هل هي نهاية كورونا في البحرين؟
2021-07-01 - 3:50 ص
مرآة البحرين (خاص): هبوط حقيقي هذه المرة سجّلته أخيرا مؤشّرات الوباء في البحرين خلال الأسبوعين الماضيين، تراجع فيه معدّل الوفيّات إلى 4 يوميا خلال الأسبوع الأخير، و10 يوميا خلال الأسبوع الذي سبقه، بعد أن كان لا يزال يسجّل ارتفاعا في النصف الأول من الشهر الجاري بمعدّل 20 وفاة يوميا خلال الأسبوع الأول.
كذلك تراجع المتوسط اليومي للحالات الحرجة (التي ترقد في غرف العناية القصوى) إلى 104 حالات خلال الأسبوع الأخير، بعد أن كان يفوق الـ 300 حالة خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري.
بخلاف هذين المؤشّرين الأصعب فقد هبط أيضا متوسط الحالات التي تتلقّى العلاج إلى 54 فقط خلال الأسبوع الماضي، بعد أن كانت تزيد عن الـ 400 حالة خلال الأسبوع الأول من يونيو.
وكان مراقبون وأطبّاء قد شكّكوا في وتيرة الهبوط التي تفاخرت بها السلطات بعد أسبوعين من إعادة فرض إجراءات صارمة شملت إغلاق قطاعات تجارية أمام الزبائن، وخلص تقرير لمرآة البحرين إلى أن المؤشّرات لم تتراجع بل تفاقمت خلال الأسبوعين الأولين من يونيو. التقرير قال إن السلطات ضلّلت الرأي العام حول الأرقام بعد أن غيّرت بروتوكولات الفحص التي ألغت فحص جميع المخالطين ما أدى فورا إلى هبوط كبير في أعداد الفحوصات وبالتالي هبوط كبير (لا يعكس الواقع) في عدد الحالات المسجّلة.
وتستخدم دول عدّة هذه السياسة لمواجهة الضغط على الموارد الصحية، لكن الأرقام الرسمية في البحرين بيّنت الخلل الشديد في النسبة والتناسب بين أعداد الحالات المسجّلة في مقابل أعداد الوفيّات والحالات التي ظلّت تدخل غرف العناية القصوى أو تخضع العلاج، إذ كان التناسب عكسيّا لأوّل مرّة!
من جانبه قال الدكتور قاسم عمران، استشاري الأمراض التنفسية والعناية المركزة المقيم بالولايات المتحدة، في تعليق على هذه الإحصاءات إن "كل موجات الوباء تمر الإصابات والوفيات فيها بوتيرة صعود ووتيرة نزول ذات نسق محدد ومألوف، إلا هذه الموجة حيث يبدو أن وتيرة النزول فيها مصطنعة".
ورغم حدوث هبوط تدريجي في أرقام الوفيات والحالات الحرجة إلا أن الإحصاءات الرسمية تبيّن بأن شهر يونيو/حزيران حطّم أرقام مايو الأسود على مستوى عدد الوفيات، التي بلغت في يونيو 361 وفاة مقابل 334 في مايو.
في المقابل انخفض مجموع الحالات التي تم تسجيلها في يونيو بعد تغيير البروتوكول إلى حوالي 27 ألف حالة فقط، مقابل 63 ألف حالة في مايو الأسود، أي بانخفاض يزيد عن 57%!
وكان من الشاذ أيضا في الإحصاءات الأخيرة انقلاب النسبة بين الحالات التي تتلقى العلاج والحالات التي تدخل العناية، إذ كان عدد الحالات التي تتلقى العلاج دائما أكثر من الحالات التي تتلقّى العناية (منذ بداية تفشي الجائحة)، وذلك بنسبة تزيد عن 25% (وتصل إلى 50% أحيانا)، لكن أعداد الحالات التي تدخل العناية أصبحت فجأة أكثر من الحالات التي تتلقى العلاج بدءا من منتصف الشهر، وذلك بنسب وصلت إلى 46%، ما يشير إلى اضطراب في الأرقام وعدم اتساقها.
هذه التناقضات قادت الحكومة إلى تمديد الإغلاق أسبوعا آخر ينتهي غدا الخميس، دون أن تعلن حتى هذه اللحظة إذا ما كان هناك تمديد آخر، وذلك بعد 5 أسابيع من فرض هذه الإجراءات.
مع نهاية هذه الموجة التي تسببت في التشكيك بفعالية حملة التطعيم في البحرين، وفعالية التدابير العلاجية، يتساءل المراقبون ما إذا كانت هذه هي الموجة الأخيرة فعلا! الرأي العام اتّهم السلطات في البحرين بالعجز والتقصير وإساءة إدارة الملف منذ بداية العام الجاري، وكانت أهم نقطة اجتمعت الانتقادات حولها هي عدم إغلاق المجال الجوي أمام القادمين من الهند وبنجلاديش وباكستان بعد اكتشاف المتحوّر الهندي (دلتا)، أخطر سلالات كورونا حتى الآن، وتحويل البحرين إلى محجر صحّي لمن يريد عبور العالم من المسافرين من هناك.
تقرير لمجلة (فوربس) اعتبر موجة كورونا الثالثة في البحرين "أكثر فتكا من الهند بـ 5 مرات، بمعيار نسبة الوفيّات إلى عدد السكّان، رغم تطعيم نصفهم!"
مقارنة بتجارب دول العالم، فإن خللا كبيرا في السياسات كان السبب في وفاة حوالي 1000 شخص بفيروس كورونا منذ بداية العام فقط، مقابل 351 حالة وفاة فقط طوال العام الماضي، في بلد لا يزيد تعداد سكّانه عن 1.7 مليون نسمة!
بعد أن دفنت 700 من الضحايا (عشرات منهم كانوا شبّانا) في ظرف شهرين فقط، تتنفّس البحرين الصعداء أخيرا، ولكن، قبل أن يعلن ولي العهد رئيس الوزراء القضاء على كورونا في البحرين ويحتفل بما سيسمّيه إنجازا لحكومته، يجب أن يظل هناك صوت يذكّره دائما بالضحايا والخسائر الفادحة في الأرواح التي خلّفتها إدارته (غير المخوّلة من الشعب) للأزمة، يجب أن لا تصبح تلك الأرقام الكارثية "ماضٍ"، ويجب أن تواجه بها البهرجات الزائفة للمستأثرين بالسلطة.
هل ستؤثّر هذه التجربة المريرة في آلية اتخاذ القرار عند الحكومة؟ هل يمكن أن نضمن عدم تكرار هذه الكارثة؟ هل سيتذكّر فريق البحرين عشرات الجنائز التي عجّت بها المقابر يوميا حين يقرون تدبيرا ما أو يتجاهلون آخر؟ هل سيتذكّر ولي العهد رئيس الوزراء (وهو يراجع تقارير الحكومة ومقترحات المسئولين) عدد المرات التي قيل فيها إن أفراد عائلة واحدة توفوا جميعا بسبب الفيروس؟
وأخيرا، هل هذه هي فعلا نهاية كورونا في البحرين؟ ندعو الله أن تكون.