حكومة الريتويت.. تُجرِِّم الفولو والريتويت
2019-05-31 - 12:55 م
مرآة البحرين (خاص): مفارقة طريفة أن البحرين التي اشتهرت بأنها (جزيرة الريتويت) بسبب مواقف قيادتها المنصاعة بالكامل لإرادة وإدارة الرياض وأبوظبي، تمنع مواطنيها في سابقة جديدة لم يسبقها إليها أحد في العالم، من عمل (فولو) أو (ريتويت) للحسابات المغضوب عليها لديها، وتجرّم، في آخر صرعاتها القمعية، كل من يتابع هذه الحسابات أو يعيد نشر تغريدة منها.
فقد نشرت وزارة الداخلية البحرينية على حسابها تغريدة (باللغتين العربية والإنجليزية) تهدد فيها المواطنين والمقيمين بمعاقبتهم لمجرد قيامهم بـ(متابعة) الحسابات التي تعتبرها "تحريضية ومثيرة للفتنة"، فضلاً عن معاقبة من يعيد نشر ما تنشره هذه الحسابات، وهددت أن المتابعة أو الريتويت يكفي لتعريض الشخص "للمساءلة القانونية" وأن "إغلاقها فورا واجب وطني" على حد تعبيرها، الأمر الذي يعتبر مخالفاً لقوانين موقع التواصل الاجتماعي تويتر لما يتضمنه من تهديد.
ادارة مكافحة الجرائم الإلكترونية: متابعة الحسابات التحريضية والمثيرة للفتنة واعادة بث ما تنشره، يعرضك للمسائلة القانونية( اغلاقها فورا واجب وطني)
— Ministry of Interior (@moi_bahrain) May 30, 2019
اليوم تأتي (جزيرة الريتويت)، ولنكن أكثر دقّة تأتي (حكومة الريتويت)، لتجرّم على مواطنيها الريتويت. إنها نكتة سمجة، والأكثر سماجة ما تسميه بـ"حسابات الفتنة والتحريض"، التسمية الفسيحة التي تستخدمها لتُدرج تحتها أي حساب مخالف لريتويتها. فمعروف أن الداخلية لا يعنيها من الفتنة والتحريض إلا ما يعارض قمع النظام واستبداده وفساده ولعبه بمقدرات البلد وتفرده بالقرار والخيرات، تلك هي الحسابات التي تعتبرها السلطة "حسابات فتنة وتحريض"، إنها الخاصة بالمعارضين والإعلام المعارض، أو تلك التي تتضمن أي شكل من أشكال النقد للأوضاع الاقتصادية والمعيشية أو السياسات المتعبة في التوظيف والتجنيس وغيرها، أما تلك التي تنشر القيح الطائفي منذ 2011 وتشحن وتُحدث الشق الطائفي بين السنة والشيعة وتكفّر الشيعة وتخوّنهم وتؤلّب عليهم فتلك حسابات "الشرفاء" المرضي عنهم عند حكومة الريتويت.
وتأتي تلك الإجراءات القمعية الفريدة بعد أن أعطى ملك البحرين الضوء الأخضر لوزارة الداخلية 20 مايو 2019 للإجهاز على ما تبقى من مساحة ضئيلة يكتب فيها ثلة من المواطنين بعضًا من اعتراضاتهم. مساحة بقي فيها القليل جدًا ممن لا تزال تسعفهم الشجاعة بالكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي بأسمائهم الحقيقية أو بأسماء وهمية.
حينها قال الملك بحضور رئيسيّ مجلسيّ الشورى والنواب «لقد وجهنا في هذا الشأن، الأجهزة الأمنية المختصة لوضع حد لذلك وبحزم، ولا مكان بيننا لمن يتطاول على القانون».
إجراءات قاسية تم اتخاذها بحق عدد من المغردين غير المعارضين للسلطة، أمثال الكاتب الصحفي إبراهيم الشيخ الذي تم سجنه في شهر أبريل الماضي ثم إطلاق سراحه سريعًا بوساطة من رئيس الوزراء، وليختفي بعدها عموده في صحيفة أخبار الخليج ويتوقف عن الكتابة، وكذلك النائب الإخواني السابق محمد خالد الذي خرج عبر رسالة مصورة بعد إطلاق سراحه من سجن استمر لمدة يومين فقط، معلناً إغلاق حسابه عبر منصة تويتر.
وبعد قصة أرض عراد، تم استدعاء عدد من المغردين الموالين الذين اعترضوا على تحويل ملكية أرض للدولة إلى ملكية خاصة لنجل وزير الديوان الملكي وبدء بناء مجمّع تجاري فوقها، وبعد توقف المشروع تم اعتقال المحامي عبدالله هاشم الذي كان رأس حربة ضد مشروع نجل وزير الديوان.
أعقب ذلك اتهام كل من الحقوقيين المعارضين يوسف المحافظة وحسن عبد النبي بإدارة حساب "نائب تائب" الذي يُدار ضمن لعبة صراع الدواوين في البحرين، ثم اتهام حساب الصحافي عادل مرزوق بنشر "الفتنة والتحريض".
المحامي عبدالله هاشم الذي أفرج عنه بعد أسبوع من حبسه بتهمة نشر أخبار «كاذبة» من شأنها الإضرار بالنظام العام مع استمرار محاكمته، كتب معلّقاً على تهديد الداخلية المجرّم للفولو والريتويت "دون وسائل التواصل الاجتماعي، وهي بوابة الحرية العصرية ما كان ليلتفت أحد لحشود العاطلين وسيطرة الأجانب على سوق العمل وإفلاس مؤسسات وشركات المواطنين والتجار والمدنيين المحبوسين وحرمان الأسر من عائليها ومشاكل التعليم، نحن شعب يدافع عن حياته كما دافع وسيدافع عن وطنه البحرين".
بدون وسائل التواصل الإجتماعي وهي بوابة الحرية العصرية ما كان ليلتفت أحد لحشود العاطلين وسيطرة الأجانب على سوق العمل وإفلاس مؤسسات وشركات المواطنين والتجار والمدنيين المحبوسين وحرمان الأسر من عائليها و مشاكل التعليم ، نحن شعب يدافع عن حياته كما دافع وسيدافع عن وطنه #البحرين
— abdulla hashim (@abdullahashim2) May 30, 2019