براين دولي: الولايات المتحدة تفشل في إبقاء حقوق الإنسان في الصدارة في حوارها مع البحرين

وزير الخارجية الأمريكي مستقبلا ولي العهد رئيس الحكومة البحرينية
وزير الخارجية الأمريكي مستقبلا ولي العهد رئيس الحكومة البحرينية

براين دولي - موقع مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (Pomed) - 2022-03-11 - 6:01 م

ترجمة مرآة البحرين

عليكم أن تتساءلوا عما إذا كان أي أحد في إدارة بايدن يأسف لوعده بوضع حقوق الإنسان في "صدارة" السّياسة الخارجيّة للولايات المتحدة. وفي كل مرة يكرر فيها المسؤولون في وزارة الخارجية أو البيت الأبيض تعهدّهم -وهم يفعلون غالبًا ذلك، وإن بأشكال مختلفة قليلاً - يشير شخص مثلي إلى نفاقهم المهين في هذا الادعاء في الوقت الّذي يدعمون فيه بحماس الحكومات المنتهكة لحقوق الإنسان.

وها نحن نقوم بذلك مجددًا، هذه المرة مع البحرين. مؤخرًا، افتتح وزير الخارجية أنطوني بلينكن "الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والبحرين" بالإشادة بديكتاتورية البحرين "للخطوات الكبيرة الحقيقية الّتي أنجزتها . . . في قضايا حقوق الإنسان". ومع أنّنا معتادون على قدر معين من الخطاب الدبلوماسي المُجَرَد من المعنى في التّجمعات المماثلة، إلا أنّه لا داعٍ فعليًا  لتهنئة نظام استبدادي على تقدمه الخيالي في مجال حقوق الإنسان.

فلنكن واضحين: لم تُنجز مملكة البحرين أي خطوات في مجال حقوق الإنسان في العقد الماضي، على الأقل لم يكن هناك أي خطوات إلى الأمام، بل الكثير من التّراجع.

الوضع في البحرين الآن أشدّ سوءًا مما كان عليه بعد الاحتجاجات الواسعة النطاق والمطالبة بالديمقراطية في العام 2011. في تلك الأيام، سمحت البحرين بوجود معارضة إسمية على الأقل؛ في ما حظرتها كليًّا الآن.

سُمح لمنظمات حقوق الإنسان الدولية بدخول البحرين لتوثيق الوضع بشكل مباشر؛ غير أنّ ذلك ممنوع الآن.

قبل عقد، كان السجناء يتعرضون للتّعذيب لكن من دون إعدامهم؛ وهم الآن يُعَذّبون ويُعدمون.

قبل عقد، سُمح للصحيفة المستقلة التي تنتقد الحكومة باعتدال بالعمل؛ ليس بعد الآن.

وقبل عقد، كان بإمكان بعض المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين العمل قليلًا أثناء تعرضهم للمضايقة والاعتقال؛ أُغلِق هذا الفضاء الآن.

تدرك وزارة الخارجية، وعلى رأسها بلينكن هذه الوقائع كلّها. وتدرك العائلة الحاكمة في البحرين أنّ الآخرين كلّهم يعرفون بشأن هذه الأمور. لكن في العالم الخيالي للسريالية الدبلوماسيّة، يُصفّقون بغض النّظر عما يحدث. قد يكون في ذلك كلّه بعض المرح غير المؤذي، عندما لا يُصدق أحد فعليًا أن بلينكن يعني ما يقوله.

لكن المديح الأمريكي الّذي لا تستحقه [البحرين] مهم. فهو يُشجع نظامها الدّكتاتوري على أن يواصل تجاهل حقوق الإنسان، إذ يدرك أنّه لن يتعرض للانتقاد العلني -في الواقع، سيُشاد بخطوات إيجابية لم تتخذها. يشير هذا النوع من الخطاب إلى أن الولايات المتحدة توافق أساسًا على ما يحدث هناك، إذ يستمر دعم الجيش البحريني بالأسلحة الأمريكية (بلغت قيمتها 389 مليون دولار منذ العام 2016).

يشير هذا الخطاب أيضًا إلى أن الولايات المتحدة تخلّت عن نشطاء حقوق الإنسان في البحرين، مهما بلغت ادعاءات الإدارة الأمريكيّة بأن حقوق الإنسان في صدارة سياستها الخارجيّة.

ارتكب الرّئيس باراك أوباما خطًا كبيرًا بشأن البحرين في الفترة الّتي كانت فيها المملكة تتمايل على حافة الإصلاح الديمقراطي في العام 2011، وفي النّهاية، انتصرت الديكتاتورية بمساعدة واشنطن. لكن أوباما تفوّه على الأقل ببعض الأشياء اللائقة. في مايو/أيار من ذلك العام، قال علنًا للحكومة البحرينية إنّ "السّبيل الوحيد للمُضي قُدُمًا هو أن تنخرط الحكومة والمعارضة في حوار، ولا يمكن إجراء حوار حقيقي مع وجود أجزاء من المعارضة السلمية في السجن".

خفّف توجيه مثل هذا النّقد الدّولي للبحرين في العام 2011 حدّة السوء الّذي بلغته الأمور. أطلق سراح أعضاء الكادر الطّبي الّذين عالجوا المحتجين المصابين من السجن، وأيضًا بعض نشطاء حقوق الإنسان. لكن الانتهاكات ازدادت بعد تلاشي الانتقادات العلنيّة.

اليوم، لا يزال زعماء المعارضة السّلمية في السجن. لا تقدم في مجال حقوق الإنسان. ستشهد المملكة في العام الحالي المزيد من الانتخابات الزّائفة، ولن يُسمّح بمشاركة الجمعيات المعارضة الأساسية في البلاد فيها.

يتوجب على إدارة بايدن أن تكف عن الادعاء أن الوضع يتحسن، وأن تدفع علنًا باتجاه الإصلاح وتُكرّر دعوة أوباما إلى الإفراج عن الزعماء السّياسيين.

ربما يتوجب على الولايات المتحدة أن تنقل حقوق الإنسان من الصدارة الافتراضية في سياستها الخارجية إلى خطابها، وتبدأ بقول الحقيقة عن حلفائها المستبدين في البحرين -والسعودية والإمارات ومصر وغيرها. وفي حال عدم حدوث ذلك، بإمكانها التزام الصّمت والكفّ عن الادعاء بأنّ حقوق الإنسان تقود سياستها الخارجية.

*براين دولي باحث في حقوق الإنسان وأستاذ زائر في يونيفرسيتي كوليدج بلندن. قدم تقارير عن قضايا حقوق الإنسان في البحرين على مدى أعوام، وعلى الرّغم من محاولاته المتكررة لزيارة المملكة، منعته الحكومة البحرينية من دخولها منذ العام 2012. وهو حائز على الدكتوراه في النضالات العابرة للأوطان من أجل الحقوق المدنية من جامعة إيست أنجليا. 

النص الأصلي