زهير مخلوف: 8 أعوام من القمع في البحرين
زهير مخلوف - 2019-02-12 - 4:49 م
أنهت الاحتجاجات السلمية في البحرين عامها الثامن، وفي الوقت الذي شهدت فيه تونس تقدما وتطورا ملموسا في مجال الحريات وحقوق الإنسان والتشريعات الداعمة للانتقال الديمقراطي الآمن فقد شهدت عدة دول عربية مآلات قاسية بعد موجة الربيع العربي في 2011 فإنَّ البحرين تدخل العام التاسع بحزمة ثقيلة من الانتهاكات الجسيمة في مجال حقوق الإنسان؛ خصوصا مع استمرار السلطات البحرينية في إحكام القبضة الأمنية وتكريس سياسة الإفلات من العقاب، بالتزامن مع تكتيم إعلامي تفرضه قوة المصالح الاقتصادية لدول الخليج، والمفارقة البارزة والواضحة هو إنَّ السلطات الرسمية تحتكر الفضاء التلفزي والإذاعي والورقي ولا يوجد إعلام مستقل يعمل داخل البحرين، آخر جريدة مستقلة هي صحيفة الوسط البحرينية تم إغلاقها، فيما تشتغل وسائل الإعلام الرسمية -التي تقصي المعارضة السياسية ولا تقدم تغطيات إعلامية متوازنة- على نشر خطابات الكراهية بشكل يومي ضد الأغلبية السياسية في البلاد.
وفي الوقت الذي حظيت فيه البحرين حظيت باهتمام مراكز الدراسات الدولية التي تراقب الأوضاع عن كثب بسبب أهمية الموقع الجيوسياسي للبحرين التي يربطها جسر الملك فهد مع المملكة العربية السعودية، فقد خصَّصت المؤشرات الدولية للبحرين حيزا منذ 2011 ضمن برنامج عملها في قياس الأوضاع السياسية والاقتصادية والحقوقية، حيث أظهرت مؤشرات القياس تراجعا كبيرا في واقع الحريات العامة والخاصة، وحق تداول المعلومات، وانخفاض منسوب الاستقرار وسيادة القانون، وزيادة الفساد، وارتفاع قمع الحريات الصحفية، ما جعل البحرين ضمن الدول الأقل أمنا والأكثر سوءا في قمع الحريات.
وفي مؤشر الديمقراطية العالمي "الإيكونوميست" فقد بقيت البحرين ضمن الدول المتأخرة؛ حيث حازت الترتيب 146 ضمن أسوأ الدول العربية في الديمقراطية، وكذلك في 2018 بقيت البحرين ضمن ترتيب 146 ضمن مؤشّر حرّيّة الصحافة، وكذلك أشارت منظمة "فريدوم هاوس" في 2018 إلى استمرار تراجع تصنيف البحرين ضمن أسوأ الدول في مجال الحريات وهو يأتي من تراجع حريّة الصحافة والتعبير، ومواصلة السلطات البحرينيّة أعمال القمع والاعتقالات التعسفيّة ضدّ المواطنين ولا سيّما الصحفيّين.
ومن خلال رصد المؤسسات الحقوقية المحلية أو الدولية ومنها منتدى البحرين لحقوق الإنسان (وأنا مستشار به) فإنَّ حصيلة الانتهاكات هي كالتالي: أكثر من 14 ألف حالة اعتقال تعسفي منذ 2011، بينها أكثر من 5000 ضحية تعذيب وسوء معاملة، وأكثر من 1700 حالة اعتقال تعسفي للأطفال، و810 حالة اسقاط جنسية لمواطنين بحرينيين لأسباب سياسية وكيدية، وأكثر من 4997 اصابة بسبب قمع التجمعات السلمية منذ 2011، فيما التجمع السلمي محظور بشكل كامل منذ 2014 بسبب مقاطعة المعارضة للانتخابات النيابية والبلدية، فضلا عن قمع المئات من التجمعات السلمية منذ 2011، فضلا عن تم تصنيف البحرين وفق تقرير المركز الدولي لأبحاث السياسات الجنائية في المرتبة الأولى من نسبة السجناء في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان؛ إذ تصل نسبة السّجناء إلى 301 من كل مئة ألف ساكن.
وتبرز أهم أشكال تدهور الأوضاع الحقوقية في البحرين، في التالي: تقييد حرية التعبير عن الرأي، ومصادرة حرية التجمع وتكوين الجمعيات، وتفشي سياسة الإفلات من العقاب، وتصاعد الانتهاكات التي منها: الاعتقالات التعسفية، المحاكمات غير العادلة، اسقاط الجنسية، التعذيب وسوء المعاملة، المداهمات غير القانونية للمنازل والمنشآت السكنية، انتهاك حرية التنقل، الملاحقات القضائية للناشطين، خطابات الكراهية، القتل خارج إطار القانون، حل الجمعيات السياسية المعارضة: جمعية الوفاق، وجمعية وعد، وجمعية أمل، فضلا عن تصاعد القمع ضد المجتمع المدني حيث تم توظيف جهاز الأمن الوطني لملاحقة الناشطين الحقوقيين والسياسيين في أقبية التعذيب لمنعهم من مزاولة أنشطتهم الحقوقية المشروعة عبر وسائل التعذيب والإكراه المتعددة، ومنها: الصعق الكهربائي، التحرش الجنسي، التهديد باستهداف الأقارب.
واختتمت السلطات البحرينية سنة 2018 بتأييد الحكم التعسفي الصادر بحق الحقوقي البحريني البارز نبيل رجب، فضلا عن استصدار حكم نهائي وبات بحق زعيم المعارضة البحرينية الشيخ علي سلمان في 28 يناير/كانون الثاني 2019 بعد محاكمة غير عادلة تم فيها تحويل أدلة البراءة إلى أدلة الإدانة والاستعانة بشهود سريين اعتمدت شهاداتهم بخلاف القانون رغم تضارب أقوالهم وبعد محاكمة غير عادلة زعموا فيها وجود تخابر مع دولة أجنبية رغم أن المكالمة الهاتفية حصلت بموافقة ملك البحرين مع مسؤول قطري لإيجاد حل سياسي في الخلاف الحاصل بين السلطة والمعارضة.