عبدالنبي العكري في حوار مثير مع «الكويتية»: ضباط في الجيش السعودي حاولوا التوسط في البحرين وتمّ صدهم

2012-10-07 - 7:25 ص


مرآة البحرين (خاص): كشف رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري إن ضباطاً سابقين في الجيش السعودي والحرس الوطني طرحوا العام الماضي إمكانية التوسط في البحرين، وقد رحبت بهم المعارضة «لكن عندما ذهبوا إلى من يعنيه الأمر صدوا». وقال في حوار مثير مع صحيفة «الكويتية» اليوم نشر على صفحتين بأن الضباط الذين حاولوا القيام بالوساطة «كانوا متطوعين، لكن لهم نفوذ ولديهم علاقات وبينهم شخصيات نافذة». ورأى أن المخرج من الأزمة في البحرين «صعب المنال، لكنه ليس مستحيلا»، مشيراً إلى وجود عاملين مؤثرين «أن يدرك النظام وأساطينه أن مصالحهم الاقتصادية ستتضرر بشكل كامل، وأن يدرك حلفاء البحرين بأن هذا الموضوع على المدى البعيد، والمتوسط والقريب ليس في مصلحتهم، وهم يدركون ذلك، على الأقل الدول الغربية تدرك ذلك».

وقال إن «ما يجري في البحرين حركة من أجل التغيير، انتفاضة سلمية تمثل غالبية شعب البحرين وليس كل الشعب»، معتبراً أن «إرهاصاتها لم تبدأ في 14 فبراير/ شباط 2011، بل سابقة لهذا التاريخ».

وأضاف «رياح الربيع العربي جاءت لتعطي زخما أكبر لها، ولتتوحد قوى التغيير حول أهداف كبرى» على حد تعبيره.

وتابع رداً على سؤال عن الصفة الطائفية التي تعطى للحركة في البحرين «إن أي نظام سياسي يواجه معارضة يتهمها بشيء نقيض، وذلك كما في بلدان أخري، ففي مصر وصفت مثلا بثورة الغوغاء، في بلدان أخرى في اليمن وصف التحرك بأنه تحرك المتطرفين والمتشددين، لكن في الواقع العملي هي ثورة معظم الشعب البحريني»، مضيفاً «في وقت من الأوقات كان النظام يتهم من يعارضه بأنه عميل للاتحاد السوفييتي، وفي وقت آخر، يتهم المعارضة بالعمالة لمصر ولجمال عبدالناصر وغيره».

وعلق رداً على سؤال آخر بشأن الدور المنسوب لإيران «إن الوقائع هي التي تكذب هذه الأوهام، وأنا أتساءل من صاحب المصلحة في هذا الاتهام، بالتأكيد هي الولايات المتحدة الأميركية، ولكننا لاحظنا أن الإدارة الأميركية أعلنت أنها لم تجد ما يثبت ارتباط المعارضة البحرينية بإيران».

تحدث العكري عن علاقات المعارضة مع الولايات المتحدة الأميركية «نحن سواء الجمعيات السياسية المعارضة أو منظمات المجتمع المدني لا نصف هذه الدول كأصدقاء أو أعداء، نحن نقيم علاقات مع المجتمع، ونحاول أن نكسب لقضية شعب البحرين لأننا نملك قضية عادلة ونحاول أن نقنع بها العالم، حتي لو كان هناك من يؤيدها بنسبة 1 بالمئة أو 90 بالمئة، فنحن على استعداد لإقامة علاقات معه».

ورأى أن «غالبية الدول خصوصا الدول الكبرى الديمقراطية، والتي لها علاقات إستراتيجية مع البحرين ومصالح في البحرين أصبحت تدرك أن مصلحتها هي أن تحل الأزمة سياسيا، وأن تستقر الأوضاع ليعود الاستقرار إلى البحرين، ولذلك نجد الآن أن غالبية الدول الكبرى تدفع من أجل أن يكون هناك مفاوضات بين النظام في البحرين وحلفائه من القوى السياسية والمعارضة وحلفائها من القوى المجتمعية».

وعما إذا كانت الظروف قد نضجت لإقامة حوار بين الحكم والمعارضة، أوضح «أنا أقول الآن إن هناك توافقا، ولكني غير متأكد ما إذا كان سيقبلون مشروع تقدمه الدول خصوصا تلك الحليفة للبحرين لفتح المفاوضات».

وأضاف رداً على سؤال عن جدية الحكومة في تنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان «نحن لدينا قناعة بأن تركيبة الحكومة الحالية لا يمكن أن تنفذ، لأنه لا يمكن لنظام ما أن يعاقب نفسه، لذلك تقول إنه من دون إحداث تغييرات جوهرية والإتيان بحكومة ائتلافية مؤقتة ومحل ثقة، لا يمكن أن نجد حلا للأزمة».

وقال «هناك شكوك كبيرة لدى المجتمع الدولي بشأن جدية حكومة البحرين في تنفيذ هذه التوصيات، لكنهم أمهلوها إلى شهر مارس/ آذار القادم، موعد الدورة القادمة مجلس حقوق الإنسان».

وتابع «طالبنا بوجود آلية مراقبة دولية تتمثل في حضور دائم للمفوض السامي لحقوق الإنسان، وأن تكون هناك أهداف محددة، جدولة ونتائج يمكن التوصل لها ومشاركة المجتمع المدني في الإشراف والتنفيذ«، مضيفاً «هناك مفاوضات الآن حول هذه الأمور بين المفوض السامي وحكومة البحرين. ولا نعتقد أن حكومة البحرين ستقبل هذه المطالب، ولذلك يجب أخذ قرار في مجلس حقوق الإنسان خلال دورته القادمة في شهر مارس/ آذار من العام المقبل حول هذا الموضوع».

واستدرك «من هنا نحن كمجتمع مدني في البحرين نطالب بعقد جلسة خاصة لاتخاذ مثل هذه القرارات».

وقال العكري رداً على سؤال بشأن ما إذا لم تنفذ الحكومة توصيات لجنة بسيوني وموقف المجتمع الدولي من ذلك «هذا الموضوع هو إرادة دول وتوافق دول، لكن مجلس حقوق الإنسان يستطيع أن يعقد في مارس/ آذار القادم جلسة خاصة حول البحرين ويتخذ قرارات مهمة، منها تعيين مقرر بتقارير دورية، بدلا من أن تتولى حكومة البحرين ذلك، وعندها يمكن اتخاذ إجراءات أخرى».

وأضاف «تستطيع الدول منفردة أن تعرض عقوبات مثلا، فالولايات المتحدة لديها اتفاقية تجارة حرة مع البحرين، وهي تخرق كل يوم، هذا مثلا في الجانب العمالي منظمة العمل الدولية التي منع وفدها من حضور مؤتمر العمال في البحرين، كل هذه الدول تستطيع أن تأخذ إجراءات كدول».

وتابع رداً على سؤال عن كيفية طمأنة دول الجوار، كالسعودية  «لو كان الشعب البحريني يريد أن يلتحق بإيران لكان فعل ذلك خلال الاستفتاء الذي أجرته الأمم المتحدة بالعام 1971، وكان لديه حينها خياران: حكم آل خليفة أو حكم إيران»، معتبراً أن «هذه القضية مفروغ منها، والمعارضة تؤكد على الدولة المدنية الديمقراطية وليس الدينية أو الالتحاق بأي مرجع آخر».

وتعليقاً على سؤال عن اتهامات للمعارضة بممارسة العنف، أوضح «في الدول الغربية مثلا تجرى الاحتجاجات بصورة عنيفة، مثلا في إسبانيا، وهي دولة ديمقراطية، تسد الطرق السريعة بالعجلات وتحرق وترمى الشرطة بالزجاجات الحارقة، وتحدث هذه الأمور في قلب لندن وقلب باريس، ولم تلصق لهم تهمة الإرهاب بمنظمي مثل هذه التظاهرات». وأضاف «طبعا أنا لا أدعو إليها، لكن العنف أساسا هو عنف السلطة، العنف الذي حصد حتى الآن أكثر من مئة شهيد، العنف الذي حصد شهداء مباشرة بعد اجتماعات جنيف وآلاف الجرحى، هذا هو عنف الدولة وإرهاب الدولة لا المعارضة، وهو الأهم، وردود الفعل هي عوارض».

وقال «الناس في البحرين لا تملك أسلحة كما هو الحال في دول أخرى أكثر ما يمكن أن يحصلوا عليه هو سكاكين المطبخ».

ورأى أنه «لا توجد مخاوف من أن تتحول الاحتجاجات إلى العنف المسلح، والمعارضة والمجتمع المدني يؤكد سلمية التحرك»، معتبراً أن «التهويل بانفجار الوضع مجرد تهويلات وفبركات، حتى الاتهامات بوجود أسلحة، كلام فاضي».

وأضاف «لا توجد لا أسلحة ولا أي شيء، مجرد تهويل من أجل ابتزاز الدول الأخرى، وتضليل الرأي العام العالمي، واستعدائهم على الحراك السلمي في البحرين».

•هل تعتقد أن المعارضة موحدة في مطالبها بالإصلاح، هناك من رفع سقفا أعلى من الآخرين؟

- هناك أجنحة صغيرة خارج النطاق، أما الجمعيات التي تعمل في الإطار العلني، فهي تملك موقفا موحدا ولديها وثيقة أساسية للإصلاح، وهي وثيقة المنامة التي أعلنتها في 23 أكتوبر الماضي.

الأكثر أن المعارضة تقبل إضافة إلى ذلك ثلاث وثائق أخرى: مقررات لجنة بسيوني، مقررات الأمم المتحدة في جنيف، والنقاط السبع التي طرحها ولي العهد، وهذه الوثائق الأربع متكاملة.

• هناك من يتحدث عن تباين لدى النظام حول أساليب حل الأزمة. هل هناك شيء ملموس حول ذلك؟

- هذا الحديث يدور في الساحة السياسية، وهناك تباين في التعبير ولكن هذا شأن الأسرة الحاكمة، نحن نقول إن هناك مؤسسة دستورية تحكم هي المسؤولة عما يجري.

الملك ورئاسة الوزراء وولي العهد هذه هي المؤسسات الحاكمة، هؤلاء مسؤولون عما يحدث، وهم يتحملون مسؤولية التوصل إلى حل تفاوضي سياسي.

• هل تتوقع أن تشهد حلا قريبا لهذه الأزمة التي طالت نوعا ما؟

- أزمة التسعينيات استمرت عشر سنوات، وهذه الأزمة مضى عليها أقل من سنتين، لا بأس مادامت الحكومة معاندة، فالشعب يملك نفسا طويلا ولديه إمكانات الاستمرار، ولن يتراجع.

هم الذين سيخسرون في النهاية، ويستقوون بالدعم الخليجي، سواء المادي أو السياسي، ولكن هذا لا يعالج الوضع الاقتصادي المتدهور، وبالنهاية مصالحهم هي التي ستتدهور.

صحيح أن الشعب يتعرض لخسائر، ولكنه متعود على الحرمان ويعيش الحرمان.

• كيف يستطيع الشعب البحريني أن يستمر في تحمّل الوضع الاقتصادي المتردي. كيف تسير الحياة في البحرين؟

- هناك طرق وأساليب كثيرة، هناك صناديق خيرية، وتوجد صناديق لدى كل عائلة، هناك تضامن، وهناك توجه لدى المواطنين لإنشاء مشاريع صغيرة في القرى وغير ذلك.

الدولة الآن تنتهج سياسة عدم توظيف الشيعة، للأسف، وهم الغالبية، وهم المتضرر الأكبر، وهناك خريجون كثر الآن بلا عمل، ولم يوظفوا، هناك تمييز في المنح والبعثات الدراسية.

نحن ندرك أن هذا الوضع صعب على المواطنين، ولكن الناس تقبل بذلك وتقدم الشهداء، ومستعدة لتحمل المعاناة الاقتصادية لتحقيق أهدافها المحقة، وهذا أمر طبيعي.

• بالنسبة لقوات درع الجزيرة هل خرجت من البحرين؟

- لا لم تخرج، وهي موجودة في المعسكرات، وتشكل احتياطيا للقوات المحلية، وهذه إستراتيجية النظام، هذه القوات قوات احتياطية.

• هل حصلت محاولات للحوار بين المعارضة والحكومة السعودية مثلا؟

- نعم قبل سنة اتصلت بالمعارضة بعض الشخصيات السعودية، بعضهم ضباط سابقون في الجيش والحرس الوطني، وطرحوا إمكانية التوسط، فقيل لهم تفضلوا، ولكن عندما ذهبوا إلى من يعنيه الأمر صدوا.

• هل كانت مبادرة رسمية أم شبه رسمية أم خاصة؟

- كانوا متطوعين، لكن لهم نفوذ ولديهم علاقات وبينهم شخصيات نافذة.

• لماذا لا تتجه المعارضة بهذا الاتجاه وتحاول فتح باب للحوار مباشرة مع الحكومة السعودية؟

- إذا كانت السفارة السعودية في البحرين لا تدعو الشخصيات التي كانت تدعوها سابقا لبعض الاحتفالات الوطنية السعودية، ولم يبدوا رغبة في اللقاء مع رموز المعارضة، وإذا كانت الكويت وهي الدولة المعتدلة والمشهورة باعتدالها أرسلت بعثة للتوسط، وصدت هذه المحاولة.

• هل يمكن القول إن المخرج من الأزمة صعب المنال؟

- هو صعب فعلا، لكنه ليس مستحيلا. هناك عاملان: أن يدرك النظام وأساطينه أن مصالحهم الاقتصادية ستتضرر بشكل كامل، وأن يدرك حلفاء البحرين بأن هذا الموضوع على المدى البعيد، والمتوسط والقريب ليس في مصلحتهم، وهم يدركون ذلك، على الأقل الدول الغربية تدرك ذلك.

• أشرت إلى استمرار أزمة التسعينيات عشر سنوات، فإلى متى تتوقع أن يستمر هذا الحراك؟ 

- لا أدري، فحراك الجماهير والثورات الشعبية لا يمكن التنبؤ بدقة بالزمن الذي سيستغرقانها لتحقيق إنجازاتهما، لكن الشيء الذي أنا متأكد منه أن الناس في البحرين خرجت من بيوتها، ولن تعود إليها أبدا قبل تحقيق مطالبها.

• في موضوع العراق لاحظنا أنه كانت هناك محاولة للتحرك لمساندة تحرككم في البحرين منذ بداية الأزمة، وصدرت ردود فعل قوية جدا، لكننا لاحظنا أن هذه الأصوات خفتت نوعا ما. ما الذي حصل؟

- لا أدري، لكن ما أريد أن أقوله إننا ضد أي استخدام سياسي لدعم الشعب في البحرين من أجل مكاسب.

نحن نريد دعم جميع القوى المؤمنة بحقوق الإنسان من دون شروط ولا نريد أن نقتصر على طيف سياسي معين أو فريق معين.

• هناك بعض الدول التي تؤيد تحرككم بشكل رسمي، هل يمكن أن تلجؤوا لها في محاولة الاستفادة السياسية أو حتى الاقتصادية؟

- ليس هناك دول تؤيدنا بالكامل، هناك دول تقول نؤيدكم في مطالب معينة، وذلك إضافة إلى أن النضال في البحرين نضال داخلي وسلمي لا يحتاج إلى شيء آخر.. طبعا السلاح مستبعد.

ومن يريد أن يؤيد نضال شعب البحرين يستطيع ذلك، مثلا منظمة «أطباء بلا حدود» جاءت إلى البحرين بسرية وحاولت إقامة عيادات لمعالجة الجرحى، ثم أغلقت.

وفي أيرلندا يستقبلون جرحانا ويعالجونهم على حسابهم، نحن مع أي تحرك من أجل حث حكومة البحرين على الحل التفاوضي، وهذا هو الشيء الذي تستطيع الدول أن تقدمه، سواء منفردة أو من خلال هيئات كالأمم المتحدة مثلا، أو منظمة المؤتمر الإسلامي أو الجامعة العربية.

• لكنكم سعيتم إلى تدويل الأزمة في الجانب الحقوقي على الأقل؟

- نحن لم ندول الأزمة، والأزمة مطروحة، أصلا البحرين تقدمت عام 2008 للخضوع للمراقبة الدورية الشاملة في الأمم المتحدة، وما حصل حتى الآن هو نتيجة المراجعة الدورية الشاملة.

طبعا البحرين عضو في المنظومة الدولية وملتزمة بالاتفاقيات الدولية، وهذا لا يعني أننا نحن الذين سعينا إلى التدويل.

الواقع هو أن البحرين جزء من المجتمع الدولي وملتزمة بالقانون ووقعت على اتفاقيات دولية.

• هل لجأتم إلى الجامعة العربية أو إلى منظمة المؤتمر الإسلامي قبل توجهكم باتجاه المنظمات الدولية؟

- الحكومة هي التي بادرت باتجاه الأمم المتحدة، أما جامعة الدول العربية فالتجربة معها «مريضة»، ووفود المعارضة التي ذهبت إلى القاهرة اتصلت بالجامعة العربية، وهناك أشياء أخطر لم تولها الجامعة أي اهتمام، أستطيع أن أقول إن نظام الجامعة العربية هو نظام عقيم.

• وماذا عن منظمة المؤتمر الإسلامي؟

 - منظمة المؤتمر الإسلامي أسوأ من الجامعة العربية، يكفي أننا نعرف النفوذ الطاغي فيها، نحن لدينا إمكانات محدودة لا نريد أن نضعها في أشياء لا طائل منها، لسنا دولة، وكل هؤلاء الذين ينشطون معنا هم متطوعون، ويعاقبون على أعمالهم أيضا، فبدلا من أن نضيع جهودنا في مؤسسة نعرف أنها عقيمة، نستثمر هذه الجهود في مؤسسات منتجة.

- هل حاولتم التواصل رسميا مع مجلس التعاون الخليجي؟

-أحيانا تتم هذه الاتصالات من خلال المؤتمرات، ولكن مجلس التعاون الخليجي أصبح ملكيا أكثر من الملك.

• بأي معنى؟

حتى الآن في جميع المواقف تجد أن الأمين العام والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي وفي أي وقت تتخذه الحكومة البحرينية يزايد عليها.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus