هذه الليلة لا دمع ولا أنة آه... نشيد الليلة الأخيرة

2020-08-30 - 2:40 م

مرآة البحرين (خاص): تحمل قصيدة (هذه الليلة لا دمع ولا أنة آه) مشاهد تصويرية مكتملة لواقعة عاشوراء ولكن من نافذة الليلة الأخيرة. لقد كٌتبت لتجعل المتلقي على شفى خيط فجر من المأساة.
القصيدة التي كتبها الشاعر البحريني غازي الحداد قبل أكثر من ربع قرن لا تزال مشتعلة باشتعال عاشوراء في نفوس محييها. فما بين الرادود فاضل البلادي، الذي أنشدها أول مرة 1994، والمنشد الصغير أحمد ناجي (أنشدها قبل عامين في حسينية اولاد الحاج عباس في عالي) عقود من الزمان لكن (هذه الليلة) امتدت فيها لتجمعهما.
إنها قصيدة الصباح الموصول بليل المصيبة، تترقب أبيات القصيدة ظلام هذه الليلة وانزياحه بالدعاء عليه، ألا ينزاح ولا يُسلم نفسه للصباح ولا يطلع ضحاه. لحظات ترقب مهيبة ومهيّجة للبكاء والحزن والأسى.
اللحظات التي يتلوا فيها الشهداء صلواتهم الأخيرة، ويسوون فيها قوائمهم للحرب وينعون أنفسهم، وأخرى يظهر فيها الأمهات وهنّ يقمن بتحريز أبنائهن خوفا مما تحمله الشمس معها من مأساة.
ليلة انتظار الشهادة والسبي والقتل والتشريد والمشاهد المروعة، يقدم الحداد في كل مقطع منها صورة لما سيحدث، إنها تروي حكاية الليلة الأخيرة موصولة بحكاية صباح العاشر الذي هو غير كل صباحات الدنيا والتاريخ.
لقد صاغها الشاعر لتكون سلوة لهؤلاء المترقبين النادبين الذين لا يعرفون النوم ولا يهجعون في هذه الليلة، إنها أنشودتهم التي تأخذهم لجمل ذلك الليل الذي لم يركبه أنصار الحسين وفضلوا أن يُقتلوا دونه.
ليست ليلة العاشر لحظة تاريخية، إنها لحظة آنية، يعيش تفاصيلها الشيعة وأهل البحرين خصوصا، كما تقول القصيدة: هذه الليلة لا تهجع للشيعة عين... للصباح يندبون في العزاء واحسين.
كعادته لا يترك الحداد التأكيد على هويته وهوية أجداده، تلك الهوية التي ميّزت أهل البحرين، هنا يكتب الشبّان فوق صدورهم ما يظهرون به هوياتهم المحبة لأهل البيت وهناك يقول (والهاشميون نور بين أعيننا... نرعى بحبهم للمصطفي قربى).
لقد جرت القصيدة على منابر عاشوراء وفي مواكبها، وطافت من البحرين إلى منابر العراق وعمان والقطيف لتملأ ليالي العاشقين في كل مكان دموعا وحسرة.
إنها قصيدة تحاكي شعار "كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء" بمعنى أنها تجعل من كل ليلة ليلة تضحية وفداء، ومن كل أرض معركة ضد الخضوع والاستسلام، إنهم بهذا الشعار يصونون شمس كربلاء وأبطالها من أن تُكسف، إنها تزداد توهجا وتمتد إلى لبنان حيث رجال المقاومة هناك يعاهدون الحسين: ما تركناك يا حسين، يرفضون أن يتخذوا من الليل جمل نجاة، يعيشون ليلة العاشر مع زينب وأطفال الحسين يمنحونهم الأمان ويمنعون دموعهم وأناتهم، ولا يبالون أن يخوضوا عاشرهم كلما تجدد نثار أجسادهم.

شيعة البحرين