تقرير ديوان الرقابة الماليّة: "لو كان فيه بيض لباض"

تقرير ديوان الرقابة: زفة نسوية بلا فائدة
تقرير ديوان الرقابة: زفة نسوية بلا فائدة

2019-10-26 - 10:18 م

مرآة البحرين (خاص): يتعب البحرينيون أنفسهم بحلطمة ما بعد تقرير ديوان الرّقابة المالية. هي نفسها حلطمة ما بعد الانتخابات النيابيّة والبلدية. وحلطمة قانون العقوبات البديلة. وحلطمة كل المشروعات الدّيكوريّة التي ولّدها مشروع تحوّل الأمير إلى ملك. فعلى ما يقول المثل الشعبي "لو كان فيها بيض لباضت". ولو كان في تقرير الرّقابة بيض لباض في 16 سنة. ولباض معه البرلمان ونوّابه ولعلّهم فرّخوا صيصاناً كبرت وأصبحت بسيقان وأجنحة قويّة.  

الحال أنه كما حوّل الحُكم البرلمان إلى مسرح للعرائس يحرّكها بواسطة خيوط مشدودة إلى أطراف العروسة. فقد حوّل ديوان الرّقابة المالية إلى مسرح فُرْجة. تقرير يكتبه الحرامي لفريقه من الحراميّة ليكونوا على بيّنة من أمرهم. ولسواهم من الشعب ليس سوى "سهّاية" تلهيهم ويسهون بها أسبوعاً ثمّ تكرّ دورة الحياة وهمومها وتواصل الدوران ويختفي. هكذا سنة بعد سنة. 

اقترح ناشط اجتماعي معروف إيقاف التقرير وتوفير مصاريفه. وعلى العكس رأى نقابي بارز أن مجرّد صدور تقرير مهني سنويا يرصد المخالفات المالية والإدارية هو بحد ذاته إنجاز مهم جدا. قل ما شئت سيّدي، أنت لستَ سوى مشاهد. اللاعبون "بالخردة" يعرفون ما يريدون ويعرفون أهدافهم جيّداً من وجود التقرير وعدمه.

يعرف الحكم في البحرين غايته من إصدار هذا التقرير. وهو يوفّر له ما يريد. لذا فهو يستمر في إصداره سنة بعد سنة. بالكيفيّة نفسها. بالتصميم إياه. بالزفة المرافقة. بهامش الأضرار المتوقع. بحتّى تيّار الحلطمة  الشعبي نفسه. كل هذا محسوب ومكتوب.

العديد من الهيئات وأجهزة الدولة حصيلتها الحقيقية هي صفر رياضي. من البرلمان إلى مؤسسة حقوق الإنسان (وسابقاً وزارة حقوق الإنسان) إلى مجلس الشورى إلى هيئة التظلمات إلى مفوضية السجناء إلى العقوبات البديلة إلى ديوان الرقابة وقس على ذلك. يعرف الحكم كما الناس بأنّ كدسة المؤسسات هذه لا تساوي جميعها عفطة عنز؛ لكنّه حريص أكثر من أيّ أحد على الإبقاء عليها. إن الدّيكتاتور لا يمشي حافياً بل بأحذية. وهذه هي أحذية الديكتاتوريّة.  كي تعبر المستنقع لابد من "بوط". وهذه "أبواط" الديكتاتورية. هي ليست ذات فائدة للوطن بالتأكيد. لكنها ذات فائدة لسارقيه. 

وهكذا بالنسبة إلى تقرير الرقابة المالية: اعترف بسرقة المائة الفلس لكي لا تعترف بالمليون. وبالمليون لكي لا تعترف بالمليار. سلسلة ألاعيب وحِيَل يتقنها الحراميّة المحترفون جيّداً الذين لهم تاريخ طويل في المهنة. وحتى في الأفلام يفضح الحراميّة شركاءهم أو أحياناً يتخلصون منهم عند الاختلاف على الحصص أو لمجرّد الجشع. فسارق البنك لن يرعوي عن سرقة رفيقه!