بوكشمة: القلمان هو الحل

بوكشمة - 2022-02-21 - 3:33 ص

في الثمانينات والتسعينات عندما تتجول في البحرين ستجد أن الشعار السياسي المسيطر والمكتسح على كل الجدران "البرلمان هو الحل" وكانت مهمة رجال العسس والمخابرات (أغلبهم شبه أميين) الطواف على الأزقة وتقديم إخباريات عن موقع الشعارات لتأتي فرق خاصة (أغلبهم لا يعرف اللغة العربية) مدججة بالأسلحة وعلب رش الصبغ الأسود ويمحون الشعار وهم منتشون بالفوز العظيم، مرة صادف إن المخبر يعرف يقرأ عربي ولكنه احتار في الشعار المكتوب "القلمان هو الحل" هل هو شعار كتبه المخربون الشيعة؟ أو كتبه "القراريص"؟ (يقومون بنفس دور الذباب الالكتروني حالياً) وفي الصباح حضرت كتيبة مكونة من عدة سيارات جيب مكدسة بالعسكر المدججين بالأسلحة والعتاد وسيارات مدنية نزل منها القراريص بعضهم ملثم واشتغلت البرقيات (لم يكن الهاتف النقال موجود) وبلغات الأردو والإنجليزي والعربي وبلهجات أردنية ويمنية أو مكسره "سيدي مو مكتوب برلمان " "سيدي شو معنى قلمان " "سيدي حول، نمحي الشعار لو نخليه؟".

واصلت الكتيبة في الموقع لمدة أربع ساعات بين أخذ ورد حتى حسم الأمر وتم محي الشعار. وبسبب شعار "البرلمان هو الحل" وغيره من الشعارات فقد الكثير من الشباب حريتهم وأعمالهم وبعضهم خرج من السجن بإعاقة ومنهم من فقد حياته. بقى الحال كما هو بين الإصرار على الكتابة والمسح المظفر حتى أتى الميثاق الخبيث والمخادع وانكشفت الغمامة عن ماهية البرلمان. المفروض كان هذا الحلم يمثل المواطنين الصالحين ويدخله المناضلون والوطنيون والمخلصون والكفاءات ولكن الواقع لا يمثلهم ولا يدخله سوى الطارئين على السياسة والجبناء وصائدي الجوائز والمنافقين.
وجد أغلب الشباب الذين شكلوا حراك التسعينيات وخاصة أولئك الذين خطوا الشعارات وآمنوا بها وأولها البرلمان هو الحل ولسان حالهم يقول (كدي يا غزالة وكلي يا سباله) أو ( طرار يطره والفار يجره) وتذكروا مقولة الثائر جيفارا "الثورة يصنعها الشرفاء ويرثها ويستغلها الأوغاد " ولذا لا تجد حالياً من يخط هذا الشعار وحتى الموالين يأسوا من هذا البرلمان المعاق واطلقوا عليه "البرطمان" ويطالبون بإلغائه وتوفير ميزانيته لبناء بيوت إسكان. وحده أبو كشمة لا زال يصر ان شعار "البرلمان هو الحل" هو صالح وبقوة وخاصة في الفترة الأخيرة! لماذا؟
حول البرلمان إلى مخدر قوي المفعول لآلام الناس وأوجاعهم وإلى كيس ملاكمة للشعب ينفسون به عن غضبهم. إذ تم تحويل الحنة والطحنة واللوم والعتب على فشل الحكومة الى البرلمان المعاق.
جعل الناس العادية يحلمون بالراتب والمزايا الخيالية مثل جوائز ملايين البنوك واستخدامه مثل الجيمة (الطعم) لبعض من يراد ترويضهم. وإلى عقاب بحرمان المغضوب عليهم حتى لو أعلنوا التوبة النصوحة.
يستخدم البرلمان لتمرير ما لا يمكن تمريره سابقاً من قوانين وتشريع القمع والعزل والتنكيل للمعارضين.
استخدام البرلمان (للفشخرة والفشار والكذب) لكي يقولوا إن البلد ديموقواطي ( ديمقراطي).
"لا حوار إلا داخل البرلمان" هذا ما يكرره الحكم وكذلك طبالته.
البرلمان هو الوسيلة الفعالة لاستمرار الفساد والتستر عليه ومنحه الشرعية ولسرقة جيب المواطن.
البرلمان هو جامعة لتخريج الفاسدين والمفسدين والبصامين على الفساد إذ بعد التخرج يُنقل المتفوقون إلى مناصب أعلى إذ يتم توزيرهم (وزراء) وتشوريهم (تعيينهم في الشوري) أو تسفيرهم (سفراء) أو ترززيهم (توظيفهم).
يستخدم البرلمان لترويض الجمعيات السياسية كجوائز ترضية ولشق الصفوف.
يستخدم البرلمان كشبكة صيد لكل ساقط ومتساقط ومغامر ومتحادق وطماع ومنافق .
أبو كشمة يؤكد إن القلمان أو البرطمان هو أداة حكومية بامتياز وجهاز من أجهزة الدولة لذا فهو أفضل حل لها وليس للمواطنين لذا المفروض إن شعار "البرلمان هو الحل " هو شعار الحكومة وطبالتها وقراريصها وعقاربها.

 

* "بوكشمة" رجال عادي وبسيط، عقله حصيف وقلبه نظيف وضميره عفيف، يشعر بالغصة وتخنقه العبره لما آل إليه حال بلاد المليون نخلة.