.

وفي الوقت الذي وصلنا فيه إلى "العيادة" كان جرح الصبي قد نظف وحلق الشعر من حوله، وأعد للخياطة.

الصبي: كان في الثالثة عشرة من العمر، صغيرا ونحيلا، يرتدي قميصا أحمر بخطوط بيضاء، كان مذعورا. ليس فقط  رأسه انشق عندما انتهى الاحتجاج بإطلاق قنبلة مسيلة للدموع عليه من قبل شرطة الشغب، ولكن شقيقه الذي يبلغ من العمر 15 عاما قد اعتقل أيضا، ومصيره كان مجهولا. عندما غطى الولد وجهه بيديه، وبدأ بالبكاء، كان بكاؤه على أخيه، كما أخبرنا، وليس بسبب جرحه.

"العيادة": كانت غرفة معيشة لإحدى الأسر التي وفروها لهذا الغرض. جلس الصبي على سجادة رقيقة على الأرض وجلست ممرضتان ترتديان العباءات السوداء والحجاب، على ركبتيهما، بجاوره، والشاش، وكرات القطن، والمرهم، والقفازات المطاطية متناثرة على الأرض بينهما.

اذا اقتادته عائلته إلى عيادة ملائمة أو مستشفى، فقد يتم القبض عليه لاشتراكه في مظاهرة احتجاج. وإذا تم اكتشاف علاج الممرضات له، فقد يواجهن الاعتقال أيضا.

"لكن علينا أن نفعل شيئا"، قالت لي إحدى الممرضات، وهي امرأة شابة، بصوت هادئ وعيون تومض. "عندما أرى هذا يحدث، خصوصا للأطفال، لا أستطيع أن أجلس ولا أفعل شيئا".

سألت: "هل يمكنها قول ذلك على الكاميرا، ووجهها مغطى".

ابتسمت وهزت رأسها لا. "اعتقلت في السابق وهم يعرفونني، حتى صوتي. إنها مخاطرة كبيرة جدا".  أظهرت لي عظمة في جسدها كانت قد كسرت من التعذيب الذي تلقته خلال فترة سجنها الأخيرة، وكيف أنها لم تلتئم بشكل صحيح ولن تلتئم، حتى بعد عمليتين جراحيتين.

حولت النسوة انتباههن إلى الصبي الذي كان جاثما على الحصيرة، ورأسه مدفون بين ركبتيه، في انتظار الآتي. طلبت منه  الممرضات أن يضع وجهه على الحصير، وبدأن عملهن، من دون تخدير. غرس الصبي وجهه في الأرض وقلص عضلاته كي لا يتألم، ولكنه لم يبكِ. بأدوات بدائية، وأصابع رقيقة ماهرة،  أخاطت النسوة جرحه الغائر، وضمدت رأسه بالشاش.

أعادت الممرضات اللوازم الطبية الشحيحة إلى الحقيبة وجلس الصبي  يتفحص ضمادته بأصابعه ولكن بحذر شديد.

في اليوم التالي، قد يتألم الولد كثيرا، ويتقيأ، وقد يكون غير قادرعلى تناول الطعام. وقد تتساءل عائلته عما إذا كان ينبغي   أخذه إلى المستشفى، ولكن كيف يشرحون سبب الإصابة، وكيف يفسرون خياطة الجرح؟

ولكن، حتى اللحظة، محنة العلاج قد انتهت، ونجا الصبي من الألم، وكان شجاعا.

ذلك كان لصبي واحد، أصيب باسطوانة غاز مسيل للدموع، قد عولج في "عيادة" سرية.

كم من صبي مثله يستلقى على الحصير في الشقق السكنية في البحرين، وتعمل الممرضات والأطباء سرا وبمخاطرة كبيرة وبلوازم بسيطة وأصابع سريعة، يخيطون أطفالهم المصابين؟

13 يوليو/تموز 2012
رابط النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus