«جحا» في جنيف و100 حرامي!

2012-09-16 - 7:29 ص


مرآة البحرين (خاص): تعرف الحكومة البحرينية أن وفد «البيتزا»، متعدد المحتويات، الذي أعدّته على طريقة «الفزعة»، ويشكل منذ يومين واحدة من أكثر النوادر إضحاكاً، لايفيد أي شيء في جنيف. لكن هناك شك من أن تكون أكثرية الوفد تعرف هذا. وهم خليط من متملقين وأصحاب مصالح و«جهلة»! لذا من المستحسن أن نعرّفهم بذلك.

يمكن تخيّل هذا: إن كثيراً منهم، أو بعضاً كثيراً منهم، مستغرق الآن في التوظيب إلى كلام مفوّه. ومنهم من يحكّ رأسه. يتدرّب أمام المرآة العاكسة على كيفية نطق خطبةٍ عصماء، لأوّل مرّة، أمام محفل دولي. ومنهم رجال دين «مهاميز» اعتادوا القيام بهذه الوظيفة. ولا بأس أن يكيّفوا بعضاً من أساليب «الشجْع» المنبري  الجهير لأجل ذلك.

نقول لهم، حتى لا يؤخذوا بغتة بالواقع هناك، إن هذا «تهريج»!

نصيحتنا لهم، أن يستثمروا هذا الوقت الضائع في قراءة بروتوكول الجلسة الرئيسة. فهم سيجلسون كالخشب المسندة أو كشواهد قبور من العصر الفيكتوري، يستمعون إلى «رغي» الوزير المفوّض و«زبد» مستشاريه أمام الحساب العسير لمندوبي الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان. فوحده من سيحق له الحديث في جلسة المناقشة، ومندوبو الدول، وهناك كلمة، هذه المرّة فقط، للمنظمات الحقوقية.

هناك خط إنترنت جيّد في الداخل، وهذا ما سيستطيعون فعله: الكتابة في «تويتر». ثم في ختام الجلسة: التقاط الصور التذكاريّة ورفعها في حسابات «الأنستغرام» الخاصّة! تماماً، كعجينة «البيتزا» بعد استوائها في الفرن. طازجة، طريّة، لكن ليس لأيّ شيء، استثناء الصور والقضْم ثم الهضم في «المعْدة»!

لماذا تشحنهم الحكومة إذن إلى هناك؟ بهذا الكمّ الضخم، لكن الجاهل والمغرغر بالوهم، أنه سيقلب المعادلات! ببساطة، لهذه الصور تحديداً: عجينة «البيتزا» بعد خبزها وإخراجها من الفرن. تريد الحكومة صورة. صورة لخلطة الموزاييك الخادعة، التي تستطيع أن توهم بها من تستطيع إيهامه من كوكبة «الميديا» المدفوعة. لكن ليس أبعد من ذلك، هذا كل شيء!

غير أن قرار مجلس حقوق الإنسان في مكان آخر. له آلياته المختلفة. وهو يتعلّق بآليات أخرى ليس بينها هذا الوفد «المخبول». أحدها، بالتقرير التجميعي للأمم المتحدة الذي أعدته بعد التشاور مع الجهات ذات المصلحة. وبينها جميع منظمات حقوق الإنسان التي لاينفك يمرّ يوم من دون أن تصدر بيانات تدين السلطة. فهو الذي سيرسم الصورة المقابلة أو وجهة النظر الأخرى في قبال الصورة التي سيرسمها وفد السلطة. إلى جانب كلمة المنظمات الحقوقية. وهذا التقرير قرأناه قبل أسبوع بلسان الأمين العام بان كي مون. وفيه  شجب واضح وصريح، بلا هوادة، لانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، وشرح وافٍ لما تعرّض له الوفد الأهلي ومن يتعاونون مع الأمم المتحدة.

أحدها أيضاً، يتعلق بنشاط لوبيات الضغط مع مقرري الأمم المتحدة وممثليات الدول. وبتقارير سفارات الدول الأعضاء وما ترسمه من صورة إلى الواقع على الأرض، بناءاً على التطورات. ثم فوق ذلك، ردود وفد الحكومة أثناء الجلسة  التي ينبغي أن تكون مقنعة على 176 توصية.

إذا لم يعرف أو يسمع الوفد المؤلف من مائة نفر بذلك، ينبغي أن يعرفه من الآن، حتى لا يُصدم. بلى، هناك فرصة للقيام بسياحة «التسوّق» المكلفة في جنيف. بين متاجر ساعات «الروليكس» ومحلاّت بيع قوالب الشوكولاتة السويسرية بالبندق والحليب، المصنّعة في البيوت، والتهام شرائح البيتزا الإيطالية، متعددة المكونات.

إضافة إلى «الصراخ» طبعاً، حدّ السأم، في ندوة تالية على الجلسة الرئيسة بإحدى القاعات المغلقة داخل مبنى حقوق الإنسان، مما لا تأثير لها فعلياً، ويمكن أن يرتادها كل هاوٍ وعابر طريق، عدا أولئك الذين يمتلكون صلاحية التأثير في قرارات المجلس.

وفد «البيتزا»، متعدد المحتويات، وإحدى نوادر «جحا» الخفيفة،  الطائرة من المنامة إلى جنيف: السلام عليكم!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus