4 ملايين دولار صرفتها البحرين على جائزة عالميّة لا يعرف بها أحد (حظاً سعيداً للتوازن الماليّ)

في ظل خطط التقشف ودينها العام المتزايد منحت البحرين جائزة مليون دولار لمؤسسة خيرية باكستانية
في ظل خطط التقشف ودينها العام المتزايد منحت البحرين جائزة مليون دولار لمؤسسة خيرية باكستانية

2019-11-13 - 11:52 م

مرآة البحرين (خاص): أنفقت البحرين 4 ملايين دولار أمريكية على جائزة عالمية لا يعرف بها أحد. ويشمل هذا الرقم مجموع المبالغ التي منحتها جائزة "عيسى لخدمة الإنسانية" لـ4 فائزين بالجائزة فقط خلال أربع دورات منذ إطلاقها. أي أنه لا يشمل أياً من المصروفات الأخرى مثل أجور الطاقم الإداري والتحكيمي المؤلف جميعه من 22 شخصاً ولا تكاليف إقامة حفلها السنويّ وإقامات الضيوف والمطبوعات والميداليات الذهبية والمصاريف الأخرى. لكن من سمع بجائزة "عيسى لخدمة الإنسانيّة" حقاً؟ 

أنشئت الجائزة في العام 2009 لأغراض منافسة جوائز خليجية بارزة مثل جائزة "البوكر" للرواية العربية وجائزة "عويس" الثقافية وجائزة "الشيخ زايد" للكتاب. وتمّ تعميدها باسم الأمير الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة ووالد الملك الحالي لضمان رصد موازنة لها مستمرّة من الديوان الملكي. على أن تقام كل سنتين ويجري خلالها منح مبلغ مليون دولار أمريكي للفائز السنوي بها والذي ينبغي أن يكون "قد خدم الإنسانية وقام بإسهامات غيّرت العالم للأفضل".

وعلى مدار أربع دورات فقد منحت البحرين الجائزة إلى امرأة ماليزيّة ورجل أعمال هندي ومستوصف مصري وهذه السنة 2019 إلى رجل أعمال باكستاني. هكذا طارت 4 ملايين دولار من ماليّة البلاد على إقامة جائزة مغمورة بلا أيّ سمعة؛ بل ليس لها أيّ معنى على الإطلاق رغم أن قيمة الجائزة هو أرفع مبلغ يقدم لفائز بين كل الجوائز الخليجيّة قاطبة. 

على سبيل المثال تبلغ قيمة جائزة "كتارا" الروائية التي تنظّمها قطر 575 ألف دولار أمريكي والتي تشمل خمس فئات مختلفة بواقع 300 ألف دولار للفئة الأولى و150 ألف دولار للفئة الثانية و75 ألف دولار للفئة الثالثة و50 ألف دولار للفئة الرابعة و60 ألف للفئة الخامسة. (أي بقيمة تقل نحو النصف عن قيمة جائزة البحرين). 

وتبلغ كلفة جائزة "البوكر" العالمية للرواية العربية التي تنظمها الإمارات 110 ألف دولار بواقع 50 ألف دولار أمريكي للفائز الأول و10 آلاف دولار أمريكي للكتّاب الستّة الذين تصل رواياتهم إلى القائمة القصيرة. (أي بقيمة تقل نحو 9 مرّات عن قيمة جائزة البحرين). 

أما البحرين فتمنح مليون دولار دفعة واحدة لفائز واحد أجنبي بلا أيّ سبب وجيه يذكر! بما يعادل تقريبا قيمة الجوائز التي تمنحها جائزة "نوبل" للفائزين في حقولها المختلفة. 

مع ذلك ينتظر الرأي العام العربي والأجنبي جائزتيّ "البوكر" و"كتارا" في كل عام على أحرّ من الجمر. وتتحوّل لهما أنظار وسائل الإعلام كما تتسابق على تغطيتهما وتخمين النتائج في تقارير استباقيّة بصورة تحوّلت معها الجائزتان إلى سلاحين ناعميْن ضخميْن بيديّ كل من الإمارات وقطر.  دعْ عنك نوبل طبعاً!

بينما في المقابل لا يسمع أحد بجائزة عيسى لخدمة الإنسانية. بوسعك أن تضع بنفسك اسم الجائزة التي منحت مليون دولار يوم الثلثاء (12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) للباكستاني عبد الستار إيدهي في محرّك "غوغل" لترى مستوى الحضيض واللاجدوى الّذي تغرق فيه هذه الجائزة التافهة التي لا تفعل شيئاً سوى إرهاق موازنة البلاد فيما يشبه نوعاً من "المازوخيّة" أو تعذيب الذّات من أجل المتعة.  إسعاد الإنسانية على حساب عذاب شعب البحرين!

فعدا الصحف المحلية ووكالة "بنا" الحكوميّة لايوجد أيّ ذكر لها في أي وسيلة من وسائل الإعلام ولا في أيّ وكالة إخبارية محترمة رغم قيام الملك بنفسه بتقديمها للفائز. ولولا تذكيرنا بها كل سنتين من طريق الإعلام الحكومي لما عرفنا بها أصلاً.

يتألف الهيكل الإداري للجائزة من كادر ضخم لا يوجد مثيل له في أي من الجوائز الخليجيّة. وهو يضم 4 وزراء من العائلة الحاكمة ووزير سابق وعضو مجلس شورى ووكيل وزارة سابق وشاعراً يعمل مستشاراً للبحوث في الديوان الملكي إضافة إلى نحو 6 موظفين يعملون في مواقع مختلفة. كما يضم 7 محكمين ثابتين (أي لا يتم تدويرهم أو استبدالهم كما يجري في الجوائز المحترمة ذات الصيت والسمعة) كلهم أجانب ما عدا بحريني واحد. 

وفي وقت تغرق البلاد في دين عام متراكم أصبح يلامس سقف الـ15 مليار دينار بحريني يتقاسم كل هؤلاء المبالغ الإضافيّة المرصودة (زيادة على المليون دولار مبلغ الجائزة المقدم) لقاء تنظيم الجائزة كلّ سنتين بما يجعل جائزة عيسى لخدمة الإنسانية أغلى جائزة عربيّة وإقليمية على الإطلاق. على ماذا؟ على جائزة هي من أفشل الجوائز بلا منازع. مبروك للفائزين الأجانب بالمليون دولار وحظاً سعيداً لبرنامج التوازن المالي!