انتخابات البحرين بين معزول ومعتزل... 2.6% فقط من المترشحين ينتمون لأحزاب سياسية

البحرين: انتخابات سياسية بلا سياسة وبلا أحزاب أيضا
البحرين: انتخابات سياسية بلا سياسة وبلا أحزاب أيضا

2022-11-03 - 3:24 م

مرآة البحرين (خاص): انتخابات البحرين التشريعية لا تشبه أيا من الانتخابات الديمقراطية في الشرق والغرب، فهي انتخابات سياسية بلا سياسة، وبلا أحزاب أيضا، فهي واحدٌ من اثنين: إما معزولٌ أو معتزل!

لقد هندست العائلة الحاكمة تركيبة الانتخابات، بشكل يسمح لها بالتحكم في مخرجاتها بدءا من توزيع الدوائر الانتخابية حتى تحديد من يحق له ومن لا يحق له ممارسة حقوقه السياسية، وهي من اختار المترشحين وحدّد قوائم الناخبين.

أدت قوانين «اجتثاث المعارضة» إلى حرمان جميع منتسبيها من حق الترشح، حتى وإن لم يشغلوا مراكز قيادية داخل أحزابهم. 

وحرمت تلك الإجراءات جميع منتسبي أحزاب المعارضة الرئيسيين (الوفاق، وعد، العمل الإسلامي) من حقهم في الترشح لعضوية البرلمان، على الرغم من خيار تلك الأحزاب مقاطعة الانتخابات التشريعية المزمع عقدها الشهر المقبل. 

وحصل أن ترشح أعضاء غير قياديين في جمعيات معارضة كالوفاق، بينهم النائب السابق علي شمطوط إلا أن اللجنة المشرفة على الانتخابات رفضت ترشحه. 

وكانت الحكومة قد أقرت العام 2018 قانونا يحرم أعضاء الجمعيات المعارضة التي تم حلها من الترشح لعضوية البرلمان، قبل أن تعدل على القانون ليشمل جميع المؤسسات الأهلية في البلاد، كالأندية والصناديق الخيرية. 

ومع تصفية الأحزاب المعارضة انتفت الحاجة للأحزاب السياسية الموالية للحكومة. فبعد أن تم عزل المعارضة بموجب القانون، تم الضغط على أحزاب موالية مثل الإخوان والسلف للتواري عن المشهد السياسي. 

ويقول المعارض إبراهيم شريف «في البدء اتفقت الجمعيات الموالية مع الحكومة على شيطنة الجمعيات والقوى المعارضة وشطبها، الآن تشكو الجمعيات الموالية من شيطنة الحكومة لها».

ويضيف عبر حسابه على منصة تويتر «الغريب انه بعد عقد لاتزال الجماعات الموالية لا تفهم قواعد اللعب: لاحاجة لفريق موال إذا غاب الفريق المعارض، لأنه لا توجد مباراة إلا بفريقين». 

وبالفعل، أعلنت جماعة الإخوان المسلمون تحت الضغط عدم تقدم أيا من أعضائها بطلب للترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى الديمقراطيات. فإذا كان الحزب السياسي لا يخوض الانتخابات بقوائم انتخابية فما هي وظيفته إذن؟ 

وحتى وإن تذاكت الجماعة بدعم مرشحين قريبين منها دون أن تعلن ذلك، فهذا لا يخفي حقيقة أن الحكومة هي من تحدد إمكانية إنخراط هذا الحزب أو ذاك في العملية السياسية التي تتحكم في كل مفاصلها، وأنها قررت أن لا حاجة للجماعة بعد تصفية المعارضة.

فمن أصل 12 حزبا سياسيا مرخّصا في البحرين، يخوض فقط 9 مرشحين منتمين لجمعيات سياسية الانتخابات. وإذا ما عرفنا أن عدد المترشحين للانتخابات التشريعية يبلغ 343 فإن نسبة المترشحين عن الجمعيات السياسية لا تتجاوز 2.6%. 

وعلى الرغم من تفاقم الأزمة السياسية في البلاد، لا تشتمل أيا من برامج المترشحين بما فيهم المنتمين للجمعيات السياسية على رؤى تخص الأزمة أو تصورات لتطوير المشاركة الشعبية في السلطة أو صناعة القرار الذي تتفرد به العائلة الحاكمة.

ويركز المرشحون على قضايا خدمية مثل الإسكان والتوظيف والتعليم، هذا إذا أقروا بوجود مشكلة. ويصرح عدد من الناخبين أن الدولة تقوم بواجباتها في تلك الملفات طمعا في الحصول على دعمها. 

ويُعتقد أن الحكومة تتحكم أيضا عبر مراكز الاقتراع العامة في الأصوات الانتخابية، حيث يمكن لها من خلال تلك المراكز ترجيح كفة مرشح على آخر، هذا إلى جانب توجيه أصوات العسكريين الذي يصوتون بأوامر يتلقونها من قبل رؤساء وحداتهم. 

لقد عملت الحكومة ومنذ إعادة العمل بالبرلمان العام 2002 على هندسة العملية الانتخابية من الألف إلى الياء، حتى صارت تتحكم في جميع مخرجاتها، وما يصدر عن البرلمان واحدة من الأشياء التي تتحكم فيها الحكومة، وهي لا تعدو في أغلبها «البصم على مراسيم الملك».