محمد سلطان: أمعاء خاوية وملك يقودنا إلى الهاوية

2019-08-22 - 3:33 م

دخل مئاتٌ من معتقلي الرأي في البحرين إضرابا عن الطعام منذ (18 أغسطس/ آب 2019) احتجاجا على المعاملة غير الإنسانية والمخالفة لأبسط المعايير الدولية لمعاملة السجناء.

وليس هذا الإضراب الأول من نوعه في السجون البحرينية، لكنه يكتسب أهمية الآن مع اتساعه بعد أن كان مقتصرا على 15 معتقلا. لقد وجد المئات أن معركة الأمعاء الخاوية قد تعيد لهم شيئا من حقوقهم الأساسية المهدرة.

يحتج المضربون في سجني جو والحوض الجاف على تردي أوضاع السجن الإنسانية، يضطرون لشرب الماء في قوارير منظفات الملابس والصحون لعدم توفر كؤوس شرب الماء، كما يضطرون لأكل وجبات الغذاء على أكياس بلاستيكية بدلا عن الصحون، ويتناوبون على النوم لعدم اتساع المكان.

5 آلاف معتقل رأي إلى جانب المعتقلين الجنائيين يتكدسون في زنازين صغيرة، ويعيشون في بيئة لا يمكن وصفها، بيئة غير صالحة للعيش الآدمي، لدرجة أن يضطر بعضهم، مع فيضان قنوات الصرف الصحي، لوضع البراز في أكياس.

لقد اتسعت دائرة الإضراب لتضع حداً لتدهور الأوضاع الإنسانية والحرمان من العلاج، وتعريض حياة المعتقلين للخطر. ويبلغ معتقلون أهاليهم أنه لا يتم السماح لهم بالذهاب للمواعيد ولا رؤية الطبيب عند الحاجة، ويقول البعض أنهم اضطروا لقلع أسنانهم داخل الزنانين بعد منعهم من رؤية الطبيب.

على الرغم من التجارب القاسية السابقة مع السلطات، إلا أنه يجب دعوتها للتصرف بحكمة في التعامل بحكمة، فالأنباء الواردة عن استخدام القوة لثني المعتقلين عن إضرابهم ستزيد الأمور تعقيدا، وكنشطاء حقوقيين ندعو السلطات العليا في البحرين لحل هذا الملف دون خسائر في الأرواح وضمان تلقي المضربين عن الطعام ما يناسبهم من رعاية واحترام لكرامتهم وآدميتهم.

المنظمات الحقوقية في البحرين، كانت وما زالت تجد في السماح للمقررين الأمميين المعنيين بزيارة السجون، ضمانة على احترام البحرين لالتزاماتها الدولية تجاه المعتقلين، إلا أن الرفض المتكرر من جانب السلطات يشير إلى مخالفتها لتلك الالتزامات وإصرارها على إساءة معاملة السجناء.

السماح للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (منظمة حكومية) بزيارة السجناء، لا يكفي لطمأنة عوائل المعتقلين التي تعيش منذ 4 أيام حالة من القلق والخوف على مصير أبنائها، فالمؤسسة لا تحظى بقبول أهالي المعتقلين ولا المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.

لقد حان الوقت للسماح للمقررين الأمميين والصليب الأحمر بزيارة السجون للقيام بدورهم المتمثل في توفير أطباء لتقييم الحالة الصحية للمضربين عن الطعام والتأكد من تلقيهم ما يكفي من الرعاية المتسقة مع المعايير الفنية والأخلاقية المعمول بها في هذا المجال.

لا أجد إلا كلمات التضامن مع المعتقلين والتعبير عن القلق على حياتهم، أما للسلطات في البحرين، فإن مزيدا من العار سيلحق بها إذا ما قررت أن تتعامل بالقوة مع المضربين أو تتركهم لمواجهة الموت جوعا. 

إن الملك حمد بن عيسى آل خليفة يبدو مسؤولا بوصفه رئيسا للسلطات التنفيذية والقضائية عن كل ما جرى ويجري على السجناء، وأنه إن لم يكن يملك الجرأة على تصحيح المسار فإن عليه أن لا يزيد الأمور تعقيدا بقتل المعتقلين مرة بالرمي بالرصاص وأخرى بالجوع ودفع البلاد نحو الهاوية.

 

*عضو منظمة سلام لحقوق الإنسان