بيل لو: في زمن ترامب، يزدهر القمع في البحرين

بيل لو - موقع ميدل إيست مونيتور - 2019-01-31 - 1:27 ص

مرآة البحرين (خاص): في 28 يناير / كانون الثاني، أيّدت المحكمة العليا في البحرين الإدانة والحكم بالسّجن مدى الحياة ضد الشيخ علي سلمان، زعيم جمعية الوفاق المعارضة المحظورة، التي تم حلّها. هو، مع زميليه -علي الأسود والشيخ حسن سلطان، اللذين حُكِم على كليهما غيابيًا- أدينوا بتهمة التآمر مع قطر للإطاحة بالنظام البحريني. وكان الشيخ سلمان يقضي أساسًا حكمًا بأربعة أعوام في السجن، على خلفية عدد من التّهم، من بينها "تشويه سمعة وزارة الداخلية والإضرار بها".

كانت قد تمت تبرئة الثلاثة من تهم الخيانة. هذا القرار، استنادًا إلى عدم وجود أي دليل يدعم قرار الإدانة، انقلب فجأة خلال الاستئناف، وعاد إلى الإدانة الأصلية. وقالت منظمات حقوق الإنسان ومراقبون دوليون إن التّهم لا أساس لها من الصحة، وتشكل جزءًا من جهد أوسع نطاقًا لقمع أي انتقاد يوجه إلى عائلة آل خليفة الحاكمة، ولكن من دون جدوى.

الحادث يشكل أيضًا جزءًا من محاولة لتشويه سمعة قطر. على الرّغم من القول إن المؤامرة المزعومة حصلت في العام 2011، وجّهت السّلطات الاتهام فقط في أغسطس / آب 2017، بعد فترة قصيرة من الإعلان عن فرض حصار جوي وبحري وأرضي على قطر من قبل الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر والبحرين. أقل ما يمكننا قوله هو أن التوقيت كان مثيرًا للتساؤلات.

على مدى عدة سنوات، زعم النّظام البحريني أن إيران وراء كل جهد يبذلوه مواطنوها [البحرينيون] للمطالبة بالتغيير. وحتى انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية، كان يتم التشكيك بهذا الزعم. لعقود من الزّمن، عانت الغالبية الشيعية من السكان في البحرين من التّمييز على يد عائلة آل خليفة السنية. ومع ذلك، لم تتدخل إيران إلا قليلًا لدعم الشيعة. في الواقع، يمكننا القول إن آيات  الله تركوا شيعة البحرين يواجهون مصيرهم.

كان ذلك عندما سيطر احتجاج سلمي - شارك فيه البحرينيون من السنة والشيعة- على دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة في فبراير / شباط، عندها تم استخدام الورقة الطّائفية، ليس من قبل إيران، بل من قبل آل خليفة.  قُمِع الاحتجاج بالقوة، بدعم من قوات أمن سعودية وإماراتية دخلت إلى البلاد في مارس / آذار 2011. قُتِل العشرات، وأصيب المئات، واعتُقِل الآلاف في حملة قمع وحشية. كلّهم تقريبًا كانوا من البحرينيين الشيعة.

وفي وجه الإدانة الدولية، شكّل الملك حمد بن عيسى آل خليفة لجنة من خبراء مستقلين في حقوق الإنسان -اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. وكان حكمها مدمّرًا: لقد أذنت الحكومة باستخدام القوة المفرطة وكانت بشكل كبير مسؤولة عن قتل وسوء معاملة المواطنين. هناك نقطة، يتم إغفالها غالبًا، وهي أن تقرير اللجنة لم يجد أي دليل على التورط الإيراني في الاضطرابات.

وفي وجه إجراءات أمنية مكثفة، وغالبًا ما تكون وحشية، واصل النشطاء المطالبة بالتغيير، وتمسكت العائلة الحاكمة بزعمها أن شيعة إيران كانوا وراء كل من الاحتجاجات السلمية والمواجهات العنيفة. وقد أثارت الولايات المتحدة، التي كانت تدعم إلى حد كبير النّظام -مقر الأسطول الخامس الأميركي في المنامة-، من خلال وزارة خارجيتها المخاوف بشأن معاملة النشطاء مثل نبيل رجب. رجب مدافع بارز عن حقوق الإنسان، وقد سُجِن عدة مرات لانتقاده الحكومة والمطالبة بإصلاح سلمي.

كل هذا تغير مع وصول ترامب إلى سدة الرئاسة. في مايو / أيار 2017، وخلال رحلته الأولى كرئيس خارج البلاد، سافر ترامب إلى الرياض، عاصمة السعودية. وهناك، التقى بقادة الخليج بمن فيهم الملك حمد. وقال ترامب له إن "أميركا والبحرين لديهما علاقة رائعة معًا، لكن كان هناك بعض القيود، لن يكون هناك قيود  مع هذه الإدارة".

كانت تلك الإشارة التي ينتظرها آل خليفة. لن يكون هناك المزيد من القلق الأميركي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، حين تولى جون بولتون  منصب مستشار الأمن القومي في إدارة وصار مايك بومبيو وزيرًا للدولة في إدارة ترامب، سُرَّت السلطات البحرينية لرؤيتها صقرين يؤكدان للرئيس أن إيران كانت وراء المطالبات بالإصلاح.

هناك الآن آذان في واشنطن ترغب في الاستماع إلى رواية النّظام والقبول بها: المطالبة بحقوق الإنسان، وحرية التعبير، وبرلمان ذي سلطات كانت فقط جزءًا من مؤامرة إيرانية خبيثة تهدف إلى زعزعة استقرار البحرين والسيطرة عليها بهدف تهديد الدول الخليجية الأخرى.  

وهكذا، قال بومبيو، من دون ذكر أي دليل، في 10 يناير / كانون الثاني إنّ "البحرين كشفت وكلاء الحرس الثوري الإيراني الناشطين في البلاد و[...] تعمل على وقف الأنشطة الإيرانية البحرية غير المشروعة في منطقتها".

براين هوك، وهو مساعد لبولتون، وممثل الولايات المتحدة الخاص لشؤون إيران، إن "إيران [...] حاولت إضعاف الهوية الوطنية في البحرين وخلق انقسامات طائفية. لكن قادة البحرين ردوا [على ذلك] من خلال تعميق التزامهم بالتعايش السلمي والحرية الدينية". وكما يحدث غالبًا في البيت الأبيض خلال عهد ترامب، حوّل هوك، من دون أي خبرة بالمنطقة، الحقيقة إلى أكاذيب والأكاذيب إلى حقيقة.

في حال كانت هناك شكوك طويلة الأمد بشأن النهج الجديد للخارجية الأميركية، قال مسؤول كبير لم يُذكر اسمه، قبل زيارة بومبيو إلى المنامة إنه "في البحرين، ستكون السياسة الإيرانية في المقدمة والوسط. البحرين دولة في خط المواجهة؟، إن أردتم، في استراتيجيتنا بخصوص إيران. تسعى إيران إلى تحريض السكان الشيعة في البحرين من خلال تهريب الأسلحة وأساليب متنوعة أخرى".

في 30 ديسمبر / كانون الأول، رُفض طلب نبيل رجب الأخير [بالاستئناف]. وهو يقضي حاليًا حكمًا بالسجن خمسة أعوام على خلفية انتقاده الحرب في اليمن واعتراضه على سوء معاملة المعتقلين في سجن جو السيء السمعة.

بعد يومين من زيارة بومبيو إلى المنامة، وضعت السلطات حاجزًا زجاجيًا بي رجب وعائلته. يمكن لهم  فقط إجراء المحادثات من خلال الهاتف، وهي مراقبة أيضًا. لا يمكنه وأفراد عائلته أن يلمس أحدهم الآخر. وقد تم تحديد الزيارات بمرة واحدة في الشهر. وقد فُرِض الأمر ذاته على ناشط آخر من أجل حقوق الإنسان، عبد الهادي الخواجة، الذي يقضي حكمًا بالسجن مدى الحياة على الرّغم من أنه لم يلعب أي دور ناشط في احتجاجات العام 2011.

"وحشية" و"انتقامية"  هما الكلمتان اللتان تتبادران إلى الذهن. مثل هذه المعاملة مسموحة، وهي في الواقع مرحب بها من قبل الرئيس ترامب وصقور إيران المحيطين به. في زمن آخر، كنّا سنثور بسبب تصرفات مماثلة. كنا سنرفع أصواتنا غضبًا. وعلى الرغم من أنه لا يزال يتعين علينا القيام بذلك، لن يستمع أحد لنا. نحن الآن نعيش في زمن ترامب، حيث تفسد الأكاذيب الحقيقة، حيث -كما في قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي- من السهل الموافقة على التعذيب والقتل، وحيث تنعدم الفضيلة، ويزدهر الاستبداد.

 

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus