سوريا والبحرين.... ما الفرق؟

2012-08-27 - 8:00 ص


بيتر هيتشن، مايل أون لاين
ترجمة : مرآة البحرين

وزير الخارجية، ويليام هيغ، مولع جدا بالتحدث بلهجة عالية مع الحكومة السورية، كما الـ بي بي سي. بالنسبة لهم هو "نظام"، على الرغم من أنهم قد اكتشفوا "نظاميته" في الآونة الاخيرة فقط. فيما لو كانت هذه النوعية تسمى بهذا الاسم. ولعقود من الزمن، عندما لم يكن لرأي الليبرالية الغربية مصلحة في الشرق الأوسط، باستثناء مهاجمة إسرائيل لشرورها الكثيرة، بينما كان يتم تجاهل سوريا.

وحتى بعد الحادثة المروعة لنزار هنداوي، التي تمت فيها محاولة رهيبة لاستخدام امرأة حامل لوضع (عن غير قصد)  قنبلة على متن طائرة ركاب إسرائيلية، والتي كان من المحتمل أن تنفجر فوق لندن فيما لو كانت المؤامرة قد نجحت، لم تكن سوريا تعتبر حقا شريرة على نحو خاص. قطعنا العلاقات لبعض الوقت، ولكن في نهاية المطاف استعدناها. حتى أن سوريا كانت مُرحّبًا بها  بالمحاولات التي كانت الولايات المتحدة ترعاها للتوسط في اتفاق سلام مع إسرائيل حول مرتفعات الجولان، دبلوماسية مضيعة الوقت الميؤوس منها بشكل أو بآخر.

بقيت سوريا خارج الكتب السيئة للغرب حتى بعد أن كان من الواضح تماما مشاركة إرهابيين برعاية سورية في القتل الجماعي بلوكربي. وتم إسقاط مسار التحقيق هذا لأن سوريا كانت "مفيدة" للغرب خلال الحرب الأولى ضد صدام حسين. هذا ولكن بسبب السياسة التي هي الأصل في الادعاءات اللاحقة الغريبة والخالية من الدليل بأن القذافي كان وراء تلك القنبلة. مدهش ما يصدقه الناس وما ظلوا يصدقونه، حسب ما يناسبهم.

الآن، بقدر ما يمكنني فهمه، بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، مدفوعتان من هيلاري كلينتون في تشنج عاطفي غريب والذي من الصعب جدا التوفيق بين حركتها النسائية المتشددة والحركة الشبابية اليسارية، قررتا أن تأخذا جانب السعودية في التقسيم المتنامي للعالم الإسلامي. هذا ويبدو أنه يفسر لماذا ننظر إلى القمع السوري للمتمردين المناهضين للحكومة بغضب وازدراء، ولماذا ننظر إلى القمع البحريني للمتمردين المناهضين للحكومة برضا وتعاطف - السيد المخادع (Mr. Slippery) كان يستضيف ملك البحرين في داونينغ ستريت لإجراء محادثات يومَ الخميس، على الرغم من عدم وجود ضجة أو وجود دعاية قليلة جدا، وبعد ستة أيام من قيام الشرطة في البحرين بضرب مراهق أعزل حتى الموت. بينما قالت وزارة الداخلية البحرينية إن الشاب القتيل كان 'إرهابيا'.

البحرين أصغر بكثير من سوريا، ولكنّ هناك اعتقادًا بأن ما لا يقل عن 50 شخصًا  قد لقوا مصرعهم في اشتباكات الشوارع  في الأشهر الـ 18 الماضية أو نحو ذلك. ولعل بعضكم يتذكر، في الأيام الأولى من الربيع العربي المفترض  كانت هناك تغطية كبيرة جدا للمظاهرات في دوار اللؤلؤة في المنامة. ومنذ ذلك الحين كانت هناك مزاعم ذات مصداقية بشأن التعذيب من قبل الحكومة والمئات من الاعتقالات وما بدا لبعض الناس كغزو من الجارة السعودية، التي وصلت قواتها بعربات بريطانية. وجانب من جوانب القمع الكريه وبشكل خاص كان بمعاقبة الأطباء الذين عالجوا المصابين بكل بساطة في اشتباكات الشوارع.

لم أصدر أي حكم على هذا بنفسي. ليس لدي الكثير من الأمل لأي من هذه المجتمعات بأن تصبح محكومة بموجب القانون أو أن تصبح حرة في أي وقت قريب. ما يدهشني هو التناقض الموجود لدى حكومتنا، والحكومة الأمريكية. نلاحظ أيضا أن الإخوان المسلمين الجدد الذين يسيطرون على الحكومة المصرية شرعوا مؤخرًا في قمع دموي في سيناء، ومع ذلك لم يُتَّهموا "بقتل شعبهم". هذه التهمة الغريبة ( هل ستكون أسوأ أو أفضل إذا ما قتلوا الشعوب الأخرى؟) عادة يتم صناعتها ضد الحكومات التي تم اختيارها من قبل "الغرب" لزعزعة الاستقرار.

علاقة الولايات المتحدة مع السعودية قديمة جدا ومثيرة جدا للاهتمام، ويعود تاريخها إلى قمة غريبة بين فرانكلين روزفلت والملك السعودي، ابن سعود. على متن سفينة حربية أمريكية، يو أس أس كوينسي، في بحيرة غريت بيتر، عندما كان روزفلت في طريقه إلى منزله من مؤتمر يالطا في شباط/فبراير 1945. وكان السجاد العربي قد فرش على متن سفينة كوينسي الفولاذي، لجعل الملك يشعر أنه في منزله.

ولكن لا بأس لما ينبغي على بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية  أن تدعم الإطاحة بالحكومات غير المتعاطفة مع السعودية ( وتتجاهل عيوب الحكومات العربية التي تتلاءم مع الذوق السعودي) لست متأكدا.  قد يكون لديها شيء لتفعله مع قلقنا المفرط من الأسلحة النووية الإيرانية غير الموجودة، وبعيدة سنوات كثيرة من امتلاك قدرة تشغيلية. أو أنها قد تزداد حدة. وفي كلتا الحالتين، نحن بحاجة لاستنزاف الدعاية والعاطفة من هذه المناقشة، والحصول على برلمانيين وصحفيين يسألون الوزراء ما علينا القيام به بالضبط، وما الفائدة التي تعود من ذلك على مصالحنا الوطنية.

في الوقت نفسه، تقارير عديدة من الصحف المتعاطفة حتى الآن مع "الناشطين" السوريين قد روت هذا الأسبوع كم عدد السوريين العاديين وغير الملتزمين الذين يخشون ويكرهون هؤلاء  "الناشطين" الذين  من خلال تحريضهم تنتقم الحكومة من الأحياء السلمية، يدمرون حياة الناس السعيدة والقانعة إلى حد ما. لماذا؟ لماذا نعتقد أن هذا السعر المأساوي جدير بالدفع؟.

24 آب/أغسطس 2012 

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus