ولي العهد السعودي يحذر من التصعيد مع إيران ويفضل الحل السياسي

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان - صورة من أرشيف رويترز
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان - صورة من أرشيف رويترز

2019-10-01 - 11:04 ص

مرآة البحرين (رويترز): حذر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مقابلة تلفزيونية بُثت يوم الأحد من أن أسعار النفط يمكن أن ترتفع إلى أرقام خيالية ما لم يتخذ العالم موقفا قويا لردع إيران، لكن قال إنه يفضل الحل السياسي على الحل العسكري.

وفي مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" على شاشة قناة (سي.بي.إس)، نفى الأمير محمد أنه أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي بأيدي أشخاص يعملون لصالح الحكومة السعودية قبل نحو عام لكنه قال إنه يتحمل في نهاية المطاف "المسؤولية كاملة" بوصفه القائد الفعلي للبلاد.

ورغم أن مقتل خاشقجي فجّر غضبا دوليا ولوّث سمعة ولي العهد، فإن المواجهة المحتدمة بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإيران، عدو الرياض اللدود، هيمنت في الآونة الأخيرة على السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالمملكة لا سيما بعد هجوم 14 سبتمبر أيلول على منشأتي نفط سعوديتين.

وقال الأمير محمد "إذا لم يقم العالم باتخاذ موقف قوي حازم ضد إيران سنرى مزيدا من التصعيد يهدد مصالح العالم ويعرقل إمدادات الطاقة، كما ستقفز أسعار النفط إلى مستويات كبيرة لم نرها في حياتنا".

وقال ولي العهد في المقابلة التي أُجريت معه يوم الثلاثاء في السعودية إنه يتفق مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على أن هجمات 14 سبتمبر أيلول التي أدت لانخفاض إمدادات النفط العالمية أكثر من خمسة بالمئة كانت عملا حربيا من جانب إيران.

لكنه قال إنه يفضل الحل السلمي لأن نشوب حرب في المنطقة سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي. وتتهم الولايات المتحدة وقوى أوروبية والسعودية إيران بالمسؤولية عن الهجمات لكن طهران تنفي أي دور لها فيها. وأعلنت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران مسؤوليتها عن الهجمات.

وذكر ولي العهد أنه على ترامب أن يجتمع مع الرئيس الإيراني حسن روحاني لصياغة اتفاق جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني ونفوذ طهران في الشرق الأوسط.

وفشلت الجهود للجمع بين الرئيسين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي. وتفاقم التوتر بين واشنطن وطهران بسبب انسحاب الولايات المتحدة العام الماضي من الاتفاق النووي ومعاودة فرض العقوبات على إيران.

* "بلا شك لا"

قبل أيام من حلول الذكرى السنوية الأولى لمقتل خاشقجي، وردا على سؤال عما إذا كان قد أصدر أمر القتل قال الأمير محمد "بلا شك لا". وأضاف "كانت جريمة بشعة لكني أتحمل المسؤولية الكاملة عنها كقائد في المملكة خاصة أن من ارتكبها كانوا مسؤولين يعملون لصالح الحكومة".

وأردف "كقائد عليّ أن أتحمل المسؤولية وأن اتخذ كافة الإجراءات لمنع تكراراها في المستقبل.. كان ذلك خطأ".

وتعتقد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) وبعض الحكومة الغربية أن الأمير محمد أمر بالقتل لكن مسؤولين سعوديين نفوا مرارا أي دور له. وبسؤاله عن تقييم (سي.آي.إيه) طلب الأمير محمد الكشف عن هذه المعلومات.

وبعد نفي الأمر في البداية، اتهمت السعودية مجموعة من العاملين بالدولة تصرفوا من تلقاء أنفسهم بارتكاب الجريمة. وقال النائب العام السعودي إن أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات آنذاك أمر بإعادة خاشقجي، الذي كان مقربا من الأسرة الحاكمة قبل أن يصبح من أبرز منتقديها، إلى البلاد. لكن المسؤول عن التفاوض مع خاشقجي أمر بقتله بعد أن فشلت المناقشات بخصوص عودته.

وعندما سُئل الأمير محمد خلال المقابلة كيف يمكن أن تكون الجريمة ارتكبت دون علمه، أجاب أن هناك ثلاثة ملايين من الموظفين الحكوميين في السعودية وأن معرفة ما يقومون به يوميا أمر مستحيل.. وقال "مستحيل أن يرسل ثلاثة ملايين موظف تقارير يومية إلى رؤسائهم في الحكومة السعودية..

وأدلي ولي العهد السعودي بتصريحات مماثلة، بعيدا عن الكاميرا، في فيلم وثائقي لشبكة "بي.بي.أس" نُشرت الأسبوع الماضي أشار فيها لأول مرة إلى مسؤوليته عن مقتل خاشقجي الذي أثار أسوأ أزمة سياسية سعودية على مدى جيل.

وقال جيمس دورسي، وهو كبير باحثين في كلية الدراسات الدولية بجامعة راجارتنام ومعهد الشرق الأوسط التابع لها في سنغافورة، إن التصريحات "لها قيمة رمزية" وقد تسهم في مكافحة الضرر الذي لحق بالسمعة بما في ذلك في دوائر الأعمال.

وأضاف دورسي "ومع ذلك فإنها لا تسهم في تحقيق الشفافية والوصول إلى حقيقة من فعل ماذا لمن ولماذا وبأوامر من".

وقدمت السلطات السعودية 11 متهما للمحاكمة في إجراءات تكتنفها السرية. ودعا تقرير للأمم المتحدة إلى التحقيق مع الأمير محمد ومسؤولين كبار آخرين في السعودية. وأقيل عسيري وسعود القحطاني، أحد كبار المستشارين، لدورهما في العملية لكن عسيري فقط قُدم للمحاكمة.

وردا على سؤال عن كيفية احتمال تورط اثنين من أفراد الدائرة المقربة منه في الأمر دون علمه، قال الأمير محمد "التحقيقات جارية وفور ثبوت التهم ضد أي شخص سيتم تقديمه إلى المحكمة دون استثناء أيا كان وظيفته".

وشوهد خاشقجي كاتب المقالات بصحيفة واشنطن بوست لآخر مرة وهو يدخل القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 أكتوبر تشرين الأول لاستلام أوراق قبل زواجه. وقُطعت جثة خاشقجي وأُخرجت من المبنى ولم يعثر على أي أثر لها.

وسُئل ولي العهد السعودي خلال المقابلة عن ناشطات تحتجزهن السلطات السعودية لاتهامات تتعلق بنشاطهن في مجال حقوق الإنسان وتصفهن وسائل إعلام محلية بالخيانة ومن بينهن الناشطة لجين الهذلول فقال الأمير محمد إنه ينبغي احترام القوانين حتى يتم إصلاحها.

وأضاف أن قرار إطلاق سراح الهذلول في يد النائب العام لكنه سيتابع بنفسه اتهامات بأنها تعرضت للتعذيب في السجن.

وعندما سُئل عن الانتقادات الموجهة للرياض داخل الكونجرس فيما يتعلق بقتل خاشقجي والحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، والتي أوقعت الكثير من القتلى المدنيين أجاب ولي العهد "العلاقة (بين السعودية والولايات المتحدة) أكبر بكثير".

وقاوم ترامب مساعي الكونجرس لحظر بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية.

وكرر ولي العهد دعوة سعودية لإيران لوقف الدعم لقوات الحوثيين في اليمن وقال إنه منفتح على كل المبادرات للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب اليمنية.