محمد المصلّي: كيف وجّه أهالي الدراز رسالة قويّة لوزارة الداخلية؟

حضور هزيل في الاستعراض العسكري الذي نظمته وزارة الداخلية بمناسبة العيد الوطني عند ساحل أبوصبح بالدراز - 23 ديسمبر 2022
حضور هزيل في الاستعراض العسكري الذي نظمته وزارة الداخلية بمناسبة العيد الوطني عند ساحل أبوصبح بالدراز - 23 ديسمبر 2022

محمد المصلّي - 2022-12-24 - 7:21 م

لا يخفى على أحد، أن ممشى ساحل أبو صبح يغصّ في نهاية كل أسبوع بالآلاف من المرتادين والمتنزهين وممارسي الرياضة وعشّاق السيارات، وهو الأمر الذي لا شك أن وزارة الداخلية أرادت استغلاله في استعراضها العسكري هناك، يوم الخميس الموافق 22 ديسمبر 2022م والذي أقامته بمناسبة العيد الوطني تحت عنوان (قائد شعب وفرحة وطن)، لتقول إنها أجرت احتفالاً بهذه المناسبة في منطقة تنتمي للمعارضة، وأنّ تجمعاً وتفاعلاً جماهيرياً حدث جرّاء ذلك، يعكس تغيّراً في أوساط المعارضة، ويساهم في ترميم الحالة النفسية للسلطة، بعد أن دخلت هذا العام في حالة اكتئاب وهستيريا، إثر الفشل الذريع لاحتفالات العيد الوطني، وعدم التجاوب الشعبي من شارع الموالاة قبل شارع المعارضة!

وبالرغم من التحشيد الذي حاولت الوزارة خلقه للفعالية الاستعراضية العسكرية، من خلال إيعازها لمدارس المنطقة بتوجيه الدعوة لأهالي الطلبة عبر الرسائل القصيرة، وكذلك المحافظة الشمالية، إلا أنّ دعوات شعبية عفوية انطلقت لإخلاء الممشى، أفضت إلى تجاوب كبير.

وقد أظهرت صورة جوية نشرتها وسائل الإعلام المحلية حجم المشاركة الهزيل، والذي لا يعكس الأعداد الكبيرة التي تتوافد بداية عطلة الأسبوع هناك، والتي أرادت الوزارة توظيفها في فعاليتها.

وفي ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة يمرّ بها المواطن البحريني نتيجة سياسة الإفقار والفساد والتمييز والتجنيس، فقد واجهت السلطة صدوداً واضحاً من شارع الموالاة، فرض نفسه بقوّة على احتفالات العيد الوطني، والتي لم تلاقِ تفاعلاً شعبياً، وهو ما يعكس حالة من الاحتقان يعيشه شارع الأخوة الموالين!

واضافة للهمّ الاقتصادي والمعيشي المشترك، لا تبدو السلطة جادّة في حلحلة الأزمة السياسية والحقوقية، وتستمر في احتجاز قيادات المعارضة وآلاف المعتقلين، وهو الأمر الذي يشكل جداراً صلباً بينها وبين شارع المعارضة، الحانق عليها جدّاً، والذي لا يُبدي أي استعداد للتفاعل والتجاوب، بل يعتبر نفسه مستهدفاً في كلّ وقت وآن.

أما عن المنطقة، الدراز، فهي واحدة من المناطق العصيّة على السلطة، فبالإضافة لتاريخها الطويل في الصراع، تضم مقبرتها 9 شهداء قضوا على يد عناصر وزارة الداخلية، ولا زال أكثر من 170 معتقلاً من المنطقة يقبعون خلف قضبان السجون، فيما يقضي العشرات من أبنائها بين الدول والمنافي في الخارج هرباً من الملاحقة الأمنية.

ولا زالت ذاكرة المنطقة تحتفظ بأحداث ساحة الفداء، والحصار العسكري الخانق الذي ضربته وزارة الداخلية على الأهالي لأكثر من سنتين، والتي أدّت في النهاية إلى تهجير سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، بعد مذبحة ارتكبتها الوزارة في محيط داره.

ويمكننا بين كل هذا الركام أن ندّعي، أنْ لا أحد من الدراز، بشكل مباشر أو غير مباشر، سَلِم من بطش وزارة الداخلية، أو على الأقلّ، لم يشمّ رائحة غازاتها السامة، يوم كانت ترميها على المنازل أيام حالة السلامة الوطنية.

ولا شك أنّ ما بين منطقة الدراز وبين وزارة الداخلية أكثر من ذلك، في كلّ هذا التاريخ الوطني المليء بشريط المآسي، لكن ومن خلال خطوة بسيطة للأهالي، عندما أخلوا ممشى أبوصبح، وجّهوا رسالة قويّة للوزارة، مفادها أنّ اقتحام الدار من دون دعوة مسبقة، صفاقة بالغة القبح ومرفوضة.