الوزير الذي أنهى عهده بدين عام بلغ 30 مليارًا هو من يتولى الآن المراقبة المالية للدولة! (عبدالهادي خلف)

عبدالهادي خلف
عبدالهادي خلف

2019-11-22 - 2:25 م

مرآة البحرين: تحدث الكاتب البحريني أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة لوند السويدية عبدالهادي خلف، عما أطلق عليه «طقوس سنوية لإدانة الفساد» تقام مع إصدار تقرير ديوان الرقابة المالية كل عام.
وقال خلف في مقالة له على موقع السفير العربي «لم يتوصل ديوان الرقابة المالية والإدارية طيلة الستة عشر سنة الماضية إلى تسمية فاسدين، أفراداً كانوا أو شبكات، ناهيك عن مقاضاتهم».
مضيفاً «منذ تأسيسه، لم يكن مطلوباً منه وليس متوقعاً في المستقبل أن يتمخض ديوان الرقابة ذاك وتقاريره السنوية بأكثر من الضجيج الذي يمكن تقديمه في المحافل الدولية تنفيذاً لمتطلبات "الشفافية" وحكم القانون. فالمطلوب كما رأينا بعد ستة عشر تقرير سنوي هو تنظيم مهرجان ينشغل به الناس. وطيلة أسابيع قليلة بعد صدور التقرير تنشر الصحف مقالات مكرورة تستنكر الفساد والهدر وتعلن في الوقت نفسه ثقتها في الملك وعائلته».
ولفت خلف إلى مفارقة كون التقرير الأخير «هو أول تقرير يصدره الديوان منذ أن تولى رئاسته أحمد الخليفة في أيار/مايو الماضي. وهو نفسه الذي تولى وزارة المالية في الفترة بين 2005 و 2018 وكرّس دورها في حراسة الإعتداءات على المال العام فساداً أو هدراً أو نهباً. ففي تلك الفترة، كانت المخالفات والتجاوزات في وزارة المالية مواضيع متكررة في جميع التقارير السنوية لديوان الرقابة».
وقال خلف «بعد أربعة عشر سنة من ولاية أحمد الخليفة على وزارة المالية، وصلت البلاد إلى مشارف الإعلان عن إفلاسها وبدأ واضحاً فشله في الإمساك بزمام الأمور. فلقد انخفضت احتياطياتها من النقد الأجنبي وتجاوزت تكاليف خدمة ديونها، المعلنة وغير المعلنة، قدرتها على التسديد وانخفض تصنيفها الإئتماني. ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه اتخذ الوزير، وبموافقة أعضاء مجلسي النواب والشورى، سلسلة من الإجراءات المتخبطة بما فيها إلغاء الدعم الحكومي على المواد الأساسية وفرض سلسلة من الضرائب غير المباشرة وزيادة الرسوم المفروضة على الخدمات. وعلى الرغم من الأعباء الإضافية التي فرضتها تلك الإجراءات على الفقراء وشرائح الطبقة الوسطى، إلا إنها لم تؤدِ إلى وقف وتيرة الانهيار الاقتصادي الوشيك».
وأشار خلف إلى تدخل دول خليجية لانقاذ النظام اقتصادياً «السعودية والإمارات والكويت التي قدمت دعماً مالياً مشتركاً بقيمة عشرة مليارات دولار».
ولفت إلى أنّ «الدول الثلاث إشترطت ما يرقى إلى فرض الوصاية المالية على البحرين، أي إشرافها المباشر على تطبيق برنامج متكامل يتضمن مراجعة السياسة المالية وصولاً إلى تحقيق التوازن المالي بحلول العام 2022».
وأكد أنه «على الرغم من الحصانة الخاصة التي يتمتع بها أفراد العائلة الحاكمة في البحرين، لم يجد الملك مفراً من التضحية بوزير ماليته في نهاية العام الماضي بآخر من أفراد العائلة».
واختتم «عُزل وزير المالية من منصبه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي بسبب عدم ثقة الدول الثلاث المانحة في قدراته وكفاءته. إلا إنه لم يختفِ. ربما فرضت توازنات أجنحة العائلة الحاكمة والحصانة الخاصة التي يتمتع بها أفرادها أن يحتفظ الملك به بل وأن يكافأه بعد ستة أشهر من عزله. لهذا رأينا إن وزير المالية الذي غادر وزارته وقد تجاوزت ديون البحرين الثلاثين مليار دولار أمريكي أي ما يزيد على أربعة أخماس الناتج المحلي الإجمالي للبلاد هو نفسه الذي يتولى الآن المراقبة المالية والإدارية في الدولة».