الشهيد هاني عبد العزيز: ذكريات البطش والقصاص «1»

2012-09-15 - 7:28 ص




مرآة البحرين (خاص):
تصدر محكمة بحرينية في 19 سبتمبر/ أيلول الجاري حكمها على الضابط المتهم بقتل الشهيد "هاني عبد العزيز" وذلك بعد أن قامت وبشكل غير متوقع بتعديل الوصف والقيد في الاتهام من "الضرب المفضي إلى الموت" إلى "القتل العمد".

وقتل الشهيد هاني عبد العزيز (33 عاما) في 19 مارس/آذار 2011 على يد ضابط بحريني أطلق عليه عدة أعيرة من رصاص "الشوزن" الانشطاري (الخرطوش) من مسافة لا تزيد عن متر واحد، وذلك في منطقة البلاد القديم، وكان مقتله مثالا مفزعا على البطش والإرهاب المنظم لقوات الأمن، وسلوكها اللا إنساني، وهو أحد أوائل الشهداء في ثورة البحرين، ما بعد قانون الطوارئ.

قانون الانتقام

وبحسب تفاصيل القصة التي أوردتها عدة مصادر فإن هاني كان يمشي بمفرده في أحد شوارع القرية حين مرت بعض الدوريات الأمنية، ليفر خوفا من بطشها، ويتعرض للملاحقة، وذلك بعد 4 أيام من إعلان "قانون الطوارئ" الذي استباح البلاد والعباد، وانتشرت فيه أعمال انتقام وخطف وقتل على الهوية، راح ضحيتها العديد من الأبرياء.

وفر هاني إلى أحد المباني التي كانت قيد الإنشاء، واختبأ بداخلها، في حين كان شخص آخر يجري بحثا عن مكان يختبئ فيه، فرآه الشهيد وأشار إليه ليدخل المبنى، لكن قوات الأمن التي كانت تلاحق هاني رصدت الآخر وتبعته إلى الداخل، ثم قامت بضربه وتركته بعد أن تظاهر بالسقوط، فيما اتجه الضابط وعناصره إلى هاني وأطلقوا عليه النار ثم قاموا وفي سلوك وحشي بضربه والدوس عليه رغم أنه كان فاقد الوعي.

وترك المرتزقة الشهيد وهو يسبح بدمائه في المبنى، حتى جاء بعض المواطنين في القرية وحاولوا إسعافه ثم نقلوه إلى المستشفى الدولي، ورغم أنه توفي في نفس اليوم إلا أن جثته لم تسلم لذويه إلا في 25 مارس/آذار 2011 كما أثبت تقرير بسيوني.

يذكر أن القرية لم تكن تشهد أية مسيرة وقتها، إلا أن المواطنين كانوا يقومون بالاحتجاج عبر إطلاق صرخات "التكبير" من على أسطح المنازل، بعد فرض حظر التجول في عدة مناطق من البلاد، ومنع التجمعات والمسيرات بشكل مطلق في ضوء قانون الطوارئ، كما أن وزارة الداخلية لم تصدر أي تصريح عن مقتل هاني وقتها.

"فيديو" مروّع و"هيومان رايتس ووتش" توثق

 
وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" قد وثّقت الحادثة بالتفصيل وأشارت إلى أن أحد الشهود رأى عناصر الأمن وهم يلاحقون هاني، ثم رآهم وهم يخرجون من البناية، ومرت ساعة ونصف بعد مغادرتهم إلا أن هاني لم يغادر، بحسب الشاهد.

وصاح الشاهد بالناس للبحث عن "هاني" فتوجهوا للبناية ورأوه ملقى في بركة كبيرة من الدماء، وتفحصت المنظمة بنفسها المشهد في مسرح الجريمة، حيث وجدت بقايا عظام هاني ودمائه وأسنانه التي سقطت جراء الضرب، وكذلك قطعا متناثرة من لحمه في السقف وعلى الجدران.

وحاول الأطباء في المستشفى الدولي إسعاف هاني وإنقاذ حياته لمدة ساعتين بعد أن نزف بشدة، لكن ملثمين تابعين للجيش اقتحموا المستشفى واختطفوه أمام مرأى والده حيث قالوا إنهم سينقلونه للمستشفى العسكري، رغم خطورة حالته وعدم استقرارها ما أدى إلى تفاقمها ومن ثم وفاته في نفس اليوم.

وأظهر فيديو مروّع اللحظات الأخيرة لهاني وهو في المستشفى الدولي حيث كان ينازع الموت ولم تقم إدارة المستشفى العسكري بإبلاغ أهله وأخفت أمر وفاته 6 أيام، بل نفت وجوده هناك في ردها على اتصالات أبيه، ومنعته من المجيء للمستشفى، لكن شهادة الوفاة التي أصدرت له لم يكن يمكن أن تنكر أن وفاته كانت بسبب طلق ناري.

على طريق الثورة

 
الوحشية التي قتل بها الشهيد هاني أحدثت ضجة كبيرة في البلاد ذلك الوقت، وتقاطر آلاف من المواطنين الغاضبين إلى "البلاد القديم" للمشاركة في تشييعه، رغم ما أشاعته السلطات من أجواء الرعب، وقد التقطت صور مؤلمة للشهيد وهو على المغتسل.  وانطلقت مسيرة تشييع غاضبة حيّت روح الشهيد وهتفت بشعارات مناوئة للنظام، وتقدم المسيرة، التي شارك فيها الآلاف، العديد من الشخصيات السياسية ورجال الدين، كما شهدت حضورا نسائيا كبيرا، واعتبرت من أضخم مسيرات التشييع في مرحلة السلامة الوطنية.

وشهد ختام عزاء الشهيد مسيرة حاشدة أيضا، ألقى فيه والد الشهيد كلمة مؤثرة وقد أحيت الجماهير والحركات السياسية الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده بتظاهرة حاشدة جابت أرجاء البلاد القديم. ونظمت كذلك مسيرة شموع تكريما لذكراه.

إلى ذلك أطلقت الجماهير اسم "الشهيد هاني" على دوار البلاد القديم الرئيسي، ونفّذت العديد من العمليات الاحتجاجية ضد قوات الأمن باسم الشهيد هاني كما صممت العديد من المونتاجات وفاء له، وتحدث في أحد مقاطع الفيديو الممنتجة أفراد من عائلة الشهيد مؤبنينه.

يذكر أن الشهيد خلّف ابنتين (توأما) عمرهما سنة عند وفاته، وذلك بعد سنين قضاها في العلاج ليستطيع الإنجاب.





التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus