فوزية رشيد: فتحتِ على نفسك باباً لو سددتِه كان أبرك

فوزية رشيد خلال مسيرة إلى دوار اللؤلؤة 2011
فوزية رشيد خلال مسيرة إلى دوار اللؤلؤة 2011

2020-04-22 - 8:09 م

مرآة البحرين (خاص): تعارض البحرينية من أصل باكستاني، فوزية رشيد، الكاتبة في صحيفة "أخبار الخليج" دعوة العفو العام عن المعتقلين السياسيين حتى في ظل الخشية المتفاقمة على حياتهم بسبب فيروس كورونا. بنظرها هم "مجرمون" و"إرهابيون" "خانوا هذا الوطن حين عملوا على إسقاط الحكم والدولة، من خلال ارتباطهم بإيران أو بمخابرات غربية". وتقول في مقال حديث لها "إنها دعوات مشبوهة ومرفوضة".

 لو أنّ شخصاً آخر هو قائل هذا الكلام لما استحق التوقف عنده. لكن أن يأتي من كاتبة شاركت على رأس مسيرة إلى دوار اللؤلؤة في 2011 وجاء اسمها ممهوراًِ على رأس أحد البيانات الصادرة باسم مؤسسة أدبية داعية فيه إلى الاستماع إلى مطالب المتظاهرين أنفسهم الذين تنعتهم اليوم بـ"المجرمين" و"الإرهابيين" و"الخونة" وتعارض العفو عنهم فتلك هي المشكلة. 

لقد تم العفو عنها شخصياً مقابل ارتكابها نفس الأشياء التي ترى اليوم أن كل من مارسها مثلها كان "خائناً" ويجب أن يبقى كذلك استثناءها هي. وكانت توبتها عبر مشاركتها في برنامج "الراصد" ثم في عضوية جمعية تجمع الوحدة الوطنية كافية لجب الأذى عنها وعدم تجريعها كأس المر الذي يجري تجريع به أخوتها في الوطن، أبناء هذه الأرض أصلاً وفصلاً، منذ 2011 لمجرد حلمهم في وطن خال من التمييز والظلم.

فلماذا تعارض منحهم نفس هذا الامتياز الذي تمتعت به وأبعد عنها شبح السجن وشر الأجهزة الأمنية! هل دمها أزرق ودم هؤلاء الفقراء الذين ذرفوا على تسع سنوات في السجن من ماء وملح!

كان منظرها عبر أثير الهواء وهي تدوّر الأعذار فالأعذار أمام قصف الأسئلة مثيرا للشفقة. فقد استغرقت أكثر من نصف الحلقة محاولة سوْق التبريرات لتعليل مشاركتها في مسيرة. قالت بعد أن أعادت تموضعها، تبعاً لما آلت إليه الأحداث "لقد خدعوني". وحين فاجأتها المذيعة بوجود توقيعها على أحد البيانات، علّقت فيما يشبه النكتة، وكواحد من أشدّ الأمثلة غنىً على تصابي المثقف "إن ذلك أتى من دون علمي. فموافقتي على وضع اسمي جاءت بعد قراءة البيان لي بواسطة الهاتف، لكن لم يتم إرساله  لي بواسطة البريد الإلكتروني". 

من حق فوزية الرشيد أن تسوق مثل هذه الحجج السخيفة المضحكة وتنجو بجلدها من سجن محقق أما غيرها فيجب أن يمكث في السجن لسنوات لمجرد ممارسته نفس الحق. هذا أمر برسم الكاتبة. 

أما وصف المعتقلين بأنهم "خونة مرتبطون بإيران" فهذا الوصف إذا كان هناك شخص في البحرين ينطبق عليه حقاً فهو ينطبق عليها شخصياً وليس أيّ أحد آخر. فهي التي كانت على مدى عقد من الزمان ضيفاً دائماً على مؤتمرات الحكومة الإيرانية في طهران والمدن الإيرانية الأخرى. وكانت تُضرب لها المباخر هناك وتحظى بتذاكرهم وسفراتهم وتقوم بتحيّتهم هناك بالكلمات الفارسية التي تجيد معرفة بعضها عوضاً عن العربية التي تكتب بها أو حتى الباكستانية، لغتها الأصل ولغة أجدادها. وهي التي كانت تترجم هذه الرابطة الحميمة بينها وبين الحكومة الإيرانية في مقالاتها بصحيفة "أخبار الخليج". وتكفي نظرة فاحصة ـــ لمن يود الاستزادة في الخير ــ إلى أرشيف الصحيفة منذ مطلع الألفين إلى 2011 لرؤية دفاعها المستميت عن السياسة الإيرانية في المنطقة ومطالباتها المتكررة للدول الخليجية بالحوار معها ووقوفها ضد كل الدعوات التي تحاول شيطنة إيران حكومة وشعباً كونها دعوات مشبوهة. هذا هوى لم تكن الكتابة تخفيه وكانت تكتنز به مقالاتها وهي لم تغيّره أو تتخلى عنه إلا عند إيقاف السفرات والتذاكر وبدل المشاركات عنها وبعد أن قامت بما يمكن أن يكون "غلطتها الكبيرة" حين شاركت في مسيرات 2011.

فقدت فوزية رشيد بدل المشاركة في مؤتمرات الحكومة الإيرانية لكن ما يزال ثمّة بدل آخر تستلمه؛ ولكن هذه المرّة على كاهل الحكومة البحرينية. فهي تستلم راتب تفرّغ أدبي من مالية الدولة من دون أي وجه حق منذ العام 2005. لقد تمّ منحها مرتباً شهرياً على أساس  التفرغ إلى الكتابة الأدبية ولكن مذّاك لغاية الساعة (حوالي 15 عاماً) لم تكتب كتاباً أدبيا واحداً. فآخر إصداراتها يعود إلى العام 2000. ثم نامت فوزية رشيد نومة الدهر؛ لكن رغم ذلك فهي واصلت استلام الراتب الشهري من الحكومة لغاية هذه الساعة مقابل كتب وروايات لم تكتبها. 

إن خروج المعتقلين السياسيين من السجون ما من شك ليس خبراً مفرحاً لفوزية رشيد. إذّاك كيف ستواصل الاستمتاع بعطايا دولة الفساد وكيف ستنعم بمخصص شهري وبيت إسكان و"مواصلة التقلب يمينا وشمال" بلا اعتراض معترض أو حساب حسيب. هنا هي القمندة.