السجناء السياسيون في البحرين يواجهون تفشي الكورونا والعنف وكندا تغض النّظر

من تظاهرات الشعب البحريني احتجاجًا على وضع السّجناء
من تظاهرات الشعب البحريني احتجاجًا على وضع السّجناء

شيناز كيرمالي - موقع ريكوشيه - 2021-04-27 - 3:44 م

ترجمة مرآة البحرين

في حين لا يشبه الحجر بسبب الوباء الوجودَ في السجن، يجب أن يساعدنا الوقت الذي نقضيه في عزلة، مع وصول سريع وسهل نسبيًا إلى معدات الحماية الشخصية الأساسية، على تقدير الظروف المعيشية المروعة التي يواجهها آلاف السّجناء السياسيين في الوقت الحالي. في جو، أكبر السجون وأكثرها اكتظاظًا في جزيرة البحرين الصغيرة في الخليج العربي، يبلغ متوسط مساحة الزنزانة 3 × 3.4 متر، وفيها ما يقرب من 12 سجينًا. من بينهم عدد من قادة المعارضة السياسية والمتظاهرين من حركة المعارضة المقموعة في البحرين، بما في ذلك نشطاء من الحركة المُستَلهَمة من الربيع العربي في البلاد في العام 2011. يرقد النزلاء البالغون والأحداث على حد سواء في زنازين قذرة وممرّات مليئة بالنفايات. التعذيب الجسدي والنفسي أمرٌ شائع. على الرغم من أن سعة سجن جو الرّسمية تبلغ 1201 سجين، يُقَدّر أنّه يضمّ أكثر من ضعف هذا العدد من النزلاء.

وقال ديفين كيني، وهو باحث في شؤون الخليج في منظمة العفو الدولية، في اجتماع عقدته منظمات حقوق الإنسان في وقت سابق من هذا الشهر إنّه "لم يجرِ مطلقًا توزيع أقنعة الوجه، ومعقمات اليدين، وإجراء الفحص، والفحص المنتظم منذ أن بدأنا بإجراء تحقيقات في سبتمبر/أيلول 2020" مضيفًا أنّ "التباعد الاجتماعي مستحيل فعليًا".

وبالتّالي، عندما أعلنت السلطات عن اكتشاف ثلاث إصابات بالكورونا الشّهر الماضي في جو - وهو أمر كان أقارب السجناء السياسيين يُرجّحون حصوله منذ فترة طويلة- ملأت الاحتجاجات اليومية الشوارع والقرى بطرق لم نشهدها منذ الربيع العربي. ونشرت المنظمات المحلية لحقوق الإنسان التي تتعقب نتائج فحوصات السّجناء (المُتاحة عبر موقع وزارة الصحة) على وسائل التواصل الاجتماعي أنّ عدد الإصابات تجاوز على الأرجح 150 إصابة.

وطالب المتظاهرون، وعلى رأسهم أمّهات وبنات وأخوات المعتقلين، بإطلاق سراح أحبائهم على الفور. وأخبرتني إحدى المتظاهرات، وهي شقيقة السجين أحمد علي يوسف الأسبوع الماضي أنّ "أخي أحمد علي يكمل اليوم ست سنوات في السّجن" مضيفة أنّ "زوجته كانت حاملًا في شهرها الخامس بفتاتين توأمين عندما تم اعتقاله ... وأخي يحب الأطفال كثيرًا لدرجة لا تُصدّقها. الأمر حقًّا يُحطّم قلبي".

وفي وسط الاضطرابات، وصلت التوترات في نهاية الأسبوع الماضي داخل سجن جو إلى نقطة الغليان. دخل أكثر من 50 عنصرًا من شرطة مكافحة الشغب إلى أحد مباني السجن وهاجموا ما لا يقلّ عن 35 سجينًا على خلفيّة احتجاجهم على سوء الأحوال الصحية. ووصف نشطاء حقوق الإنسان ما حصل  بـحمّام الدّم وبأنّها "اعتداءات انتقامية" ردًّا على التّظاهرات في الشّوارع. وبحسب ما رواه أحد شهود العيان  لسيد أحمد الوداعي، وهو ناشط بحريني يعيش في المنفى، شكّل السجناء سلاسل بشرية في اعتصام حاولت قوات الأمن فضّه. ونسمع السّجين السجين يقول في محادثة هاتفية مسجلة نشرها الوداعي إنّهم "حاصروا [أحد السّجناء] ورأينا الهراوات ترتفع وتسقط على جسده إلى أن أخرجوه" ويضيف أنّ "سيد علوي محمد جواد من [قرية] باربار تعرّض للضرب المبرح .. وامتلأت الممرات بالدماء، وحُطِّمَت الكراسي والألواح. وكان الشّباب  الأصغر سنًّا [السجناء] يستخدمونها لمقاومة القوات". وقال شاهد العيان للوداعي إن حراس السجن نادوا عبر مكبرات الصوت في المبنى بأنّ "اعتصامكم غير قانوني" وأجابهم السجناء أنّه "نحن نطالب بحقوقنا، امنحونا حقوقنا، وسنعود إلى الزنازين".

وأُفيد أنّه تم إلقاء عدد من السُجناء على وجوههم أولًا على الأرض بشكل متكرر. وفقد أحد المعتقلين وعيه بعد إصابته بجرح عميق في الرأس، وقيل إنه نزف بغزارة. وشوهدت الشرطة تحمل [سجينًا] آخر بعيدًا. لا أحد يعرف مكان تواجد هؤلاء الأفراد حاليًا.

بعد وقت قصير من الهجوم، أصدرت وزارة الداخلية البحرينية، كما كان مُتوقعًا، بيانًا مواربًا تنفي فيه استخدام أي قوة مفرطة ضد المعتقلين، مشيرة بدلًا من ذلك إلى أنهم كانوا معتدين. وورد في البيان أنّه  تمّ "اتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية اللّازمة بحق النّزلاء المخالفين [سجناء جو]، والذين قاموا بارتكاب أعمال فوضى وعنف ضد رجال الشّرطة".

وفي اليوم التالي، نفت المؤسسة الوطنية البحرينية لحقوق الإنسان، وهي هيئة رقابة شبه حكومية، الادّعاءات بشأن تعرّض السّجناء للضّرب ونقلهم إلى موقع غير معروف.

إنّها النتائج الزائفة المماثلة على وجه التحديد ([الصّادرة] عن منظمات حقوقية زائفة) -بالإضافة إلى البيانات التي يُجبَر السَجناء السَياسيون على التوقيع عليها عند إطلاق سراحهم والتي تمنعهم من انتقاد الحكومة علنًا - التي تساهم في ثقافة الإفلات من العقاب في البحرين. الحكام المستبدون  في الخليج بارعون في خلق سرديّات كاذبة، ويرجع ذلك بلا شك إلى جهازهم للعلاقات العامة المُمول جيدًا، والموجود على نطاق واسع في واشنطن ولندن.

قلّة هم الذين يتذكرون حركة البحرين المُستَلهَمة من الربيع العربي في العام 2011 لهذا السبب. وكما في مصر وتونس، اجتمع عشرات الآلاف من المتظاهرين في الساحة العامة في العاصمة للاحتجاج على القبضة الشّديدة لحكومتهم على السلطة، واعتقال المنتقدين السّياسيين والتّمييز ضد الغالبيّة الشّيعية في البلاد. وبخلاف الحراكات في مصر وتونس، قُمِعَت المعارضة العامة بسرعة ووحشية. ودخل ما يقرب من 2000 عنصر في قوات تقودها السعودية إلى الجزيرة. قُتل مئات الأشخاص وسُجن الآلاف، في حين اختفى آخرون ببساطة.

لقد كانت فترةً لن يتعافى منها خالد سهوان -الذي اعتقلته السلطات البحرينية وعذّبته قبل 10 سنوات لمشاركته في احتجاجات 2011 - أبدًا. يقيم سهوان الآن في ويندسور، في أونتاريو، ويعمل في مركز للاتصالات، ويدرس إدارة الموارد البشرية.

أخبرني أنّه  "أتذكر في بداية اعتقالي أنّهم وضعوني في زنزانة ضيقة جدًا في سجن انفرادي لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًا. كان الأمر صعبًا للغاية. قُيِّدَت يداي، وبين التّعذيب الجسدي والنفسي، والإهانة والضرب بطرق مختلفة، ما زلتُ أعاني من تقرحات في جسدي". سماعه [الأخبار] عن الهجمات الأخيرة على جو جعلته يعاني من القلق، خاصة وأنّ عددًا من أصدقائه ما زالوا في السّجن.

من المؤسف أيضًا هو كيفَ تواصل أوتاوا وواشنطن دعم ملوك الخليج في حين تعرفان جيدًا مدى فظاعة هذه الأنظمة. عكس اجتماع دافئ بين وزير الأمن الدّاخلي الأمريكي ووزير الداخلية البحريني الأسبوع الماضي مدى فشل السياسة الخارجية الأمريكية مجددًا على صعيد حقوق الإنسان.

وورد في البيان الصّادر عن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أنّ "الوزير مايوركاس والوزير آل خليفة أشادا بالتّعاون الوثيق والشّراكة القائمة بين البحرين والولايات المتحدة، والتي يتطلع البلَدان إلى تعزيزها". لم ترد الإشارة إلى الاحتجاجات المستمرة أو انتشار الكورونا في سجن جو.

من الواضح أنه في نظر أوتاوا وواشنطن، الفوائد المالية والجيوسياسية لتحالف الولايات المتحدة مع الدّول الخليجية أكثر أهمية من الحياة البشرية. أشار الرئيس جو بايدن إلى ذلك في فبراير/شباط عندما اختار عدم معاقبة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدوره في اغتيال الصّحفي السعودي المقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية بوضوح إنّ بايدن يريد "إعادة تقويم" العلاقة، وليس "قطعها".

إنّها كلمات عقيمة لا تقدم أملًا لأولئك الذين يواجهون إغلاقًا  جماعيًا شاملًا مختلفًا كليًّا في الوقت الحالي.

النّص الأصلي