"معتقلو الرأي في الخليج يصرخون بصمت": مؤتمر حقوقي لمعهد الخليج يناقش الانتهاكات بحق السجناء في البحرين والخليج

2020-06-29 - 9:30 م

مرآة البحرين (خاص): عقد معهد الخليج للديمقراطية والحقوق مؤتمرًا بعنوان "معتقلو الرأي في الخليج يصرخون بصمت" خلال ثلاثة أيام، من 25 وحتى 27 يونيو/حزيران الجاري، شارك فيه عدد من المنظمات والنشطاء والباحثين في حقوق الإنسان، واستعرض المشاركون فيه الوضع الحقوقي في  البحرين والخليج والدول المجاورة، بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، للحديث عن الوضع الحقوقي.

ناقش المشاركون في اليوم الأول وضع حقوق الإنسان في البحرين. وفي هذا الجانب، تطرقت الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش آية مجذوب إلى وضع السجناء في البحرين فأكدت أنه "نمتلك أدلة عن تعرض السجناء السياسيين في البحرين للتعذيب والصعق بالكهرباء ، منهم سجناء حكموا بالإعدام"  .

وقالت مجذوب إنه "لدينا أدلة على تعذيب المحكومين بالإعدام، وعدم خضوعهم لأي محاكمة عادلة. ولا يزال عدد من السجناء تحت طائلة تنفيذ حكم الإعدام بحقهم". ولفتت إلى أن "المحكمة أصدرت حكمًا بالإعدام ضد زهير عبدالله بعد 55 يوما من اعتقاله من دون وجود محامٍ للدفاع عنه، وبعد تعرضه للتعذيب بالصعق الكهربائي والاعتداء الجسدي".

وأضافت مجذوب أنه "على الرغم  من وجود أدلة على التعرض للتعذيب، لم تلغِ محكمة الاستئناف الحكم بالإعدام [بحق محمد رمضان وحسين موسى]" لافتة إلى أن "وزارة الداخلية رفضت التحقيق في الانتهاكات التي تحصل داخل مراكز الاحتجاز، وادعت أنها لم تتلقى أي شكوى بخصوص هذه الانتهاكات، لكننا حصلنا على نسخة من هذه الشكوى التي لم تعر لها السلطات أي أهمية".

وتحدث النائب البحريني السابق جواد فيروز، وهو رئيس منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان، فقال إن "سجناء الرأي  يتعرضون للتعذيب بأوامر من مسؤولين بحرينيين" مضيفًا أنه " لا يمكن أن نصدق أن دولة البحرين ديمقراطية بانتهاكها أبسط حقوق الإنسان. نحن نتلقى حتى اليوم العديد من التقارير بشأن ما يتعرض له سجناء الرأي من تعذيب حتى بعد محاكمتهم".

وقالت فاطمة يزبك، وهي رئيسة لجنة الدراسات والتقارير في معهد الخليج للديمقراطية والحقوق، إن "السجون وأماكن الاحتجاز هي الأكثر عرضة للخطر من الأمراض المعدية وظروفها لا تسمح بالتباعد الجسدي ويستحيل على السجون المكتظة تطبيق توصيات وأرشادات منظمة الصحة العالمية لمواجهة جائحة الكورونا، وأضافت أن "سجون البحرين تعاني من الاكتظاظ بحسب تقارير رسمية، خصوصًا أنَّ السجل الثقيل للسلطات الأمنية في اعتماد الحرمان من العلاج كأحد وسائل التعذيب وهو ما نتج عنه تدني مستوى العناية الصحية في السجون إلى أدنى المستويات".

وأضافت أن "السلطات في البحرين تهدد حتى بعض معتقلي الرأي المفرج عنهم بمضاعفة الأحكام الصادرة ضدهم في حال مشاركتهم في التجمعات السلمية أو حتى مشاركتهم في اقامة الشعائر أو بعض الأنشطة الدينية".

من جانبه، أكّد براين دولي، من منظمة هيومن رايتس فيرست، أنه  "ناشدنا المنظمات للضغظ على السلطات البحرينية لإطلاق سراح السجناء وهذه الأمور [الانتهاكات بحق المعتقلين] لا تزال تحصل رغم تدخل حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة"، مشيرًا إلى أن "الأنظمة في كل من البحرين والسعودية تواصل ممارسة الانتهاكات ضد حقوق الإنسان منذ أكثر من 10 سنوات".

وقال دولي إنه "علينا أن نبقي الضغط على السلطات [للإفراج عن معتقلي الرأي] لأننا على حق ولأن نظام البحرين لا يبالي بهذه النداءات" لافتًا إلى أنه "على المجتمع الدولي أن يتدخل للضغط على حكومة البحرين [للإفراج عن معتقلي الرأي] خاصة في ظل جائحة  كوفيد-19".

وأكد دولي أنه "شهدنا الإفراج عن عدد من سجناء الرأي في مختلف أنحاء العالم إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على البحرين مع أن الآن أصبح الأمر يتعلق بصحة وسلامة وانقاذ أرواح هؤلاء السجناء في خضم جائحة  الكورونا".

دولي دعا السلطات البحرينية إلى إطلاق سراح معتقلي الرأي، وأضاف أنه يكرر ذلك في كل رسالة منذ عقد ولكن للأسف تواصل الأمور في التدهور، لكن علينا أن نصنع الفارق، وعلينا أن نواصل هذا الضغط.

وفي اليوم الثاني للمؤتمر، تطرق المشاركون إلى الوضع الحقوقي في الإمارات. وفي هذا الجانب، تحدث  ديفين كيني من منظمة العفو الدولية، فأكد أنه " بشكل عام، يوجد قمع للحريات في الإمارات العربية المتحدة منذ سنوات" لافتًا إلى أن "حدة هذه الانتهاكات ازدادت منذ العام 2011  حتى الأيام الحالية".

واستعرض كيني وضع بعض الحقوقيين المعتقلين، فلفت إلى أن "التهم التي كانت موجهة لأحمد منصور والأشخاص الذين اعتقلوا معه لم تذكر بشكل واضح العريضة ولكن كانت تستند إلى مساهمتهم في مناقشات أو حوارات أون لاين باللغة العربية وتم إغلاقها منذ ذلك الحين".وقال إن "الأشخاص الخمسة تمت محاكمتهم في اليوم التالي، ليجري بعد ذلك الإفراج عنهم. وكان ذلك بمثابة تحذير وتصوير للضغط الذي سيمارس على مثل هؤلاء النشطاء في السنوات القادمة"

ولفت إلى أنه "بحسب القصة الرسمية فقد تم اعتقال أحمد منصور لأنه استخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مغلوطة وإشاعات وأخبار كاذبة تهدد الأمن والسلم الوطني وتعرض سمعة الإمارات للخطر".

ووصف كيني المحاكمة الجماعية التي جرت في الإمارات "بأنها خرجت عن الأطر والمعايير لحقوق الإنسان وأنها غير عادلة وقمعية"، وأكد الناشط ديفيد هايغ كلم كيني بالقول إنه "وفقًا للتقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية الأخير، فإن جميع المحاكم في الإمارات تفتقر إلى الاستقلال التام ولا يوجد فصل وظيفي بين السلطتين التنفيذية والقضائية".

من جانبها، تطرقت سمية الحاج حسن، وهي باحثة في معهد الخليج إلى الانتهاكات بحق المقيمين العرب مؤكدة أن "السلطات الإماراتية لم تكتفِ باعتقال وتعذيب مواطنيها الإماراتيين على خلفية تهم متعلقة بحرية الرأي والتعبير وحسب، بل وصل بها الأمر إلى ممارسة الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري بحق عشرات المعتقلين من جنسيات عربية مختلفة في سجون الإمارات، وتمارس السلطات الأمنية ضدهم أنواعًا مختلفة من التعذيب الممنهج تمامًا كما تفعل مع مواطنيها".

وأكدت الحاج حسن ورود "معلومات مؤكدة من داخل سجن الوثبة الإماراتي عن تفشي فايروس كورونا داخله وإصابة ما لا يقل عن 400 شخص بالفيروس القاتل، بينهم 55 امرأة و37 من حراس السجن"، كما نقلت إفادة "إحدى أسر المعتقلين بتردي الأوضاع داخل السجون وإصابة ستة معتقلين لبنانيين بالفيروس" مشيرة إلى أن "السلطات الإماراتية لم تقدم لهم أي نوع من الرعاية الصحية أو الأدوية خلال فترة إصابته، كما لم توفر لهم أو لغيرهم من المعتقلين أيًا من وسائل الوقاية أو التعقيم أو حتى تحقيق التباعد الاجتماعي الذي يستحيل تطبيقه في ظل اكتظاظ الزنازين".

وقالت الحاج حسن إن "قضية المعتقلة علياء عبد النور خير مثال على سوء المعاملة والوحشية التي يواجَه بها هؤلاء المعتقلون".

وطالبت الحاج حسن "السلطات الإماراتية بإطلاق سراح المعتقلين على خلفيات سياسية بشكل فوري وعاجل وغير مشروط وتعويضهم عن الضرر والتعذيب الذي تعرضوا له خلال فترة اعتقالهم".

من جانبها، تحدثت آلاء الصديق عن أحد أقاربها الذي بقي في الإمارات ، ونقلت عنه قوله إنه "في كل مرة تجد السلطات المنظمات تسلط الضوء على معاناتنا، كانت تهددنا بالاعتقال، وإسقاط الجنسية، والفصل من العمل، وعدم السماح بتأمين حاجاتنا لعيش حياة كريمة".

وأكدت هبة زيدان، وهي باحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش، أنه "في الإمارات، وجدنا أن هذه المؤسسات في كثير من الأحيان تحتجز المعتقلين في ظروف مزرية وغير صحية، حيث ينتشر الاكتظاظ، ونقص التجهيزات الصحية، والحرمان من الرعاية الطبية".

وفي اليوم الأخير للمؤتمر، تطرق المشاركون إلى وضع انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، التي تمعن سلطاتها، وفقًا لما ذكرته فاطمة يزبك، "بتشديد قبضتها الأمنية ضد كل من وما يعارض سياساتها، فتعج سجونها بمعتقلي الرأي والسجناء السياسيين بتهم متعلقة بحرية الرأي والتعبير أو التجمع السلمي أو تكوين الجمعيات".

وأكدت يزبك أن "السلطات السعودية تمارس الاعتقال التعسفي بحق النشطاء أو المدونين أو حتى الأفراد الذين ينتقدون سياسات السلطات أو ولي العهد، ولا يقتصر الاعتقال التعسفي في البلاد على المواطنين السعوديين فقط بل يتعداهم إلى المقيمين أيضًا"، لافتة إلى وجود طالب قطري بينهم، وكذلك أكثر من 200 رجل دين، وآخر المعتقلين كان "أحد مشاهير برنامج سناب شات المعروف بأبي الفدا بسبب مقطع مصور لأرفف الخبز الخالية في أحد المحلات دعا فيه الناس لأخذ حاجتهم فقط والتفكير  بالآخرين".

وتحدث الدكتور عبد الله العودة، نجل الشيخ سلمان العودة، فلفت إلى أنه "تم استغلال قضية الكورونا والحجر الصحي لممارسة عدد من الانتهاكات داخل السعودية، أبرزها الاعتقالات التي طالت مؤخرًا مجموعة من الأمراء و رجال الأعمال، بحيث نستطيع القول أنه هناك حملة ضدهم بتهم أبرزها الفساد بنفس وتيرة حملة نوفمبر/تشرين الثاني".

ولفت العودة إلى أن "السلطات استغلت فترة الحجر الصحي في بداية العام محاولة استخدام التهجير القسري لعائلة الحويطات لأجل أن يتركوا المكان لإقامة مشروع النيوم" كما أن "السعودية دفعت مليون و700 ألف دولار من أجل تبييض صفحتها في ما يختص بقضية مشروع النيوم".

وذكر العودة التهم الموجهة لوالده، واصفًا إياها بأنها "مضحكة وغريبة بالفعل، مثلًا إحدى التهم التي وجهت إليه كانت أنه استقبل رسالة في هاتفه الجوال تحرض على ولي الأمر" معلقًا بالقول "تخيل أن استقبال رسالة من شخص لا تعرفه أصلًا يعد إحدى التهم".

ولفت العودة إلى أنه تم "إدخال فكرة جديدة إلى القوانين في السعودية وهي القتل التعذيري" مشيرًا إلى أنه في السابق، كانوا "في حال أرادوا أن يعدموا أحد، يلفقون له تهمة العنف، لكنهم في الحالات الجديدة لم يضطروا حتى لذلك".

وتحدثت الناشطة منى بنت قرقة، فقالت إنه "في 2017-2018 بدأت مرحلة جديدة في السعودية، لكن للأسف كانت مرحلة مستوى جديد من انتهاكات حقوق الإنسان" لافتة إلى "وجود تناقد صارخ ونفاق كبير عام 2018، عندما تم تصوير التحرير المشهور بالسماح للمرأة بالقيادة وكان قد تم في الأشهر ذاتها اعتقال المدافعات اللواتي تحدثن عن أهمية حقوق المرأة".

وأشارت إلى أنه "على الرغم من التنديد بالاعتقالات، إلا أن السلطات السعودية ألقت القبض على 21 شخص من رجال ونساء،  من مدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان، من منتصف مايو/أيار  2018 حتى يونيو/حزيران الحالي".

وقالت إن "الانتهاكات زادت،  فقد كان كوفيد-19 بمثابة مسرح آخر لزيادة الاعتقالات" لافتة إلى أن "المشكلة هي انعدام العقلانية لدى هذه الأنظمة".

وختمت بالقول إنه "يتم اتهام المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية بالعملاء وخيانة الوطن، بالإضافة إلى اعتقالهم بمعزل عن العالم الخارجي" مؤكدة أن "التقارير الحقوقية عن المعتقلين في السجون السعودية ليست كاملة ولا يمكن التعويل عليها، لأنه لم يُسمح لأحد بالدخول إليها ومعرفة ما يجري بالفعل، كما لا يمكن للسجناء الحديث عن ذلك خشية تعريضهم للتعذيب".