أوراق 2022: السخط يتزايد في أوساط الموالاة ومحمد خالد للمشاركين "الله يعينكم"

لم يبق من تجمّع الفاتح إلا الأطلال بعدما تركهم بيت الحكم دون اهتمام
لم يبق من تجمّع الفاتح إلا الأطلال بعدما تركهم بيت الحكم دون اهتمام

2023-01-01 - 12:28 ص

مرآة البحرين (خاص): أن تخرج الأصوات المعارضة في البحرين للدعوة إلى الاحتجاج والاعتراض على الوضع القائم، فهذا أمر طبيعي، لكن أن تخرج أصوات موالية للسلطة، للدعوة إلى الاحتجاج على الواقع الراهن، فهذا يعني أنّ هذه الموالاة قد تضررت من السياسات الرسمية، وأن السخط قد بلغ مبلغا كبيرا لدى الموالين.
استفادت السلطة من الموالين في ضرب الحراك الديمقراطي في 2011 وما تلاه، وفتحت لهم باب العطايا والمنافع على مصراعيه، لكن بعدما استقرت لها الأوضاع فقد خففت اهتمامها بهم للحد الأدنى، وقللت مقدار المنافع، وتركتهم في صراع عليها مع من تم تجنيسهم منذ العام 2002 وما بعده وهي الفئة التي أصبح يسميها الموالون أنفسهم "المواطنون الجدد".
بدأ سخط الموالاة يرتفع مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والبلدية 2022، ففي سبتمبر أطلق المحامي عبدالله هاشم دعوة للعاطلين للبدء بحركة احتجاج شعبية، وقال لهم إن حياتهم تتم سرقتها لصالح العمالة الأجنبية، لكن هاشم تراجع عن تلك الدعوة بعد استدعائه من قبل إدارة الجرائم الإلكترونية.
وفي 21 سبتمبر أعلن الإخوان المسلمون في البحرين بشكل رسمي عدم ترشح أي من أعضائهم للانتخابات رغم إعلان تأييدهم للتجربة البرلمانية وإجراء الانتخابات.
الواجهة السياسية للإخوان في البحرين "جمعية المنبر الإسلامي" أعلنت ذلك على لسان أمينها العام إسماعيل العمّادي. ليس هناك حزب في العالم يؤيد تجربة برلمانية ما من دون أن يرغب في وصول أعضائه لمقاعدها النيابية. لكن تلك كانت الأوامر الصادرة من الديوان الملكي التي يحرص تيار الإخوان على طاعتها حفاظاً على مكاسبه. لقد اتخذ قرار "الانحناء للعاصفة" والانتظار حتى يأتي الضوء الأخضر من الديوان الملكي ذات يوم، وهو لم يأتِ، على الأقل حتى نهاية العام 2022. أما العضو المنبري والنائب السابق محمد خالد فكان أكثر أعضائها وضوحاً إذ نشر فيديو ألمح فيه إلى مقاطعة الانتخابات وإشفاقه على من سيشاركون الذين خاطبهم قائلاً "ما أقول إلا الله يعينكم".
وقد رفضت اللجنة العليا للانتخابات قبول ترشّح العديد من الموالين، ويمكن القول إنّ العزل السياسي أصبح أسلوب حُكمٍ، فصار يطبق على الجميع، المعارضة ومن لا يُرغب فيه من الموالاة أيضا.
أما جمعية الأصالة ممثلة التيار السلفي فعاشت تخبطا كبيرا، لكنّ وضعها مع السلطة أفضل قليلا من وضع التيار الإخواني، فالديوان الملكي يسمح لمن يختارهم بالترشح ويعترض على ترشح آخرين، لذلك غاب عن الترشح بشكل مفاجيء عبدالرزاق حطاب رئيس كتلتها النيابية في برلمان 2018، وترشّح النائب الثاني علي زايد مرشحًا مستقلًا في المحافظة الجنوبية وفشل في الفوز.
إضافة إلى ذلك، فإن عددًا من النواب السابقين في كتلة الأصالة، خاضوا الانتخابات بصفة مستقلة، إذ ترشح في المحرق كل من علي المقلة وإبراهيم بوصندل، بينما ترشح محمد بوحمود مستقلًا في المحافظة الشمالية. وقد فشل الثلاثة في الانتخابات، وعلى ضوء ذلك استقال علي المقلة من الأصالة، بينما تحدث إبراهيم بوصندل عن تدخلات ساهمت في فشله الانتخابي. وصرح بأن هناك من قال له عند إبداء رغبته في الترشح "بينتفونك" أي سيقومون بإيذائك في إشارة إلى الحكومة.
جمعية تجمع الوحدة الوطنية نجحت في إيصال نائب واحد فقط، وهي الجمعية التي نشأت من تجمّع الموالين في جامع الفاتح في 2011 لمناصرة الحكم.
بعد الانتخابات اشتكى مرشحون موالون علنا من التدخلات الرسمية ضدهم ما تسبب في خسارتهم، من أمثال لطيفة عيد، وعبدالله الحمادي، وعلي سعيد المعمري الذي تمت إحالته للمحاكمة بسبب تذمره من نتيجة الانتخابات وعمل اللجنة الإشرافية في دائرته.
أما رئيس البرلمان العربي النائب عادل العسومي فقد تمت إهانته عبر إسقاطه من قوائم المترشحين بعد أن شككت المحكمة في صحّة مقر إقامته، وكان العسومي آخر الوجوه المحسوبة على رئيس الوزراء السابق خليف بن سلمان. لكن السلطة بعد الانتخابات قامت بتعيينه في مجلس الشورى كي تحافظ على منصبه كرئيس للبرلمان العربي.
بعد الانتخابات تشكّلت قناعة داخلية لدى الموالين من أبناء الطائفة السنية بأنها لا حول لها أو قوّة، وأنّ نوّابها يصلون بالأوامر والتوجيهات الحكومية فقط لا الإرادة الشعبية رغمًا عن أنف كل تيارات هذه الطائفة وقواها الحيّة.
وجاء خبر منع السلطات المسؤول الرفيع السابق في القضاء البحريني سالم الكواري، من السفر خوفا من رحيله مع عائلته إلى قطر والعيش هناك بقرب قبيلته التي تعتبر من أقرب العوائل المقربة لآل ثاني حكّام قطر. جاء ذلك ليؤكد حالة عدم اليقين والتذمر الواسع لدى قطاع واسع من الموالاة التي باتت ترى القفزة الكبيرة لأحوال المواطنين في الدول المجاورة المزدهرة، بينما الوضع في البحرين يتردّى سياسيا واقتصاديا مترافقا مع مناخ أمني قاسٍ مقترنا ببذخٍ فاحش لأبناء العائلة الحاكمة.
وفي ديسمبر حيث يحتفل بيت الحكم بعيد الجلوس، بدا واضحا حجم السخط عند الموالين، فقد احتفلت منهم أعداد قليلة. أصبح الحكم معزولا مع عدد من قبائل قليلة مقرّبة، والمجنّسين طبعاً، بينما غالبية المواطنين شيعة وسنّة مهمشون ساخطون لكن بلا حول أو قوّة.