مع تزايد حالات الوفاة بين البحرينيين.. مرضى عالقون في مشهد: من منّا الضحية التالية؟
2020-03-15 - 11:45 م
مرآة البحرين (خاص): إنها حالة الوفاة الرابعة بين البحرينيين العالقين في مشهد، الحاج عبد الحسين منصور علي ناصر (60 سنة) من قرية عالي الذي وافته المنية اليوم الأحد 15 مارس. يعاني الحاج عبد الحسين من السكر وفشل كلوي، أثر ذلك على كليته وتنفّسه مما تسبب في وفاته وفق ما ذكر.
عشرات المرضى العالقين في مشهد باتوا يشعرون أن الموت صار أقرب إليهم من العودة، ومع كل حالة وفاة جديدة يرتفع منسوب اليأس والإحباط لديهم أكثر. تزخر الحملات الدينية التي تذهب لزيارة الأماكن المقدّسة في إيران بالزوار الذين تجاوزت أعمارهم الستون عاماً، وهم الفئات العمرية الأكثر قابلية للإصابة بفيروس كورونا وظهور أعراضه الحادة عليهم، والتعرض لحالات الوفاة.
نعرض هنا بعض حالات مرضية لبحرينيين عالقين. إنهم يواجهون المجهول وحدهم، يكبر شبح المجهول مع كل يوم تضاف فيه حالة وفاة جديدة بينهم. وكل يسأل بيأس: من منّا سيكون الضحية التالية؟
حالة 1: مريضة سرطان ولديّ عملية في البحرين 18 مارس
البحرينية أم (ف) من العالقات في مشهد، كانت قد أجرت عملية جراحية قبل عام في الدماغ لاستئصال ورم، تخبر «مرآة البحرين»: "من المفترض أن أتواجد في البحرين لإجراء عملية جراحية لاستئصال ورم في الصدر بتاريخ 18 مارس ومازلت كغيري عالقة في مدينة مشهد".
بلوعة تكمل: "فاتني الكثير من المواعيد المهمة ومنها موعد مع جرّاح المخ والأعصاب ومواعيد الفاتح لاكتشافهم بأن الورم الموجود في الرأس الذي تم استئصاله أثر على قرنية العين اليسرى واحتاج إلى إجراء عمليه".
وتضيف: "مناعة جسمي تكاد معدومة، ليست لي قدرة لمرض جديد، لا أفارق السرير، كما توقفت عن الذهاب إلى الحرم خشية من أي عدوى، وكلما سمعت بحالة وفاة جديدة بين البحرينيين، زاد خوفي وقلقي وصل توتري بي إلى إصابتي بنوبة تشنج حادة وجلطه أدت إلى ثقل في حركة يدي اليسرى"
تضيف: " قدمت إلى مشهد قبل قبل أكثر من أسبوع من الإعلان عن الإصابات في إيران، وفي يوم عودتي المقرر علّقت جميع الرحلات الجوية المتوجهة من مشهد إلى البحرين. لقد نفدت أدويتي، ولا يوجد بريد جوي لإيصال أدوية السرطان اللازمة، أعاني آلام مبرحة طوال هذه المدّه ولا يوجد بديل، وإن وجد ليس بذات المفعول"، وتوجه كلامها للسلطة: "ارحمونا.. نحن مرضى ونعاين الموت كل يوم"
حالة 2: أجريتُ عملية جراحية وبسبب ما نعيشه تعرضت لمضاعفات
ام (ت) وهي مواطنة بحرينية أتت إلى مشهد ضمن آخر دفعة قبل إيقاف الرحلات. أتت إلى إيران لإجراء عملية جراحية، تقول: "أجريت العملية في موعدها المقرر، وبعد نجاحها تم نقلي إلى مقر إقامة الحملة في أحد فنادق مشهد، لتتوالى بعدها الأخبار، وفي مقدمتها توقف جميع الرحلات بين البحرين وإيران، ولم نعلم أيضاً أن الوضع سيزداد سوءاً، تخاذل الدولة عن ارجاعنا آلمنا وأوجعنا كثيراً، لو كنت أعلم بما سيحدث لألغيت موعد العملية ولما قدمت إلى هنا"
تضيف: "لقد ساء وضعي الصحي وتعرضت لمضاعفات بسبب وضعي النفسي والجسدي دخلت المستشفى ثلاث مرات متتالية وما زلت طريحة الفراش، أعاني عدم القدرة على النهوض ودوار يلازمني ليل نهار"
بدموع تقول: "عندما رأيت الموت يحيط بالجميع سلّمت أمري إلى الله سبحانه وتعالى وتوجهت للإمام بأن يحفظ ابنتي الوحيدة في البحرين وأمنيتي الوحيدة أن أرى أمي وابنتي وزوجي وكل أحبتي قبل أن أموت في أرض الغربة"
حالة 3: مريض بالقلب بلا أدوية
لا يتجاوز الحاج (م.ع) العقد الخامس من عمره، جاء إلى مدينة مشهد عن طريق إحدى الحملات لمدة أسبوعين فقط. يروي أحد المشاركين في الحملة: "عند قدوم الحاج (م) كان كله حيوية ونشاط ولم يلاحظ عليه أحد أنه يعاني من أية أعراض مرضية، لكن نفدت أدويته بعد أن انقضى زمن الرحلة المقرر، فتغيرت ملامحه وبدا عليه الإرهاق والتعب وصار بملامح أكبر من عمره، كما أن أنفه لم يتوقف عن النزيف بسبب تغير أدويته، حتى أدخل على اثرها الى المستشفى".
يتابع: "أقر الطبيب أنه في حال توقف الحاج عن استخدام الدواء عندها سيتوقف القلب لا سمح الله، وعلى الفور كتب له الطبيب المختص نوعين من الأدوية إضافية لكي يقف النزيف المستجد، وهو الآن يقضي في وضع قلق ومتوتر بين شبح الإصابة بالكورونا من ناحية، وشبح مرض القلب من ناحية ثانية، والخوف من القادم المجهول مع طول الانتظار للعودة، وحالات الموت التي ترفرف بين الزائرين واحداً وراء الآخر".
حالة 4: مصابتان بالكورونا.. الخذلان أكثر وجعاً
لم تكن الأختان (ن) و(أ) تعلمان أن الانتكاسة الحادة التي أدخلا على إثرها المستشفى، سببها الإصابة بفيروس كورونا، قضتا الأسبوع الأول في تعاطي الأدوية المضادة لفيروس كورونا، قبل أن يصل إلى أسماعهما قرار منع الدولة عودة البحرينيين، ولتتوالى بعدها الأخبار.
الأختان قضتا 14 يوماً في الحجر الصحي حتى تعافتا، وخلال تلك الفترة عاشتا أعراض حادة للمرض، لكنهما اليوم تقولان: "لسنا نبالغ إذا ما قلنا أن ما عايشناه من آلام المرض، هو أقل حدّة مما نعيشه اليوم من ألم فعل الدولة بنا، إنه ألم الغربة والخذلان والشعور بالتخلّي عنا في الوقت الذي احتوى كل العالم أبناء بلده".