ملامح صفقة القرن تتجسد في البحرين

عراب   مؤتمر
عراب مؤتمر "صفقة القرن" جاريد كوشنر (أرشيف)

مارتن تشولوف - صحيفة الغارديان - 2019-06-29 - 9:00 م

ترجمة مرآة البحرين

في النهاية، كانت "صفقة القرن" أكثر قليلاً من مجرد عملية بيع فاشلة لمجرد الخلاص. وصل جاريد كوشنر إلى البحرين وهو يروج للمبادئ الأساسية بتخفيضات يتعذر الدفاع عنها. وحتى عند ذلك الحين، لم يكن هناك من يشتريها.

لم يُقَدّم المؤتمر، الذي كان يُفتّرّض به أن يُقَدم طريقة جديدة للخروج من الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية، سوى  القليل من هذا النوع. وبدا أن فرضيته المركزية، للازدهار كمقدمة لحل دائم، تسجل بالكاد على جانبي الجدار الفاصل.

في رام الله وغزة، لم يكن هناك اهتمام كبير بمقترحات إدارة ترامب. حتى في إسرائيل، قلّلت وسائل الإعلام المحلية من حصادها ولم تفعل شيئًا لتكثيف التوقعات.

قوبل مبلغ الـ 50 مليار دولار الذي تم التّعهد به، بشكل فاعل كصندوق ناشئ للفلسطينيين في المنطقة، بأقل من الحماس [المتوقع] في الأردن ومصر ولبنان - حيث  رفض الزعماء في بيروت، الذين لا يميلون عادةً إلى الابتعاد عن أموال بقيمة 6 مليارات دولار، المبلغ باعتباره رشوة وقحة.

وعلى نطاق واسع، اعتُبِرَ أن الحوافز الاقتصادية لإدماج المجتمعات الفلسطينية في جميع أنحاء المنطقة وإنعاش الضفة الغربية وقطاع غزة لا لزوم لها في الغياب الصارخ للبعد السياسي الذي يمكن له تحويل هذه التعهدات إلى حقائق.

لم يُرِد أي أحد التحدث عن السياسة في المنامة. وبدلًا من معادلة كانت قد تعهدت بمبادرات السلام لعقود من الزمان، جاء التوقع بوجوب الوثوق بإدارة ترامب لتحقيق سلام عادل ومنصف، عندما يحدث البعد السياسي.

القول، إن مثل هذا الطلب كان عملية بيع صعبة، سيكون إحدى أهم المبادلات في هذا العام. كانت الإدارة الأمريكية الحالية داعمة بشكل كبير للأجندة الإسرائيلية ورفضت الفلسطينيين علنًا -وهذه حقيقة أدت إلى مقاطعة ورشة العمل من قبل الزعماء الفلسطينيين.

وصل كوشنر إلى المنامة بصفته المبعوث، المُعَيّن بنفسه، الذي يمكنه أن يقلب الأمور رأسًا على عقب، ويحقق أخيرًا عملية السلام التي لم تصل إلى أي مكان خلال العقد الماضي وأظهرت علامات حقيقية على تفككه.

من خلال تصوير نفسه كمُخالف يجد طُرُقًا جديدة لتنشيط القضايا المحتضرة، قام بالفعل بخطوات جريئة -تدعم كلّها المصالح الإسرائيلية التي ينحاز إليها عقائديًا. جاء تلميح كوشنر من موقفه السياسي عندما قال إن مبادرة السلام العربي، التي توسط فيها الملك عبد الله السابق منذ 17 عامًا، لم تعد قابلة للحياة.

هذا التّنازل دفع إلى التساؤل حول الصيغة المتفق عليها دوليًا لحل الدولتين. ففي حين  لا يعني رفض المبادرة العربية كوسيلة لحل الدولتين أن الأخيرة قد ماتت، سارع النقاد في رام الله وفي جميع أنحاء المنطقة سارعوا إلى استنتاج ذلك.

وقال أشرف جباري، وهو رئيس شبكة رجال الأعمال الفلسطينية، إنّه "بصراحة ، نحن نطالب بدولة فلسطينية مستقلة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967"  وقالت حنان عشراوي، وهي عضو بارز في منظمة التحرير الفلسطينية، عن خطة كوشنر"إنها منفصلة تمامًا عن الواقع. الفيل في الغرفة هو الاحتلال نفسه".

إن التخلي عن مثل هذه المنصة التأسيسية من شأنه أن يأخذ النزاع إلى وضع خطير، وكونوا أكيدين، سيثير غضب الكثيرين في المجتمع الدّولي.  سوف يثير السؤال حول ما يمكن أن يأتي بعد ذلك يمكن لأي طرف أن يقبله كنموذج طويل الأمد.

كان الموقف الفلسطيني قبل المؤتمر ضعيفًا بشكل لم يسبق له أن يكون عليه سابقًا. سحبت الولايات المتحدة تمويل المساعدات الإنسانية، وأغلقت مؤسساتها في الضفة الغربية وغزة، وطردت دبلوماسيي [السلطة الفلسطينية] من واشنطن. أُصيب الاقتصاد الفلسطيني بالركود، وانهارت الهيكليات السياسية ويتواصل اختبار حكم القانون في جميع المناطق.

باختصار، ليس الفلسطينيون في وضع يمكنهم من التّفاوض، حتى لو قرروا ذلك. بعد أن كشف كوشنر عن مخططه في المنامة، هناك الآن وضوح أكبر على الأقل بشأن ما يمكن توقعه بالنسبة لبقية هذه الإدارة.

الآن تأتي لعبة التخمين حول المدى الذي ستذهب إليه الولايات المتحدة في حال لم تشترك [السلطة الفلسطينية] في خطتها. خنق اقتصادي على النمط [المتبع] مع إيران، أو دافع لتغيير النظام أو أكثر من الاحتلال المشدود باستمرار، مع  عدم وجود أي أحد يثير يثير ضجة في واشنطن حول حقوق الإنسان أو تدهور الظروف المعيشية.

مع اختتام المؤتمر، أكد توني بلير، الذي اعتبر فكرة النمو الاقتصادي إعادة تمهيد للاقتصاد الفلسطيني خلال فترة رئاسته للّجنة الرباعية قبل عقد من الزمن، لكوشنر على ضرورة الالتزام بمبادئ الدولتين وبالمبادرات الاقتصادية والسياسية لمنح الثقل [والأهمية] لأي خطط. لقد فشل في الالتزام، وانتهى المؤتمر بتعهد بأن أي شيء يأتي بعد ذلك سيكون "عادلًا" لكلا الجانبين.

وقال بلير في الاجتماع إنه "من الغباء تمامًا الاعتقاد بأن بإمكانك الحصول على اقتصاديات بدون سياسة سليمة، لكن من غير المجدي تمامًا الاعتقاد بأن السياسة ستنجح من دون اقتصاديات تدعمها".

لم يكن هناك سبب وجيه لمثل هذه المزاعم الظاهرية قبل قمة البحرين، والأمر حتى أقل من ذلك الآن. 

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus