جسدٌ على «صدد»: حكاية اسمها علي نعمة !

2012-10-10 - 8:08 ص


* ياسر ميرزا

لأكثر من ساعتين ظلّ جثمان الطفل علي حسين نعمة ممدداً على الأرض. قريته «صدد» شاهدة على مستوى الجلافة التي بلغها المرتزقة الرحّالون. لم يكتفوا بقتله، طحنوا عظامه. أراد جنديّ بلا ضمير، تجريب تمرين «الحنكة» التي دُرّب عليها: قفز على صدره، سال دم «الورد» الشجاع من الجسد الشجاع، فارتفعت روحه إلى سدرة المنتهى. فيما ظلت قريته تحصي أنفاسه الأخيرة، لتصلها بأنفاس من سبقوه، أولئك الأجداد الغابرين.

يعود سبب تسمية قرية «صدد» البحرينية الواقعة غرب العاصمة المنامة بهذا الاسم لما عرف عن أهاليها من «التصدي» إلى المتسللين القادمين من البحر لسرقة فرضة (ميناء بحري) كانت تحوي بضائع تنقل إلى المنطقة الشرقية. بعد اكتشاف النفط في البحرين اتجه بعض الأهالي للعمل بشركة النفط بعد أن كانوا يعتمدون الفلاحة وصيد الأسماك كمصدر وحيد للرزق.

منذ إعلان حاكم البحرين الحالي حمد بن عيسى آل خليفة عن ما دعي «المشروع الإصلاحي» قبل 12 عاماً من الآن، ذاق أهالي قرية «صدد» التمييز في الخدمات والإسكان والتوظيف، رغم مجاورتهم لقصر الحاكم ورئيس وزرائه الذي اقتطع مساحات من مقبرة القرية لضمها لقصره.

لم يفوت أهالي صدد فرصة اللحاق بركب «الربيع البحريني» الذي انطلق منذ 19 شهراً، فكانت تنطلق مسيرات شبة يومية في شوارع القرية الداخلية وتنتهي قرب دوار القرية. قبل 4 شهور قضت مسنّة تدعى مريم ناصر من مواليد الثلاثينات اختناقاً بالغازات السامة التي أمر بإطلاقها أحد جيرانها، بعد شعارات كانت تطالب بالقصاص من قتلة الشهداء.

بعد 4 شهور من خنق المسنّه مريم بالغاز عاد الجار نفسه ليمزق بالرصاص جسد طفل لم يبلغ 18 عاماً كان يحاول الوصول إلى منزله الذي لم يكن يبعد عنه سوى بضع خطوات. لم يكتف الجار بالقتل فقط، بل أمر الجلاوزة بالتمادي في الجريمة. توجه القاتل إلى جسد الطفل لا للتأكد من وفاته، وإنما ليصعد برجله على ظهره الذي أمتزج لون دمه بدماء أجداده الصدديين المقاومين لعصابات السرقة.

ظل الطفل علي حسين نعمة على تراب «صدد» لأكثر من ساعتين، رمى كل ما تبقى من دمه ليخاطب الجار! بلغة أبلّغ من كل اللغات، لغة يخجل منها كل عربي، ويحللها مليون ثائر يعتمد السلاح بديلاً عن لغة الورد، ويتحدث بها 115 بحريني قتلوا ظلماً منذ الرابع عشر من فبراير (شباط).

* مدون بحريني 
Twitter: @Yalzaki
_____________________

التعليقات والردود التي تنشر تعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبر عن رأي "مرآة البحرين" بالضرورة. نستقبلها على البريد التالي: editor@bahrainmirror.com
 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus