الحكومة البحرينية بوصفها "كفاح القفّاص": خذْ أموالهم وأعطِهم هدايا!

 عدم وجود سلطة رقابيّة حقيقية قادرة على محاسبة الحكومة حوّلت البحرين إلى واحدة من بلدان الموز
عدم وجود سلطة رقابيّة حقيقية قادرة على محاسبة الحكومة حوّلت البحرين إلى واحدة من بلدان الموز

2019-03-19 - 10:52 ص

مرآة البحرين (خاص): إذا كان هناك شيء يشبه مقايضة الحكومة البحرينيّة فوائض محفظة التعطّل بتمويل برنامج التقاعد الاختياري فلن يكون هذا الشيء غير قصّة كفاح القفّاص. "خذ أموالهم وأعطهم هدايا". هذه بالضّبط هي الحيلة الذهبيّة الّتي استولى بها أحد "مادوفات" الاستثمار الوهمي (2008 - 2010) على 21 مليون دينار بحريني من أكثر من 500 شخص من مختلف قرى ومناطق البحرين بحجة استثمارها وإرجاعها لهم بعوائد مالية خياليّة.

ماذا كان يعمل كفاح بالضّبط أو من يقف وراءه؟ ببساطة، كان يجمع رؤوس الأموال من ضحاياه الحالمين بالثراء السريع ثم في خلال وقت قصير يقوم بمنحهم أرباحاً عبر إعادة توزيع جزء من رأس المال نفسه. أي بمعنى آخر مختصر: خذ أموالهم وأعطِهم هدايا!

وهذه هي فحوى ما تنوي الحكومة القيام به من خلال إحالة مشروع قانون بصفة الاستعجال إلى مجلس النواب يجيز لها الاستفادة من فائض محفظة التأمين ضدّ التعطّل لتمويل برنامج التقاعد الاختياري.

حين طرحت الحكومة مشروع إنشاء محفظة التعطل  العام 2007 والتي يتم تمويلها من اقتطاع 1 % من رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص أعطت المواطنين وعوداً شبيهة بتلك الّتي أعطاها كفاح لضحاياه. قالت إنها ستستخدمها لمنح المواطنين العاطلين مساعدات ماليّة لمدة ستة أشهر يتفاوت مقدارها بحسب المؤهل الجامعي أو بواقع 60 في المئة إذا كان العاطل موظّفاً سابقاً، إضافة إلى دورات تدريبيّة.

وهكذا فعل كفاح بالضّبط؛ قال إنه سيمنح "المستثمرين" الذين يودعون أموالهم لديه أرباحاً تصل إلى 20 % و30 % و40 % بحسب حجم المبلغ المودع.

في الحالين قامت كل من الدّولة و"...كفاح" بمنح النّاس مزايا جزئيّة. مثلاً قدمت الحكومة مساعدات فعلاً للعاطلين "المسجّلين" لا تتجاوز 8 مليون دينار سنويّاً، بحسب أحدث الإحصاءات المتوافرة. لكن هذا المبلغ لا شيء مقابل المبلغ الفعلي الذي تدرّه محفظة التأمين ضد التعطل بشكل سنويّ وهو 80 مليون دينار من جرّاء استمرار استقطاع 1 % من رواتب الموظفين.

وكذلك كان الحال مع كفاح؛ فهو منح ضحاياه بعض العائدات فعلاً؛ خاصّة في الأشهر الأولى من أجل إقناع مزيد من الناس بالاستثمار وإيداع مدّخراتهم لديه؛ لكنّ هذه العائدات لاتعني أي شيء إذا ما عرفنا أنّ النسبة الأكبر من رؤوس الأموال قد تمّ الاستيلاء عليها.

وحين طرحت الحكومة برنامج التقاعد الاختياري لموظفي الجهات الحكومية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 تحت ذريعة "إعطاء موظفي الحكومة الفرصة لدخول مجال ريادة الأعمال والمشاركة في النمو الاقتصادي من خلال تقديم حوافز مالية للمشاركين في البرنامج" أوحت بأنّ ذلك يأتي في إطار برنامج التوازن المالي؛ حيث ستقوم بتمويل هذا البرنامج من حزمة الدعم الخليجيّة البالغة 10 مليارات دولار.

وهكذا فعل كفاح فقد أوهم ضحاياه هو الآخر بأنّ الأرباح التي يحصلون عليها ما هي إلا ثمرة من ثمار شركته الناجحة المسجلة في وزارة الصناعة والتجارة والتي تزاول أنشطة بيع وشراء وصيانة العقارات، والوساطة الدولية للشراء والبيع لمختلف السلع، ومكتب للترويج وجلب المستثمرين للبحرين.

ثمّ فجأة انهار كل شيء. سقطت إمبراطوريّة "كفاح" الماليّة فجأة. واكتشف "المستثمرون" لأوّل مرّة صفتهم الاجتماعية الجديدة كـ"ضحايا" لعمليّة نصْب بدائيّة انتهت بخسارتهم كل شيء.

وإلى هذا انتهى أيضاً حال محفظة التّأمين ضدّ التعطّل التي تحوّلت إلى محفظة ابتزاز تودّ الحكومة مقايضة التزاماتها تجاه العاطلين بالاستحواذ على أموالها دون وجه حق لتمويل برنامج التقاعد الاختياري الذي يفترض أن تكون قد أطلقته بموجب دراسة شاملة.

الحكومة وكفاح هما نتاج طبيعي لبلد تحكمه عصابة بلا رقابة. لم يُحاسب كفاح فهو ظلّ حرّاً طليقاً حتّى الساعة و"ضُبضِبَت" له شهادتان تثبت بأنه متخلّف عقليّ. ومثله أفراد الحكومة ورئيسها طلقاء بقوا وليست هناك أية وسيلة حقيقيّة قادرة على معاقبتهم أو إخضاعهم إلى أيّ محاسبة. اضحك فأنت فقط أمام واحدة من بلدان الموز الخليجيّة!