أبو كشمة: طوارئ السلمانية بذكريات سعودية
بوكشمة - 2022-05-27 - 4:01 ص
قال صديقي السعودي قبل 15 سنة اخذت الوالد والوالدة البحرين وشكا الوالد من ألم في القلب والصدر، لذا أخذته لطوارئ السلمانية، وذهلنا من المعاملة الأكثر من رائعة من قبل الأطباء والممرضين البحرينيين، ولا زلنا اذا أردنا ان نحلي الجو بالعيلة نذكر الوالدة كيف أن الممرضات يدللن الوالد وهو مكيف وهي تقول "ما صدق الشيبه وحده تقول له يبه والثانيه حجي والثالثه عمي وده يمرض كل يوم " فيرد الوالد مدافعا عن نفسه " إنت نسيت إنك اشوي وتحضنين الدكتور البحريني هذا مو تشبب يا العجوزه!! " فترد الوالدة "أي أحضنه لأن أنقذ حياتك ودار باله عليك. كنت خايفه عليك بس إنت مو كفو".
يقول صديقي فعلا لما عدت الرياض، صرت في كل مجلس وفي كل مناسبة أقارن الجودة التي يقدمها المواطن ابن البلد المخلص لعمله وبلده وأضرب مثل طوارئ السلمانية، إذ كان يشكل البحرينيون أكثر من 85% من الموظفين في طوارئ السلمانية، ولكن الآن يبدو أن المعادلة انقلبت. واسمع ما حدث لي قبل كم شهر كنت مع أم العيال في البحرين واذا بي أشعر بألم شديد في الظهر والخاصرة مع ضيق تنفس، المهم طلبنا تكسي وطلع بحريني وأخذنا لطوارئ السلمانية واعتقدنا أننا وصلنا المكان المناسب. ولكن هذا الاعتقاد الراسخ زال تماما حينما استقبلتنا ممرضه هندية عند الخيمة، وسألت زوجتي بالانجليزي التي لا تجيدها وبعدها بعربي مكسره "سنو في مشكل مريد" طبعا الممرضه أيضا لم تفهم على زوجتي سوى قراءتها لحركة اليد وما تشير إليه.
قلت في نفسي " ما عليش خالين هندية لان الشغلة روتينية وليست فنية فالبحرينيون ما شالله عليهم فنانين " وضعتني زوجتى على الكرسي المدولب التي جلبته وهي تتمتم بكلمات لم أفهم منها سوى أنهم مثل النمل! جرتني للداخل ووجدت نفسي كأني في سوق الحراج يوم الجمعة ولكن ليس في الرياض ولا في الإحساء وإنما في كيرلا بجمهورية الهند ! أولا 90% من المرضى والمراجعين هم من الجنسية الآسيوية وخاصة البنغالية و95% من الممرضات والممرضين هم من ولاية الكيرلا واللغة السائدة هي المليام والانجليزي مع هز الرأس .
لمست حيرة وضيق زوجتى التي وجدت نفسها ضعيفة وغريبة في بلد عربي خليجي شقيق ولسان حالها يقول أينبغي أن أعرف الإنجليزي أو الهندية لكي أتفاهم مع هؤلاء !. انتظرنا كثيرا وكانت الممرضات يتكلمن بصوت عالي أكثر مما يعملن.
واستدرك صديقي السعودي بأن زوجته اتصلت على أخيها الذي لديه معارف من علية القوم وهم اتصلوا للمساعدة وأخيرا توصلوا للمسئول وكان أيضا من الجنسية الهندية وبناء عليه أتى طبيبان بحرينيان صغار السن مجهدين من كثر العمل والضغط أو من الاغتراب حتى أتى الدكتور الهندي ( حتما شهادته مزورة) وشخص حالتي ( إنها مجرد شد عضلي سيزول الألم مع المسكن ) المهم المسكن أخذ مفعوله ببطء ليخفف الألم، ولكن بشكل عكسي يزيد القلق على صحتي والحسرة على هذا الصرح وعلى البحرينيين، المهم بسرعة ذهبت لمستشفى في الشرقية وتم تشخيص حالتي " فتق في الشريان الأورطي " وتم عمل عملية سريعة أنقذت حياتي .
ويختمها الصديق بقوله "أنا أنقذت حياتي ولكن صرخات المرضى وخاصة السكلر لا زلت أسمعها وأتساءل ما مصيرهم؟ كم أتأسف على زيارتي الأخيرة وليتني لم أقم بها لتظل الصورة المثالية عالقة بذهني كما أني أتأسف على الشباب البحريني وهو من أذكى وأنشط وأوعى الشباب الخليجي وأتساءل لماذا يتم استبعاده؟ ولمصلحة من؟ في الوقت أن لدينا السعودة والإحلال على قدم وساق وكذلك فعلت الكويت وعمان وحتى الإمارات وقطر أم هي عين عذاري البحرينية تسقي البعيد وتخلي القريب؟
أبو كشمة لم يعلق سوى بعبارة "لا تستغرب انت بلد العجائب، فالبحريني وحده غريب في بلده" .