ليس ملكاً ولا رجل دولة

2012-08-15 - 11:45 ص


مرآة البحرين (خاص): لم يكن ملكاً ولا رجل دولة، كان ولي أمر فعلاً كما وصف نفسه "والتفافه [الشعب] حول ولي أمره"، ولو أنه حذف من خطابه طنطنة دولة المؤسسسات والقانون، لبدا خطابه منسجماً كولي أمر يفترض طاعة رعيته لا مشاركتهم له. لكن خطاب الدكتاتور لا يمكن أن يكن منسجماً أبدا، لأنه يريد أن يكون كل الأشياء معاً وأن يمسك بكل الأشياء معاً، الأشياء بكل تناقضاتها. يريد أن يكون رجل دولة المؤسسات والقانون الذي يُساءل وتوزع سلطته على أكثر من جهة، ويريد أن يكون ولي الأمر في الوقت نفسه الذي لا يقاسمه أمر السلطة أحد غيره.

الدكتاتور في لحظات مآزقه يبحث عن ملجأ يستر إخفاقاته ونذالاته، يسمى هذا الملجأ في التداول السياسي بالملجأ الأخير للنذل، ركب الملك في خطاب العشر الأواخر هذا المركب، قدم نفسه ولي الأمر وأغرق خطابه بسيل من الآيات التي تظهره كولي أمر حقيقي مفترض الطاعة، ولم يكتف بذلك  فقد اتخذ من قضية فلسطين كذلك ملجأ يخفي تحته أكثر النذالات استهلاكاً في خريف الدكتاتوريات العربية.

والنذالة قرينة الكذب، من يستخدم الآيات لتتويج نفسه ولي أمر واعتبار من يخالفه من شعبه دعاة فتنة، لن يتوانى عن الكذب واعتبار انقلابه على الدستور نتيجة حوار ومشاركة "بل وكتبنا دستورنا معاً ومن ثم بالحوار تعاهدنا على ميثاقنا الوطني وتحديث الدستور" إنها معية الكذب، تكذب وتستخدم معية الأخرين لتخفف من شناعة الفعل الذي قمت به أو تجمله.إن الأزمة في البلاد تكمن كلها في هذه المعية. سلطة تريد كل شيء لها ولا يشاركها أحد في معيته. وتدعي أن ما تفعله بشكل منفرد ومستأثر هو حوار وتعاهد ومعية ومشاركة.

إنه ولي الدستور والقانون، الدستور ليس ولياً للدولة، ولا تحتكم (جلالته) إلى الدستور، لكن الدستور يحتكم إليها، بهذا المعنى لا أحد يمكنه أن يتطاول فوق المؤسسات المكونة برسم ولاية جلالته "فليس في وسع أحد أن يكون فوق القانون أو يتطاول على المؤسسات الدستورية وكل من حاول ذلك تصدينا له وضربنا على يده بكل قوة" المؤسسات مؤسسة على مقاس جلالته، ومراسيمه وأساميه هي التي تعطيها الشرعية.

التهديد بالضرب بكل قوة، هي سمة السلطة التي تكون فوق مستوى القانون والمؤسسات الدستورية، هي سمة السلطة الفردية الدكتاتورية التي ترى في كل محاولة لتحويلها لسلطة شعبية، تهديدا ضد تفرد يدها بالسلطة.

الدكتاتور تفضحه يده مهما تذرّع بالحكمة الكاذبة "وفي أوج الشدة تمسكنا بالحكمة والصبر والأناة" يده التي لم تعرف يوماً غير الرعونة منذ رأت بشاعتها في مرآة  14 فبراير.

ليس في هذا الخطاب رقماً واحداً، ولا معلومة واحدة، ولا إشارة إلى تقرير واحد. هل يمكن أن تتحدث الدولة اليوم بغير ذلك؟ هل يمكنها أن تتحدث بالآيات القرآنية التي تُشيطن مواطنيها  الذين أحرقت آيات كتبهم المقدسة ومساجدهم التاريخية وأمكان شعائرهم التي كفلها الدستور.

إنه ليس خطاب دولة، بل خطاب فرد ضد الدولة، فرد يعمّق مشاكلها الداخلية ويعتبرها فتنة يقوم بها موطنوه ويكذب بقوله "إننا غير غافلين عن مشاكلنا الداخلية والتي لانألو جهدا في حلها والتغلب عليها".


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus