كيف ردّت «محكمة السلامة الوطنية» على «التعذيب الممنهج» للكادر الطبي، وكيف رد «بسيوني» على المحكمة؟

2012-10-11 - 6:16 ص


مرآة البحرين (خاص): قبل أن نخوض في رد "محكمة السلامة الوطنية" على مطالبة المحامين بإسقاط اعترافات الأطباء لانتزاعها تحت "التعذيب"، لا بد أن نذكّر بعدة أمور:
 
أولا: بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 2012، اتهمت النيابة 17 من منتسبي قوات الأمن بينهم 7 ضباط بتعذيب الأطباء، وأحالت اثنين منهم إلى المحكمة،

ثانيا: بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2012، أسقطت محكمة الاستئناف كل اعترافات الأطباء، ولم تعوّل عليها في الحكم الصادر عنها ضدهم، ثم أيدت ذلك محكمة التمييز 
 
ثالثا: وثّق تقرير بسيوني بدقة، تفاصيل تعذيب الكادر الطبي، ووصفه "بالتعذيب الممنهج"، وهي كما يلي:
 
أسلوب القبض
 
الفقرة 1186 (أ): ألقي القبض على ثمانية وأربعين شخصًا يعملون ضمن الطاقم الطبي بمجمع السلمانية الطبي نتيجة الأحداث.....
 
ملخص الفقرة: كان من بين هؤلاء طبيب قبض عليه في مجمع السلمانية في تمام الساعة الرابعة عصرًا بتاريخ 17 مارس 2011 على يد أفراد من قوة الدفاع، وادعى ذلك الطبيب تعرضه للتعذيب وإجباره على أكل برازه، في أحد المواقع العسكرية.
 
الفقرة 1186 (د): قبضت قوة دفاع البحرين على طبيب في مجمع السلمانية الطبي بتاريخ 17 مارس2011 وسلمته إلى أشخاص يرتدون الملابس المدنية كانوا برفقة الشرطة. ادعى الطبيب أنه تم مصادرة بطاقة هويته وجواز سفره وحافظة نقوده ونظارته ومفاتيحه، ووضع في الحبس الانفرادي في مكان بالقرب من المستشفى حيث بدأ ضربه...
 
ملخص الفقرة: نقل هذا الطبيب مع 3 أطباء آخرين إلى مكان ما تحت الأرض، وتعرض للضرب مرارا بالخراطيم، واستخدمت الكلاب النابحة في التحقيق معه، ولم يسمح له بالجلوس وحرم من النوم وكان المسئولون يضعون أيديهم على مناطق حساسة من جسده، ولم ير عائلته ومحاميه إلا في المحكمة بعد شهرين و3 أسابيع من الاعتقال، وادعى الطبيب تعرضه هو والأطباء الأخرين للإساءة البدنية واللفظية في طريقهم إلى المحكمة. ومنذ ذلك الحين وهو يعالج لدى طبيب نفسي من جراء ما أصابه من اكتئاب شديد وتدهور في حالته الصحية.
 
عمليات القبض الأخرى جرت عبر اقتحام منازل الأطباء ومداهمتها من قبل ملثمين مسلحين تابعين لوزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني، ودون إبراز أي إذن قضائي، وكرر فيه إتلاف ونهب الممتلكات الشخصية، وقد وصف بسيوني أسلوب هذه العمليات بأنه "نمط سلوكي متكرر ومُصمم خصيصًا لبث الرعب في نفوس المقبوض عليهم وأفراد أسرهم والقاطنين معهم"
 
واعتبر بسيوني عمليات القبض هذه تشكل انتهاكا للقانون الدولي والقانون المحلي، وأن هذا كان أسلوب تدريب قوات الأمن، وحمّل المسئولية عن ذلك القيادات العليا في الداخلية وجهاز الأمن الوطني (أنظر التفاصيل، في المبحث الثالث، أسلوب تنفيذ عمليات القبض، ص 345)
 
وقد ذكر عدة أطباء(في الحالات التي وثقت في ملحق التقرير) أن عناصر الأمن استولوا على مبالغ طائلة ومقتنيات ثمينة من بيوتهم. كما أن جميع الأطباء عصبت أعينهم وكبلت أيديهم وبدأت الاعتداءات عليهم منذ لحظة الاعتقال.
 
الأساليب المستخدمة أثناء عمليات السؤال والاستجواب (التفاصيل في الفقرتين 1203 و1204)
 
1.    عصْب العينين وتقييد اليدين
2.    الإجبار على الوقوف
3.    الضرب المبرح (مورس حتى داخل المستشفيات حين ينقل إليها المعتقلون)
4.    استخدام الصواعق الكهربية والسجائر
5.    الضرب على أخمص القدم (الفلقة)
6.    الإساءة اللفظية
7.    الحرمان من النوم
8.    التهديد بالاغتصاب
9.    الإساءة ذات الطابع الجنسي
10. التعليق
11. الحبس الانفرادي
12. التعرض لدرجات حرارة متغيرة
13. أساليب أخرى مهينة وحاطة بالكرامة (مثل الإجبار على أكل البراز، وتقبيل ولعق أحذية قوات الأمن، وبصق الحرس في وجوه المعتقلين وفي طعامهم، وخلع الملابس كلها قبل الضرب، ومحاكاة مشاهد تنفيذ الحكم بالإعدام، وأخذ حبوب دوائية مجهولة)
 
النتيجة التي توصلت إليها اللجنة: تعذيب ممنهج، الغرض منه العقاب ونزع الاعترافات
 
الفقرة 1230: (الملخص) كان هناك أنماط معينة من السلوك التي كانت تنتهجها الأجهزة الحكومية. وكان هناك نمط سوء معاملة ملحوظ أكثر مع فئات معينة من الموقوفين (الذين أوقفوا على شكل مجموعة كما توضح الفقرة 1187) ومنهم أفراد الطاقم الطبي، وكان الغرض في الكثير من هذه الحالات هو الحصول على إفادات أو اعترافات تجرّم أولئك الأشخاص المقبوض عليهم، وفي حالات أخرى، كان الغرض المقصود من الحصول على إفادات من بعض هؤلاءالأشخاص هو استخدامها ضد أشخاص آخرين ينتمون إلى نفس الجماعة. 1
 
الفقرة 1234: تشتمل الأساليب الأكثر انتشاراً المستخدمة مع الموقوفين على ما يلي: تعصيب العينين، وتقييد اليدين، والإجبار على الوقوف لفترات طويلة، والضرب، واللكم، والضرب بخراطيم مطاطية (بما في ذلك على أخمص القدم) وأسلاك الكابلات والسياط والقضبان المعدنية والألواح الخشبية وأشياء أخرى، والوسائد الكهربائية، والحرمان من النوم، والتعريض للفروق الكبيرة في درجات الحرارة، والإساءة اللفظية، والتهديد باغتصاب الشخص الموقوف أوأفراد أسرته، وسب الطائفة الدينية التي ينتمي إليها الموقوف (الشيعة)
 
الفقرة1238 : وتبرهن المعاملة الجسمانية والنفسية السابق شرحها على حدوث هذه الممارسات بصور عمدية من قبل منتسبي جهاز الأمن الوطني ووزارة الداخلية. في بعض الحالات، كان الهدف من هذه الممارسات هو الحصول على الاعترافات والإقرارات بالإكراه، بينما في حالات أخرى، كان المقصود من هذه المعاملة هو الجزاء والعقاب. ويستخل صمن التحقيقات التي أجرتها اللجنة ولا سيما تقرير الطب الشرعي، أنه كانت هناك ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة البدنية والنفسية، والتي وصلت إلى التعذيب في عدة حالات، قِبل عدد كبير من الأشخاص المحتجزين في مراكز التوقيف.
 
 
(تفاصيل هذه التعذيب النمطي والممنهج، تجدونها من الفقرة 1188 إلى 1202)
 
حالات تعذيب الأطباء2 التي فحصت من خبراء الطب الشرعي المنتدبين من لجنة بسيوني:
 
الحالة رقم 13: دكتور باسم ضيف (ص 555)
الحالة رقم 14: دكتور غسان ضيف (ص 557)
الحالة رقم 16:  دكتور محمود أصغر (ص 559)
الحالة رقم 46: دكتور عبد الخالق العريبي (ص 583)
الحالة رقم 58: دكتورة زهرة السماك (ص 590)
 
ماذا كان رد "محكمة السلامة الوطنية"؟

"إن للمحكمة كامل الحرية في تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات في حق المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه مادي ومعنوي.

ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع فلها أن تأخذ به بغير معقب عليها.

وكان الثابت من الأوراق إن الاعتراف الذي أدلى به المتهمون جاء على نحو تفصيلي ومساير جدا مع أقوال الشهود وتقرير المختبر الجنائي مما تطمئن معه المحكمة إلى سلامة الاعترافات التفصيلية، وتأخذ بها كدليل إدانة ضد المتهمين.

فضلا عن أنه دفع مرسل، في وقت خلت الأوراق من ثمة ما يدل على تعرض أي منهم للتعذيب أو الإكراه ولم يقرروا به أمام النيابة حال مثولهم للتحقيق أمامها.

وبالتالي تبقى إقراراتهم صحيحة خالية من عيب الإكراه، الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى سلامة إقراراتهم أمام النيابة.

ومن ثم يضحى ما يثيره الدفاع في هذا الشأن في غير محله"

ص 43-44 من ورقة الحكم

وماذا كان رد "تقرير بسيوني" على المحكمة؟

"وقد تلقت اللجنة أدلة تشير إلى أنه في بعض الحالات، تغاضى العاملون في السلك القضائي والنيابة العامة ضمنيًا عن هذا الافتقار إلى المساءلة.
 
فعلى سبيل المثال، أثناء محاكمة أطباء مجمع السلمانية الطبي أمام محكمة السلامة الوطنية، قدم المتهمون شكوى تفيد تعرضهم للتعذيب وهم رهن التوقيف وأنه تم الحصول على اعترافاتهم تحت وطأة التعذيب. ولكن رفضت المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ 29 سبتمبر 2011، طلب المتهمين وذهبت في حكمها إلى أن الاعترافات تعتبر جزءا من مجمل الأدلة في القضية، وأدين كل المتهمين.
 
وقد استؤنف الحكم أمام محكمة الاستئناف المدنية، وفي جلسة الاستئناف الأولى بتاريخ 23 أكتوبر 2011، أسقط النائب العام التهم وتغاضى عن الاعترافات المقدمة.
 
وتقر اللجنة أنه تم تدارك الوضع فيما يتعلق بعشرين من الطاقم الطبي الذين أدانتهم محكمة السلامة الوطنية. ومع ذلك، يساور اللجنة كثير من القلق إزاء تصرف محكمة السلامة الوطنية على هذا النحو"!!  
 
(الفقرة رقم 1241- فصل النتائج)
 
 
بقية عار "محكمة السلامة الوطنية" في التقرير القادم.
 
تقارير ذات صلة لمرآة البحرين:
 

 
هامش:
 
(1) كالعديد من الفقرات المحرّفة في الترجمة، ترجمت هذه الفقرة بشكل يحرّف المعنى بوضوح في النسخة العربية، ليقلّل من وقع النتيجة. ولذلك لجأنا خلال نقلها إلى النسخة الأصلية (الإنجليزية).
 
وهذا توضيح للفرق بين النسختين:
 
النسخة الأصلية:
 
Not all of the detainees were subjected to all of the techniques described above. There was a more discernible pattern of mistreatment with regard to certain categories of detainees
 
ترجمة التقرير(المحرّفة):

لم تكن هذه الأنماط موحدة باستثناء ما يتعلق بسوء المعاملة مع فئات معينة من الموقوفين
 
الترجمة الصحيحة:

ليس كل المعتقلين قد تعرضوا إلى جميع الأساليب المذكورة أعلاه. كان هناك نمط سوء معاملة ملحوظ أكثر مع فئات معينة من الموقوفين
 
(2) عرض تقرير بسيوني 60 حالة من المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب على خبراء الطب الشرعي لفحصهم، حيث أكدوا تعرضهم للتعذيب الموصوف فعلا، وكان من بينهم بعض الأطباء، والملحق الثاني من التقرير يوثق تفاصيل كل حالة.
 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus