كيف تعمل المؤسسة الحاكمة البريطانية لإبقاء آل خليفة في السلطة؟

رسم يوضح العلاقات بين بريطانيا والبحرين (دايلي مافريك)
رسم يوضح العلاقات بين بريطانيا والبحرين (دايلي مافريك)

مارك كورتيس ومات كينارد - صحيفة ديلي مافريك - 2019-10-19 - 9:59 م

ترجمة مرآة البحرين

شخصيات بريطانية مؤثرة، بما في ذلك كبار الضباط السابقين في الجيش البريطاني، ووحدة التحكم السابقة في جهاز الاستخبارات البريطاني، كانت تقدم المشورة لملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، في فترة كانت فيها قواته الأمنية تُشدد القمع ضد المعارضة. وللملكة إليزابيث الثانية، من العائلة الحاكمة في بريطانيا، روابط شخصية مع ملك البحرين.

بالإضافة إلى ذلك، تروج الحكومة البريطانية لمجموعة من البرامج العسكرية التي تدعم نظام البحرين و "أمنه" الداخلي.

من المُرجح أن تثير هذه المعلومات أسئلة حول كيفية قيام المؤسسة الحاكمة البريطانية بدعم أسرة حاكمة مُفَضلة لديها في الخليج. كما تثير أسئلة حول أخلاقيات الموظفين الرسميين الذين يستخدمون جهات الاتصال الخاصة بهم لتحقيق مكاسب شخصية بعد مغادرتهم المناصب العامة.

حكم الملك حمد

قمعت البحرين في عهد الملك حمد -الذي تولى السلطة منذ العام 1999- المعارضة السياسية في البلاد منذ أن هدّدت انتفاضة شعبية واسعة النطاق سيطرة الأسرة الحاكمة على الربيع العربي في العام 2011.

طالب المحتجون بمشاركة سياسية أكبر، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة ووضع حد للفساد والمساواة للغالبية الشيعية المكبوتة منذ زمن طويل في البحرين. وقوبِلوا بقمع وحشي من قبل قوات الأمن البحرينية المدعومة من 1000 جندي سعودي مُدَرّبين ومُجَهزين في المملكة المتحدة.

منذ العام 2011، تعرّض جميع المدافعين والمعارضين البارزين في مجال حقوق الإنسان للسّجن أو السّكوت أو الإجبار على السّفر إلى الخارج بينما تم حظر الاحتجاجات العامة رسميًا في العاصمة المنامة.

على الرغم من أنّ البحرين أجرَتْ انتخابات برلمانية لمجلس النواب، وهي ممارسة غير معتادة في منطقة الخليج، إلا أنّ السّلطة السّياسية تكمن بحزم في يد الملك والأسرة الحاكمة. تمّ حلّ الجمعية المعارضة الرّئيسة، الوفاق، من قبل النظام في العام 2016، وتمّ إغلاق صحيفة الوسط المستقلة الوحيدة في البلاد بالقوة في العام التالي.

الأمم المتحدة وجدت أنّ الحكومة البحرينية على انتهاك التزاماتها بالقبض على المدافعين عن حقوق الإنسان وشخصيات المعارضة، بل وأشارت إلى أنّ هذا قد "يُشَكّل جرائم ضد الإنسانية".

وتفيد [التقارير] أنّ التّعذيب منتشر على نطاق واسع في سجون البحرين، ولا سيما من أجل انتزاع اعترافات تُستخدم في الحكم على الأشخاص بالإعدام. وقد تحدثت جماعات حقوق الإنسان عن حرق السّجناء بالسجائر والحديد، وتعرّضوا لصدمات كهربائية، من بين أشكال أخرى من التعذيب.

إبقاء النظام في السلطة

في 9 مارس/آذار 2011، قبل خمسة أيام فقط من بدء قوات الأمن البحرينية حملة القمع العنيفة ضد المحتجين، كان السّير ديفيد ريتشاردز، رئيس أركان الدفاع البريطاني -المسؤول العسكري الأعلى- في المنامة لعقد اجتماعات مع الأمير سلمان، ولي العهد الذي هو الابن الأكبر للملك حمد والوريث المفترض.

ريتشاردز هو القائد السابق لقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان وقد لعب دورًا رئيسيًا في الحرب الليبية في العام 2011، فضلًا عن كونه أول ضابط يحصل على لقب فارس تنفيذي منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي هذه الاجتماعات في المنامة، شارك أيضًا بيتر ريكيتس، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء [السابق] ديفيد كاميرون، والسفير البريطاني، والملحق العسكري البريطاني، وكذلك الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، قائد قوة دفاع البحرين، ومسؤولون عسكريون بحرينيون كبار آخرون.

ومع استمرار الاحتجاجات غير المسبوقة في الشوارع بالخارج، "راجع" هؤلاء الرجال "العلاقات الودية بين البلدين، وخاصة التعاون والتنسيق في المجالين العسكري والدفاعي وسبل تعزيزهما"، وفقًا لوكالة أنباء البحرين  الحكومية. طمأن ريكيتس نفسه وكالة الأنباء بشأن "دعم المملكة المتحدة الطويل للبحرين كحليف إستراتيجي".

بعد يومين من هذه الاجتماعات بين المملكة المتحدة والبحرين، في 11 مارس/آذار، زار وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس المنامة "لتقديم الدعم الأمريكي للعائلة المالكة"، وفقًا لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز. وتبين لاحقًا، من مصدرين دبلوماسيين في الأمم المتحدة، أن المملكة العربية السعودية أُعطِيَت الضوء الأخضر للتّدخل في البحرين من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. ورد أنّها منحتها [السعودية] موافقتها مقابل تصويت بـ "نعم" من قبل جامعة الدول العربية لمنطقة حظر الطيران فوق ليبيا، حيث كانت الولايات المتحدة وبريطانيا تسعيان للإطاحة بنظام القذافي.

أنهت حملة قمع الملك حمد والتدخل السعودي فجأة الربيع العربي في البحرين، حيث واصل النظام احتجاز مئات المدنيين، بمن فيهم الأطباء والمحامين والعاملين في مجال حقوق الإنسان والأكاديميين والمدونين الشباب.

أيّدت بريطانيا التّدخل السعودي ودرّبت الحرس الوطني السّعودي لفترة طويلة، فرقة النخبة التي أُرسِلَت إلى البحرين للمساعدة على إخماد الاحتجاجات. دخل السعوديون البلاد في ناقلات جند مدرعة بريطانية الصنع معروفة باسم تاكتيكاس Tacticas، تمّ تصنيعها بواسطة شركة بريطانية، بي آي إي سيستمز BAE Systems.

لكن علاقة الجنرال ريتشاردز بالبحرين لم تنتهِ بعد إخماد الانتفاضة. بعد عامين على ذلك، في العام 2013، تقاعد من الخدمة العسكرية في المملكة المتحدة وأصبح مستشارًا لملك البلاد الذي ساعدت حكومة بلاده [بريطانيا] على إنقاذ [نظامه].

الآن، وباسم لورد ريتشاردز هيرتسمونسيه Herstmonceux، بعد أن أصبح لوردًا [لا يرث أولاده لقبه] في العام 2014 ، يشغل ريتشاردز حاليًا منصب رئيس ومدير شركة باليسر وشركاه Palliser Associates Ltd، وهي شركة يديرها مع زوجته التي تقدم "استشارات استراتيجية للحكومات والشركات". وأحد عملاء الشركة هو الملك البحريني. تأسست شركة باليسر Palliser في أغسطس/آب 2013، بعد شهر من تقاعد ريتشاردز من الجيش.

تقديم المشورة للملك

يقدم ريتشاردز أيضًا الدعم للملك حمد من خلال شركة أخرى تدعى إيكيليبريوم غلوبال Equilibrium Global، والتي تُعَد إيكيليبريوم جولف Equilibrium Gulf Ltd، التي تأسست في ديسمبر/كانون الأول 2013، بعد خمسة أشهر من مغادرة ريتشاردز الجيش، شركتها الأم. ريتشاردز هو رئيس ومدير شركة إيكيليبريوم غلوبال Equilibrium Global التي تمت الإفادة عن أن عميلها الوحيد في العام 2019 هو النظام البحريني.

صرّح ريتشاردز أن إيكيليبريوم غلوبال Equilibrium Global تقدم "استشارات جغرافية استراتيجية للحكومات والشركات" باستخدام المجالس الاستشارية الدولية التي "تساعد الحكومات في تطوير استراتيجيات الدفاع والأمن المصممة للتهديدات التي تواجهها بلدانهم".

تصرح الشركة أنّ مجالس إدارتها "تتكون من رجال دولة وقادة من عالم السياسة الدولية والصناعة والتجارة والدفاع والأمن". وتضيفُ أنها تضم عددًا من كبار أعضاء المؤسسة البريطانية، بمن في ذلك رؤساء الوزراء السابقين ورؤساء الحكومات، ورؤساء الأركان السابقين في وزارة الدفاع، والحاكم السابق لبنك إنجلترا ، والوزراء الكبار السابقين، بمن فيهم وزير الخارجية السابق، والأمين العام السابق لحلف الناتو، والرؤساء التنفيذيين للشركات المتعددة الجنسيات، وكبار ضباط الشرطة السابقين، ورئيس قضاة سابق. وتقول إيكيليبريوم غلوبالEquilibrium Global إن هؤلاء الأعضاء "يقدمون مشورة ودعمًا سرّيين وطويلي الأمد بشأن تنفيذ البرامج الوزارية".

لا يوضِح موقع الشركة على الإنترنت هوية هؤلاء الأشخاص أو ما يتقاضونه مقابل هذه الخدمات. لكنّ من المُرجح أن يكون وزير الخارجية السابق [المُشار إليه] هو دوجلاس هيرد، ومن المتوقع أن يكون الأمين العام السابق لحلف الناتو بريطانيا هو الآخر، اللورد ( سابقًا جورج) روبرتسون، الذي زار وزير خارجية البحرين مؤخرًا مع اللورد ريتشاردز. ومن المرجح أن يكون  ميرفن كينغ "الحاكم السابق لبنك إنجلترا" [المُشار إليه] لأنه عضو في المجلس الاستشاري لإيكيليبريوم غلوبال Equilibrium Global.

كان للورد  ريتشاردز زيارات رفيعة المستوى إلى البحرين في السنوات الأخيرة، حيث قابل وزير خارجيتها في أربع مناسبات على الأقل - في أبريل/نيسان 2017، سبتمبر/أيلول 2017، أكتوبر/تشرين الأول 2018، ومؤخرًا، في وقت سابق من الشهر الحالي. في أحد الاجتماعات، أشاد ريتشاردز بالدور الرئيسي الذي تلعبه مملكة البحرين في دعم السلام والاستقرار الإقليميين، وفقًا لوكالة أنباء البحرين.

ليس معروفًا نوع النصيحة التي يقدمها ريتشاردز للبحرين، أو مقدار الأموال التي قد يتقاضاها. وقد زعم في الماضي أن عمله من أجل النظام معروف لدى السفير البريطاني في المنامة ووزارة الخارجية البريطانية، ويتم "بهدف فردي ومُشَرّف وهو السعي إلى تقدم وتسهيل برنامج الإصلاح الواسع النطاق داخل البحرين".

وقال لناا اللورد ريتشاردز في بيان مكتوب إنّه "سيكون من غير المناسب تمامًا أن أعلق على محتوى المناقشات الرسمية التي شاركت فيها بصفتي رئيس أركان المملكة المتحدة".

وأضاف: "إن تأكيدكم، ضمنيًا أو صريحًا بأني استغليت بطريقة أو بأخرى مركزي في تحقيق مكاسب شخصية لا أساس له من الصحة، ولا يخلو من الجدارة والاعتراض، وأنا أفنده  في أي حال".

كانت ابنة اللورد ريتشاردز، جوانا كورليت، مستشارة سياسية لرئيس الوزراء [السابق] ديفيد كاميرون في فترة حملة القمع مارس/آذار 2011 في البحرين؛ كانت في منصب شغلته لمدة أربع سنوات من فبراير/شباط 2011 حتى أبريل/نيسان 2015. وتصف كورليت دورها بأنها "عضو رئيسي في المكتب السياسي في داونينج ستريت [وتقوم] بمسؤولية الشؤون السياسية لرئيس الوزراء بما في ذلك مجلس الوزراء السياسي والأحداث والاجتماعات الوزارية والتوصل مع الحزب البرلماني ".

في مايو/أيار 2011، بعد شهرين من بدء الحملة في البحرين، رحّب كاميرون ولي عهد البلاد، وتم التقاط الصور على درج المبنى رقم 10 في شارع داونينج ستريت، ما منح النظام العصبي الشرعية التي هو بأمس الحاجة إليهاا.

ليس هناك ما يشير إلى وجود أي دور أو تأثير لكورليت على سياسة كاميرون تجاه البحرين. عيّنها والدها في نهاية المطاف، مديرة لشركته، باليسر Palliser ، في العام 2018 ، ويوصف دورها هناك بمستشارة محترفة.

العلاقة الملكية

للورد ريتشاردز صلة خاصة بالملكة إليزابيث الثانية. كان مساعدًا للملكة، مساعدًا شخصيًا لها، من العام 2008 حتى العام 2014. بعد أسابيع قليلة على استقالته، تم تعيينه نائب ملازم -ممثلًا للملكة العاهل- عن مقاطعة هامبشاير في جنوب إنجلترا.

الملكة وغيرها من أفراد العائلة المالكة البريطانية قريبون من ملك البحرين. انضمت للملك حمد مرارًا وتكرارًا إلى الملكة في حلبة سباق رويال بوكس ​​في أسكوت، وقد دعت الملك خلال السنوات الثلاث الماضية إلى المهرجان الملكي للخيول في ويندسور، الذي يُقام على الأراضي الخاصة لقصر ويندسور، بيت الملكة خلال عطلة نهاية الأسبوع.

خلال الزيارة التي قام [الملك حمد] بها في العام 2019، كرّم العاهلان الفائزين في "بطولة قفز الحواجز العسكرية"، احتفالاً بـ "الفريق الرياضي العسكري" التابع لقوة دفاع البحرين.

وهب الملكان بعض الخيول الأخرى من الإسطبلات الخاصة بكل منهما ؛ قدم الملك حصانين إلى الملكة في العام 2013 في حين أهدته حصانًا في المقابل في العام 2017. وجاءت هدية الملكة بعد أقل من شهر من إعلان منظمة العفو الدولية عن تراجع البحرين عن الإصلاحات الموعودة وتصعيدها "حملة قمع" سياسية صارمة ضد المُعارضة على مدى العام الماضي.

تمّت دعوة ولي عهد البحرين، الأمير سلمان، لحضور حفل زفاف الأمير وليام وكيت ميدلتون في أبريل/نيسان 2011 -بعد شهر من بدء الحملة، في وقت كان المئات يقبعون فيه في السجن. اعتذر عن الحضور قبل ساعات من موعد سفره إلى لندن وسط احتجاجات في المملكة المتحدة من قبل نشطاء حقوق الإنسان.

ابنا الملكة، الأمير أندرو والأمير تشارلز، ساعدا أيضًا على تدعيم العلاقات البريطانية مع البحرين.

 زار الأمير أندرو الملك حمد والأمير سلمان في المنامة في مارس/آذار الماضي، وفي العام 2018 -وبرفقة الأمير سلمان مرة أخر مجددًا- تفقد الحرس الملكي في البحرين، وهي الهيئة التي تحمي العائلة المالكة، عند افتتاح القاعدة البحرية الجديدة للمملكة المتحدة في البحرين.

قبل عامين، كان أخوه الأكبر، تشارلز، هو الذي افتتح المنشأة البحرية. خلال تلك الزيارة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، اتهم ناشطون تشارلز بالمشاركة في فعالية علاقات عامة تستهدف السجل السيء لحقوق الإنسان في البحرين. بعد أسبوع، اتهم  النظام السياسي البارز في المعارضة البارز إبراهيم شريف "بالتحريض على الكراهية ضد النظام" ، بعد أن تحدث إلى وكالة أسوشيتيد برس عن زيارة الأمير تشارلز.

أُسقِطَت التهم الموجهة إلى شريف في وقت لاحق، لكن أعيد اعتقاله في العام التالي لنشره تغريدات تتضمن انتقادات للنظام. ثم في العام 2019، حُكم عليه  بالسجن لمدة ستة أشهر لنشره تغريدات عن الرئيس السوداني. يحظر قانون العقوبات البحريني "إهانة علانية لدولة أجنبية أو زعيمها".

أصبح سيمون مارتن، السكرتير الخاص للأمير تشارلز، سفير المملكة المتحدة في البحرين في العام 2015، وشغل هذا المنصب حتى أوائل العام الحالي. منحه الملك حمد مؤخرًا وسامًا من الدرجة الأولى، معروف باسم وسام البحرين، "تقديرًا لجهوده الهائلة ودوره في تعزيز التعاون المثمر".

أصدقاؤنا في الشرق الأوسط

كان جوفري تانتم، أحد المدراء الشركاء مع اللورد ريتشاردز عندما أسس شركته إيكيليبروم جولف Equilibrium Gulf في العام 2013، وهو المدير السابق لجهاز الاستخبارات البريطانية المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط. عمل تانتم في المخابرات البريطانية حتى العام 1995، ثم أسسّ شركة تدعى شركة استشارات الخليج Gulf Consultancy Services. وقال إن شركته الاستشارية "تقدم المشورة لشركات كبيرة بشأن قضايا الشرق الأوسط".

عمل تانتم، منذ تقاعده من جهاز الاستخبارات البريطاني،  كمستشار لملك البحرين. وقال في العام 2018 إنّه "كان شرفًا وامتيازًا أن أكون مستشارًا لصاحب الجلالة الملك منذ أكثر من 20 عامًا." وكما هو الحال مع اللورد ريتشاردز، ليس معروفًأ نوع النصيحة التي قدّمها تانتم إلى الملك ولا المقابل الذي تقاضاه عن خدماته. 

احتفى  كل من ملك البحرين وملكة إنجلترا بتانتم.

في يونيو/حزيران 2018، منحت الملكة تانتم لقب فارس "لخدمته المتميزة وإسهاماته في تطوير العلاقات بين البحرين والمملكة المتحدة لأكثر من 20 عامًا". وفي الشهر التالي، أقام سفير البحرين لدى المملكة المتحدة، الشيخ فواز بن محمد آل خليفة، مأدبة عشاء "تكريمًا لمستشار جلالة الملك حمد، السير جيفري تانتم، لدوره في تعزيز العلاقات البحرينية البريطانية". حضر المأدبة شريكه التجاري القديم، اللورد ريتشاردز، وكذلك وزير الخارجية السير آلان دنكان ، من بين آخرين.

قد يتم الكشف أيضًا عن أن شركة تانتم، على الرغم من أنه ترك جهاز الاستخبارات البريطانية منذ أكثر من 20 عامًا، لا تزال على اتصال بوزارة الدفاع. تشير البيانات الحكومية إلى أنّه عقد اجتماعين مع مسؤول كبير في وزارة الدفاع في العامين 2015 و 2017. وكانت الاجتماعات مع الفريق توم بيكيت، مستشار الدفاع البريطاني الأول في الشرق الأوسط. من غير المعروف ما إذا كان لا يزال لشركة تانتم علاقة بجهاز الاستخبارات البريطاني. 

لكن تانتم يواصل التحرك في دوائر عالية في البحرين والمملكة المتحدة. في يوليو/تموز2019، كان ضيفًا في حفل استقبال بمجلس المحافظين في الشرق الأوسط في لندن، حضرته رئيسة الوزراء آنذاك تيريزا ماي،  وسفير البحرين الشيخ فواز.

في الشهر ذاته، حضر تانتم أيضًا الحفل السنوي للمجموعة البرلمانية البحرينية-البريطانية وجمعية البحرين، في سفارة البحرين في لندن، إلى جانب وزير خارجية المملكة المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط، أندرو موريسون.

المزيد من المستشارين

لكن ريتشاردز وتانتم ليسا المسؤولَين العسكريين والاستخباراتيين البريطانيين السابقين الوحيدين اللذين كانا يقدمان المشورة للملك حمد.

هناك أيضًا المارشال بيتر إنج، حاليًا، البارون إنج ، الذي كان أحد أسلاف اللورد ريتشاردز كقائد في الجيش البريطاني.

بعد تقاعده من الجيش في العام 1997، كرئيس أركان للدفاع، أصبح إنج مستشارًا لملك البحرين في العام 2004. وأكّد آخر سجل للمصالح له في العام 2016 ، قبل مغادرته مجلس اللوردات، أنه بقي "مستشارًا" للملك والحكومة. لا تُعرف طبيعة نصيحة البارون إنج، ولا المبالغ التي تلقاها مقابل خدمته.

وبالتالي، كان هذا القائد العسكري البريطاني السابق يعمل كمستشار مدفوع الأجر لملك البحرين أثناء حملة القمع  ضد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في البحرين في العام 2011، وبعدها.

عندما اندلعت الاحتجاجات، كان إنج أيضًا عضوًا في المجلس الاستشاري ومساهمًا في المؤسسة العسكرية الخاصة، شركة إيجيس للخدمات الدفاعية، والتي يُعتقد أن لها مكتبًا في البحرين. كان إنج سابقًا مستشارًا لشركة بي آي سيستمز. 

في الواقع، فإن عددًا من الشخصيات المرتبطة بدعم بريطانيا للبحرين لهم مصالح في شركات الأسلحة التي تستفيد من المشتريات العسكرية للبلاد.

بيتر، الآن اللورد ريكتس، الذي حضر اجتماعات في البحرين كمستشار للأمن القومي لديفيد كاميرون في العام 2011، يشغل حاليًا منصب "مستشار استراتيجي" للمدير التنفيذي لشركة لوكهيد مارتن في المملكة المتحدة، وهي فرع، مقره بريطانيا، من شركة عسكرية كبيرة لها مصالح طويلة الأمد في البحرين. وقال لنا اللورد ريكتس في بيان مكتوب إنّه "تمت الموافقة على عملي لدى شركة لوكهيد مارتن مقدمًا من قبل اللجنة الاستشارية البريطانية لتعيينات الأعمال. لم أشارك مطلقًا في أنشطة الشركة في البحرين".

في العام 2018، حضر ولي العهد الأمير سلمان حفل استقبال في المنامة نظمته شركة لوكهيد مارتن "احتفاءً بمرور 30 ​​عامًا على الشراكة مع قوات الدفاع البحرينية". في وقت سابق من ذلك العام ، منحت البحرين شركة لوكهيد مارتن عقدًا بقيمة 1.1 مليار دولار لإنتاج طائرات مقاتلة من طراز إف 16 للقوات الجوية البحرينية.

بالإضافة إلى ريتشاردز وتانتم وإنج، هناك شخص آخر مقرب من الملك البحريني، وهو روبرت جودمان، مدير شركة لورد ريتشاردز، إيكيليبريوم جلوبال Equilibrium Global.

أسس غودمان، وهو خريج من جامعتي إيتون وكامبريدج، مؤسسة تدعى "فيرست" FIRST، وترأسها، وتصف "فيرست" FIRST نفسها بأنّها تعزز العلاقات بين الأعمال والحكومات، و"تتطلع إلى خلق فرص عمل على المستوى الاستراتيجي".

جودمان إيجابي للغاية بشأن العلاقات بين الملك حمد والمملكة المتحدة والبحرين. وقد نشر ثلاثة كتب حول هذا الموضوع في السنوات الثلاث الأخيرة: "البحرين: الاحتفال بـ 200 عام معًا"؛ "بريطانيا والبحرين: احتفال بالصداقة"؛ و"عقدان من القيادة: جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة".

في مهرجان ويندسور الملكي للخيول للعام 2019، قدّم جودمان شخصيًا للملك حمد طبعة خاصة من كتابه عن الملك، عقدان من القيادة. في الحدث نفسه قبل عامين، تم إطلاق كتاب جودمان احتفاءً بالذكرى المئوية الثانية للعلاقات البريطانية البحرينية وتم تقديمه رسميًا إلى ملكة إنجلترا وملك البحرين.

العلاقات الملكية لا تنتهي عند هذا الحد. حصلت مؤسسة Goodman، مؤسس جودمان، فيرست FIRST، على جائزة الملكة للمؤسسات في العامين 2010 و 2013 بناءً على توصية من رئيس الوزراء.

النص الأصلي