هل غيرت الانتفاضة اختبار الحدود السياسية للإسلاميين السنة

2012-09-03 - 1:16 م


جستين غينغلر، الدين والسياسة في البحرين
ترجمة : مرآة البحرين


الموضوع الرئيسي لمشاركة اليوم هو توضيحي لانه ينتج وبسهولة عن الخلاصة الرئيسية لسابقته. في المشاركة السابقة، ذهبت إلى أن حملة البحرين المتجددة حول الاحتجاج السياسي -- حظرها الفعال للمسيرات، واعتقال ومحاكمة نبيل رجب الاخيرة، وما إلى ذلك -- لا تنبع في المقام الأول من علاقة الدولة مع المعارضة الشيعية، ولكن من قانون توازنها الهش الذي ينطوي على البحرينيين السنة.

السنة (باستثناء تلك الأسر المنحازة قبليا والتي بقيت أساسا غير سياسية حتى بعد الانتفاضة) يقعون في معسكرين أساسيين: (1) الذين استغلوا فرصة حشدهم السياسي في مرحلة ما بعد فبراير2011 للضغط من أجل موقف أمني أكثر صرامة تجاه المعارضة (2) أولئك الذين استخدموها للتعبير عن أجندة سياسية أوسع مستقلة عن الدولة في تعاملها مع المحتجين. ولذلك، وللحد من جاذبية هذه المجموعة الأخيرة، سعت الحكومة لإرضاء المجموعة الأولى.

ولكن الخط الفاصل بين الاثنين هو بالطبع غير واضح، كما هي الحدود بين إصدارالعرائض المقبولة وسط السنة والتي تصبح (من وجهة نظر الحكومة) احتجاجًا غير مقبول في حد ذاته. هذا وأكثر غموضا كالطبيعة الحقيقية للحركات السنية الكبرى في مرحلة ما بعد فبراير في البحرين -- تجمع الوحدة الوطنية وصحوة الفاتح – لا تزال غامضة بحد ذاتها. ولم تثبت استعدادًا او رغبةً في تحدي الدولة مباشرة حول أي مسألة سياسية محددة. ونتيجة لذلك، لا يزال من الصعب دحض أولئك الذين يتهمون الحركات بأنها إما امتداد للقوى السياسية القائمة (الأصالة و/ أو المنبر) أو بأنها (بعض فصائل) الحكومة.

ولمحاولة فهم المغزى الحقيقي من "الصحوة السنية" في البحرين، يمكن للمرء أن يفعل أشياء أكثر من مجرد الجلوس ومراقبة تعاقب الفوضى السياسية الدائرة. وقد كتبتُ سابقًا أن أحد الاختبارات الحقيقية الممكنة تكون في الاستئناف (النهائي) للحوار بين الحكومة والمعارضة. وإذا بقيت الجماعات السنية مُصرَّة على مقعد على طاولة المفاوضات، فيمكن إقناع المرء بطريقة ما، أمّا إذا تراجعوا وفشلوا في الضغط من أجل مطالبهم السياسية، فربما يمكن للمرء أن يكون آمنا في تشكيل الرأي المعاكس. والمشكلة الوحيدة هو أنه لا يبدو أن هناك استئنافًا للحوار في الأفق.

وجاءت تقارير الليلة الماضة بتطور مثير للاهتمام (ورد هنا بالعربية). المرء سيتذكر المشاركة الاخيرة التي درست الجدل الدائر حول بناء كنيسة كاثوليكية جديدة في عوالي، وعملية نقل مطرانية كنيسة الخليج إلى هناك، على أرض تبرع بها الملك حمد. بقدر ما أستطيع قوله، إن "الجدل" وبشكل حصري تقريبا قد غُذّيَ من قبل الإسلاميين السنة الذين اعترضوا على القرار، ليس فقط لأسباب دينية ولكن أيضا لأنه كان يتم النظر إليه على أنه يبرهن على استسلام و/أو عبودية الحكومة (أو على الأقل الملك حمد) للغرب. ( باستثناء الوفاق ورجال الدين الشيعة الذين بقوا صامتين حيال هذه القضية). مؤخرا، أصدر نحو 68 من رجال الدين السنة في البحرين، بيانا نقلته صحيفة أخبار الخليج يطلب من "المسؤولين عن النظام في هذه البلد سحب المنحة والترخيص".

اليوم، أحد النقاد البارزين للكنيسة الجديدة، وهو الشيخ عادل حسن الحمد الذي أقيل من منصبه الذي بقي فيه لفترة طويلة كإمام لمسجد النصف في شرق الرفاع بعد خطبة الجمعة الهجومية التي كرر فيها رسالة بيان العلماء بلغة أكثر قسوة. كما ورد في هذا المقال الاخباري على غلوبل فويسزز، خطبة الحمد.

وقد وصف التبرع بالأرض والسماح ببناء الكنيسة على أنه "لصالح المسيحية " و"محاولة لإرضاء الدول الغربية." وحث المصلين للتعبير عن معارضتهم، مذكرًا بأنهم قد رسموا سابقا "خطًا أحمر عندما وصل الأمر إلى قيادة هذا البلد" [في إشارة إلى موقفهم ضد الأحداث التي وقعت عام 2011] في حين أن" دين الله الصحيح أسمى من ذلك بكثير ويستحق دعمهم." وحذر من أن "الصمت في مثل هذه الأمور قد يجر العواقب الإلهية".

وبالإضافة إلى الخطبة الكاملة على (mp3) أوديو (وكذلك خطب الجمعة السابقة)، موقع الحمد الإلكتروني يتضمن خلاصة موضوعية، والتي تتضمن الأسئلة الأربعة التالية:

1- ما هو المبرر لبناء كنيسة في البحرين؟
2- هل البحرين دولة إسلامية؟
3 - هل هذا اختبار للشعب في البلاد، وهل سينجح في الاختبار؟
4 - هل تعرفون، أيها المستمعون، المنافقين في البلد؟

أحد الاشخاص في وزارة العدل لديه حس حقيقي من الدعابة. بدلا من منع الحمد من إلقاء خطبة الجمعة، أعطاه الشيخ خالد درسًا في التسامح الديني والتعددية الثقافية. بعد أن أمضى 25 عاما في المسجد الكبير في الرفاع الشرقي الحي السني بمجمله تقريبا، فقد تم نقل الحمد إلى مسجد أصغر منه بكثير في توبلي، ذات الأغلبية الشيعية وبعض السنة. (نأمل، أن يكون بيته الجديد - مسجد الشيخة كانو - ليس جزءًا من قرية توبلي!)

سخرية القرار لم يضِعْ وسط منتقدي هذه الخطوة. فالمادة الآنفة الذكر تلحظ تغريدة لجمال إبراهيم النجم:

"بسبب كلمته التي ألقاها حول أكبر كنيسة في الخليج وبعد أن أمضى أكثر من ربع قرن في الرفاع الشرقي، يتم نقل الدكتور عادل الحمد إلى منطقة ذات أغلبية شيعية في البحرين! كلنا عادل حسن !"

مشاعر مماثلة ترددت أصداؤها في وسائل الإعلام المختلفة. مقال باللغة العربية للمدون راشد أحمد الراشد يصف الوضع بأنه "قصة من كوكب آخر مع وزير العدل!" وفي مكان آخر، على تويتر، يكتب محمد خالد "[ إن سنة البحرين يرفضون نقل خطيب مسجد النصف د. عادل الحمد إلى مسجد آخر تحت أي ذريعة".

وفي تغريدة أخرى، يذهب خالد إلى أبعد من ذلك:

"نقل الدكتور عادل الحمد إلى مسجد آخر هو ظلم بحقه وبحق جميع السنة، وهناك اختبار لشيء أكبر سيفاجئ قريبا الشارع السني، كونوا جاهزين".

المنتديات السنية على الإنترنت لا تختلف
وبالمناسبة، هذا يعني أن البحرين ستكون لها على الأقل ثلاث مظاهرات يوم الجمعة، فالوفاق وجمعيات المعارضة الأخرى يحتجزون مسيرة "الحرية والديمقراطية" على طول الطريق المألوف لشارع البديع '، وتحالف 14 فبراير يعقد الاحتفالات لمدة أسبوع - بما في ذلك الاعتداء بالمولوتوف على مركز الشرطة في سترة - بما يتصل بحكم الأسبوع المقبل في محاكمة زعماء المعارضة.

ومن ثَمَّ، ما الذي أدى إلى كل هذا؟ أولًا، رسالة الحكومة واضحة، وهي على النحو التالي : "أيها السنة، نحن سعداء لسماع شكاواكم حول المعارضة، حتى أننا قد تسامحنا وبروح الدعابة لعام من الشكاوى في نفاقنا في التعامل مع المعارضة ولكن إذا كنّا قد أعطيناكم قليلًا مما تريدون -- نبيل رجب في السجن؛ وخلال أسبوع أو نحو ذلك سيتم تجديد العقوبات لأصدقائه – فهذا لا يعني أنه يمكنكم أن تملوا علينا السياسة على نطاق أوسع، وخصوصا عندما تهدد بعرقلة الصورة الدولية التي نسعى لزرعها والعلاقات الدولية التي نعوّل عليها".

ومن هذا المنطلق، أعتقد أن محمد خالد يصف إقالة الحمد بأنه: "حالة اختبار لشيء أكبر من شأنه أن يصدم قريبا الشارع السني". وفي الواقع، يشير الحمد كثيرًا إلى "اختبار" السنة في خطبته المسيئة، عندما يسأل: "هل [مسألة الكنيسة] هي اختبار للشعب في البلاد، وهل سننجح في الاختبار؟" وسواء أشارت "شيء أكبر" إلى شيء محدد – تقول: إن حوارًا جديدًا بين الحكومة والمعارضة، أو ببساطة أن بندًا آخر على القائمة الطويلة من الأخطاء المتصورة ضد الطائفة السنية في البحرين – فإنه من الصعب قول ذلك. ولكن نظرًا إلى أن أي حل سياسي للمأزق في البحرين يتطلب أولًا حلًا "للمشكلة السنية" الحكومية، سيكون من المثير للاهتمام أن نترقب الآتي، إن وجد.

سؤال أخير، وهو مجرد تخمين من جانبي، يتعلق بدور السعودية. ومن الواضح أن مجال المناورة في البحرين سياسيا يعتمد وبشكل حاسم على وجهة نظر الرياض. ولكن، كما كتب سايمون هندرسون قبل يومين فقط، أن هناك تكهنات متجددة حول صحة الملك عبد الله (وحتى ولي العهد الذي عين حديثا)، والذي غادر المملكة لتلقي العلاج في نيويورك. وبالتالي، هل حقيقة أن السعوديين قد يكون لديهم قريبا شيءٌ أكبر ليقلقوا عليه أكثر من تجنب التنازلات الممكنة لحكومة البحرين - أعني أزمة خلافة كاملة - توفر للملك حمد وولي العهد، وأصدقائهم في الدولة نافذة جديدة من الفرص لإحراز بعض التقدم السياسي؟

المستجدات (1): وصلتان إضافيتان نسيت أن أدرجهما. الأولى هو مقال لعبد الهادي خلف في صحيفة نيويورك تايمز على صفحة "حيز للنقاش". والثاني هو في صحيفة تشاتام هاوس الجديدة بقلم جين كينينمونت (هل تنام؟) حول "تجربة في شبه ديمقراطية" للكويت.

المستجدات (2): كمعلق، الشيخ راشد قد تراجع الآن عن قراره بنقل الحمد بعد "لقاء مع عدد من شيوخ العشائر و'العلماء'." ( مشيرا إلى أن اليوم كان "التجمع" المخطط للسنة لدعم الحمد). ولعل الحدود السياسية قد تحولت بالفعل في البحرين.

مستجدات (3): أشار أحد الأشخاص إلى هذا "الوثائقي" حول السفارة الأميركية في البحرين.


29 آب/أغسطس 2012



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus