لماذا يخنقون نبيل رجب؟

نبيل رجب
نبيل رجب

2019-08-25 - 1:18 ص


مرآة البحرين(خاص): ما زال نبيل رجب وهو في منتصف الخمسينيات، يتمتع بوسامته وابتسامته ومرحه وروحه القوية، هكذا تؤكد أسرته، لكنه حتى اليوم يشكو من قسوة عزله عن بقية السجناء السياسيين.
تعزل السلطة رجب منذ اعتقاله الأول في 2012، ثم اعتقاله الثاني في 2015 حتى اليوم، وهو أول سجين يتم التعامل معه بهذه الطريقة، لم يتم سجنه مع شخصيات سياسية قيادية، ولا وضعه في زنزانة مع سجناء سياسيين آخرين.
لماذا تخاف السلطات نبيل رجب إلى هذا الحد وهو الناشط الحقوقي المعروف، ولا تتوقع منه أية خطورة أمنية داخل السجن. طالما كان رجب صوتاً صريحاً شجاعاً في قول الحقيقة ووصف الحال التي يعيشها الناس، وشكّل مصدراً للأخبار الموثوقة في البحرين، اليوم تقوم السلطات بعزله عن جميع السجناء السياسيين، وتتعمد إيذاءه عقلياً ونفسيًّا.
النيابة العامة التي تحركت ضد نبيل رجب وشاركت في سجنه، لم تتحرك لوضع رجب ضمن إطار طبيعي داخل السجن، بل كانت على الدوام خصماً غير نزيه ضدّه.
نبيل رجب الآن محاط في سجنه بنوعين من السجناء، النوع الأول من المدانين بقضايا الدعارة، والنوع الثاني من المدانين بقضايا الانتماء ل«داعش».
يقول رجب، أنه في كثير من الأحيان حين يحتاج الذهاب إلى الحمام يجده مغلقاً، بعضهم يختلون ببعض هناك، وحين يطالبهم بالخروج يقومون بمراددته والتلاسن معه.
في أيّ حديث أو مزاح يتجاوز هؤلاء حدودهم بالكلام غير اللائق أو الجارح أو إطلاق الشتائم والقذارات من القول، إضافة إلى قيام بعضهم بسلوكيات لا تجعل جوّ الاحترام سائداً في السجن.
أخلاق نبيل وعمره يمنعانه من استخدام القوة لدفع أي تجاوز قد يقع عليه من قبل البعض، ولم يستطع إقناع أيّ من هؤلاء المدانين بقضايا الدعارة التصرف بشكل لائق، إنها معاناة من نوع خاص تتعمد السلطات وضع الحقوقي الكبير فيها وإيذائه نفسيّا بشكل عميق.
بعد خروجه من تجربة سجنه الأول (2012-2014) صرّح رجب لـ«مرآة البحرين» أن هذا العزل هو أصعب ما واجهه في السجن، وأرجع قصد السلطات من ذلك أنهم «يريدون إمراض عقلي، إنهم يستهدفون إفقادي قدرتي على التفكير والحوار والنقاش بل والكلام أيضاً، فالعزلة الفكرية قتل بطيء»، مضيفاً: «لقد خشيت على نفسي أن أموت غيظاً وقهراً، لكني بعد أن وعيت هدف ضرب عقلي، قررت أن أستجمع كل طاقتي لإفشال هذا الهدف».
يعاني رجب من عقاب طويل المدى، السلطات البحرينية تنتقم منه بالعزل، مجدداً منذ اعتقاله في 2 أبريل 2015. لم يضعوه ضمن (عزل جماعي) كما فعلوا مع القيادات السياسية (الرموز)، ولا ضمن مجموعة سجناء سياسيين آخرين، بل مع سجناء يمثلون النقيض له، ويصعب عليه أن يكوّن أي علاقة معهم.
يعبّر عزل رجب عن خوف حقيقي لدى السلطات منه ومن أمثاله من المعتقلين بسبب مكانتهم القيادية وسعة اطلاعهم وعمق تجربتهم، وتأثيرهم الكبير على بقية المعتقلين، لذلك ينبري وزير الخارجية للدفاع عن العقاب الذي يتعرض له رجب منذ سنوات، عندما انتقد المفوضية الأممية لحقوق الإنسان التي تحدثت عن الظلم الواقع على الحقوقي الدوليّ، كذلك تنبري الأمانة العامة للتظلمات للدفاع عمّا تفعله وزارة الداخلية برجب. إن ذلك يكشف خوف السلطة من إنسان حرّ لم تستطع قسوة الأجهزة الأمنية أن تجعله يخرس كما فعلت بكثيرين.