لكن ماذا يعني أن يصبح النائب الأول لرئيس الوزراء رئيساً للوزراء؟
2020-11-20 - 11:24 ص
مرآة البحرين (خاص): توفي رئيس وزراء البحرين خليفة بن سلمان، الذي لم يشغل أحد غيره هذا المنصب منذ إنشاء أول حكومة في البحرين بعد استقلالها قبل 49 عاماً.
وكما كان متوقعا، وخلال ساعات فقط منذ الإعلان عن وفاته، عين ملك البحرين، نجله ولي العهد رئيساً للوزراء، في إجراء متوقع، بعد أن رأس الأخير الحكومة بشكل رسمي منذ أكثر من عام نظراً لغياب خليفة بن سلمان إثر تدهور وضعه الصحي.
لكن ماذا يعني أن يصبح النائب الأول لرئيس الوزراء رئيساً للوزراء؟
بداية علينا أن نعلم أن الإجراء الأخير كان شكلياً أكثر من أي شيء آخر، فقد تم تقليص صلاحيات رئيس الوزراء منذ العام 2002 في أكثر من محطة وبصور متعددة، في قبال تضخم صلاحيات ولي العهد تحديداً.
لم يكن خليفة بن سلمان رئيساً عادياً للوزراء. لقد قاد الحكومة لعقود متتالية، إبان حقبة عيسى بن سلمان الذي كان يفضل عدم التدخل في الشئون اليومية لإدارة البلاد، لكن وفاته في العام 1999 ومجيء ابنه غير بعض الأمور.
لقد كان حمد بن عيسى طامحاً في السيطرة على كل مفاصل الدولة، ولذلك بعد تحويل الدولة من إمارة إلى مملكة، انتقلت صلاحية تشكيل الحكومة من رئيس الوزراء إلى الملك، الذي صار يتقاسم عملياً الحكومة مع عمه.
ولم يكن خافياً على أحد أن تعيين أشخاص مثل أحمد عطية الله كان الهدف منه زرع موالين للديوان الملكي في قلب حكومة خليفة بن سلمان، وهو ما أدى لامتعاض خليفة بن سلمان الذي لم يخفه عن بعض زواره.
لم تكن الأمور لتتوقف عند هذا الحد، فقد تم استحداث مجلس التنمية الاقتصادية، وهو الجهاز المسؤول عن الاستثمار والاقتصاد، لكنه جهاز مستقل يتبع مباشرة ولي العهد سلمان بن حمد، ولا حاكمية لمجلس الوزراء عليه.
وبالفعل فقد عمل مجلس التنمية الاقتصادية على وضع رؤية البحرين الاقتصادية 2030، وامتلك صلاحيات واسعة مكنته من تغيير بعض القوانين المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية في البلاد.
حاول خليفة بن سلمان إعاقة عمل مجلس التنمية الاقتصادية، لكن رسالة (يناير 2008) من ولي العهد إلى والده الملك، نشرت في الصحف المحلية، اشتكى فيها الابن لأبيه إعاقة بعض الأجهزة الحكومية لعمل مجلس التنمية الاقتصادية، وأدى نشر تلك الرسالة في نهاية المطاف إلى تخيير الملك أعضاء الحكومة بين التعاون مع مجلس التنمية الاقتصادية أو الاستقالة من الحكومة.
على الرغم مما تعرض له منصب رئاسة الوزراء من إضعاف وسحب للصلاحيات، لكن الملك وولي العهد كانا دائماً على استعداد لاستغلال أي متغير محلي أو خارجي لسحب المزيد من الصلاحيات، وهو ما حدث في عام 2013 حين دخل سلمان بن حمد بشكل رسمي للحكومة كنائب أول لرئيس الوزراء، متجاوزاً نواب رئيس الوزراء (أذرع خليفة بن سلمان الوفية له منذ عقود ونجله علي).
في أكتوبر 2018 وبعد نجاح البحرين في حصولها على دعم خليجي بقيمة 10 مليارات دولار، أجهز الملك على ما تبقى من صلاحيات حقيقية لعمه رئيس الوزراء، وقام بإعطاء النائب الأول لرئيس الوزراء صلاحية "تعيين المدراء ومن في حكمهم ونقلهم إلى الوزارات والهيئات الحكومية"، كما أمر بنقل رئاسة مجلس الخدمة المدنية من خليفة بن سلمان إلى نجله سلمان بن حمد، ولم تتبق لدى خليفة بن سلمان في آخر الجلسات التي رأسها سوى صلاحيات محدودة مثل إصدار التعميمات الخاصة بالعطل الرسمية بالإضافة إلى رئاسة اجتماعات مجلس الوزراء.
في منطقة الخليج كان لدينا جمع بين منصبي ولي العهد ورئيس الوزراء لسنوات طويلة في دولة الكويت تحديداً، وكان دائما ذلك محل انتقاد من النواب والنشطاء، لأن ذلك يعني تحصين موقع رئاسة الوزراء من الاستجواب والمساءلة، كون الدستور لا يسمح باستجواب الأمير أو ولي العهد.
لكن الأمر مختلف في البحرين، حيث لا يملك عمليا مجلس النواب صلاحية استجواب وزير، فضلاً عن رئاسة الوزراء التي من المستحيل استجوابها بوجود برلمان هزيل لا يمتلك أية صلاحيات رقابية حقيقية.
إن جلوس ولي العهد على مقعد رئيس الوزراء، أمر طال انتظاره منذ سنوات، وحصل أخيراً. وفاة خليفة بن سلمان بعد 49 عاماً من بقائه في المنصب، وتعيين سلمان بن حمد، حدث مهم بلا أدنى شك. ويمكننا القول إن ولي العهد بات اليوم أقوى أكثر من أي زمن مضى، أما عن مدى التأثير الذي سيخلفه هذا الحدث وهذا التعيين، فإن الوقت كفيل بكشف ذلك.